تتردد بين جنبات مساجد محافظة عدن باليمن، أصوات الأطفال والشباب وهي تصدح بتلاوة آيات من القرآن الكريم، طوال أيام شهر رمضان، لتعلم قراءته وتدبّر آياته ومعرفة الكثير من علومه، ومع دخول الأيام العشر الأخيرة يزداد الترقب لمعرفة من فاز ونال الأجر العظيم في حفظ الكتاب أو بعض أجزائه.
في المقابل تتعالى أصوات آخرين ما بين إجابة صحيحة وأخرى خاطئة في المسابقات الثقافية والدينية، التي عادة ما تصاحب برامج هذا الشهر وتخلق أجواء من البهجة والسرور في نفوس المئات منهم، وهم يملأون المساجد برفقة أهاليهم وأقاربهم.
في مسجد العادل في مدينة إنما السكنية في عدن، يحرص أكثر من 300 طفل وصبي على تعلم القرآن (حفظًا وتلاوة)، فيما يتعلم دون سن العاشرة أبجديات القراءة (نونية القراءة) والتلقين، التي تعد مدخلا أساسيا وهاما للقراءة والتلاوة بشكل صحيح.
يقول يحيى محمد، أحد مشرفي حلقات القرآن، وهو يتحدث، عن مختلف الفعاليات المقامة في المسجد خلال رمضان: «يحرص مشرفو المسجد على إقامة الكثير من البرامج والفعاليات منها حلقة الخير (لكبار السن)، من بعد صلاة الظهر، ومسابقة درس (أسماء الله الحسنى)، من بعد صلاة العصر».
ويضيف، بعد «صلاة التراويح يخضع أكثر من 300 طفل لبرامج ختم القرآن مع مجموعة من الأصوات المتميزة، وحلقات قرآنية، وبرامج تربوية، ومسابقات لكافة الفئات العمرية (ذكورًا وإناثًا)».
وأوضح، خلال هذه البرامج المتنوعة والفعاليات يقوم الأساتذة بتعليم الأطفال كيفية تلاوة القرآن في حلقات من مجموعات، كما يقضي بعض الأطفال أوقاتا ممتعة أمام شاشة تلفاز تم نصبها في قاعات المسجد، يتم فيها عرض قصص الأنبياء، ومع نهاية كل جلسة يتم تقديم الأسئلة والجوائز، من خلال ما تم مشاهدته».
وأشار أنه «بدخول العشر الأواخر من رمضان تبدأ عملية تكريم المتفوقين والفائزين في الحفظ والتلاوة والمسابقات الثقافية والرياضية».
وبيّن أن العشرات من حفاظ كتاب الله يتخرجون من المسجد سنويًا باعتباره أحد أكبر مساجد عدن، وعادة ما تكون أواخر رمضان أيام مناسبة لختم القرآن عند الكثير من الحفاظ».
وفي مسجد الشافعي في مديرية المنصورة في محيط عدن، يقف الحافظ لكتاب الله كاملا، علي محمد يحيى عبد القوي، أمام أقرانه ومعلميه ليتلو أمامهم آيات من القرآن مستعرضا إجادته التلاوة والحفظ، لتحفيز باقي شباب الحي على اقتفاء أثره.
يقول عبد القوي (15 عامًا) وهو يتحدث: «الحمد لله أولا وأخيرًا الذي أعانني على حفظ كتاب الله كاملًا في فترة وجيزة، وإن كان من كلمة شكر في هذه العجالة فهي لله أولاً، ثم للمعلمين في المسجد الذين بذلوا جهودا كبيرا في تعليمنا القراءة والتلاوة بشكل صحيح وصولا إلى تعليمنا كيفية الحفظ، دون أن أنسي تشجيع الوالد والوالدة لي».
وأرجع عامر محمد صالح، حفظه لكتاب الله كاملا إلى توفيق الله عز وجل له، وتشجيع والديه وجهود معلميه في مسجد الشافعي.
وأوضح أن لجلوسه في حلقات تعلم القرآن الكريم خاصة التي تُقام في شهر رمضان كان لها بالغ الأثر في حفظه المصحف الشريف كاملاً.
في السياق قال د. عمر محسن يحيى، أحد مشرفي حلقات القرآن في مسجد الشافعي، إن «لشهر رمضان خصوصية كبيرة عند غالبية الناس، وبالتالي نحن نغتنم مثل المواسم التي فيها الخير الكثير، ونقيم العديد من البرامج وأهمها البرامج التي تهتم بالقرآن».
واعتبر يحيى أن «المساجد هي المساحة الآمنة لإبداعات الشباب والحاضنة الأفضل لصناعة جيل متمسك بالأخلاق والقيم وتعاليم الدين والإسلام».