[ مليشيات الانتقالي المدعوم من الإمارات بعدن ]
أطلق «الانتقالي» حملة «سيوف حوّس» وبعد أيام من إطلاقها سقط قائد الحملة في كمين؛ وهو يأتي في سلسلة من الكمائن المتواترة التي استهدفت قوات هذه الميليشيا مؤخرا.
جاء مقتل القيادي في ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي، عبد اللطيف السيد، الخميس، ليدفع بأكثر من سؤال للمقدمة: ماذا أنجز «الانتقالي» في مواجهة عناصر تنظيم القاعدة منذ أطلق حملة «سهام الشرق» واستمرارها مؤخرا من خلال حملة «سيوف حوّس»؟ وكيف نقرأ تواتر الكمائن التي استهدفت قوات هذه الحملة في الأسبوعين الأخيرين بما فيها الكمين الذي قُتل فيه قائد الحملة وقائد قوات الحزام الأمني في محافظة أبين، السيد، بعد أيام من تعيينه على رأس هذه القوات والحملة الجديدة؟
قتل عبد اللطيف السيد قائد قوات الحزام الأمني، وهي ميليشيا مدعومة من الإمارات، وتتبع «الانتقالي» (الانفصالي) بعبوة ناسفة قضى مع عدد من رفاقه إثر انفجارها شرقي مديرية مودية بمحافظة أبين، لتمثل الحادثة منعطفًا مهمًا في المعركة التي تخوضها ميليشيا «الانتقالي» ضد عناصر تنظيم القاعدة في محافظة أبين.
وتتواجد عناصر ما يُعرف بجماعة «أنصار الشريعة» وهي ذراع محلي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب في محافظات أبين وشبوة وحضرموت، ويتركز وجودهم حاليا في محافظتي أبين وشبوة، وهو تواجد صار أكثر تنظيمًا منذ بدء الحرب المستعرة هناك في عام 2015 بينما يعود ظهورها بهذا الاسم إلى عام 2011 وفق بعض المصادر، ووصل بها الحال إلى بسط نفوذها على بعض المدن في مديرتي زنجبار وجعار في محافظة أبين، وبخاصة عام 2012 ليخوض الجيش اليمني معركة ضدها انتهت باستعادة زنجبار وجعار، وفرار بعض عناصر الجماعة إلى محافظة شبوة، وبعد خروج هذه العناصر من شبوة آخر معاقلها اُستهدف قائد الحملة حينئذ اللواء سالم علي قطن بعملية انتحارية في عدن قضى فيها مع عدد من رفاقه وآخرين، كما استمرت الجماعة في تنفيذ عمليات هجومية بين فترة وأخرى على مراكز حكومية في محافظة أبين.
في العام 2016 تم انشاء ميليشيات مسلحة تحت أسماء قوات الحزام الأمني في عدن ولحج وأبين، والنخبة الحضرمية في حضرموت والنخبة الشبوانية التي تحول اسمها لاحقًا إلى قوات دفاع شبوة في محافظة شبوة، بالإضافة إلى قوات العمالقة الجنوبية وغيرها من الميليشيات التي تدعهما الإمارات.
في محافظة أبين قرر المجلس الانتقالي خوض معركة ضد تنظيم القاعدة أو عناصر جماعة أنصار الشريعة؛ فاطلق قبل عام تقريبًا حملة عسكرية لقوات الحزام الأمني باسم حملة «سهام الشرق» واستطاعت هذه القوات خلال هذه الحملة تحقيق بعض التقدم في البداية كالسيطرة على معسكر عومران، والذي كان أكبر معقل لعناصر الجماعة في مديرية مودية؛ ومن ثم ظلت الحملة تراوح مكانها، ولم تحقق أي نتائج ملموسة حتى اليوم، وفي الوقت ذاته لم يتوقف نزيف قواتها كضحايا لكمائن العبوات الناسفة، التي تواترت في الأيام الأخيرة ملحقة خسائر في الأرواح بين أفراد وقادة ميليشيا قوات الحزام الأمني، وآخر هذه الكمائن استهدفت مؤخرًا قائد قوات الحزام في محافظة أبين الجديد، الذي عيّنه رئيس المجلس الانتقالي قائدًا لها قبل بضعة أيام وعلى رأس حملة عسكرية جديدة.
بالنظر إلى ما يتم الإعلان عنه باستمرار عن الحملة العسكرية التي تنفذها ميليشيا الانتقالي في محافظة أبين بهدف ملاحقة العناصر الإرهابية يستغرب المتابع عن عجزها عن تحقيق تقدم ملموس باتجاه تطهير المحافظة، التي تقع معظمها تحت سيطرة ميليشيا الانتقالي بالإضافة إلى محافظات عدن وشبوة وسقطرى، ما يؤدي إلى أكثر من سؤال عما يحدث، لاسيما بعد أن اضطر «الانتقالي» إلى إطلاق حملة جديدة باسم «سيوف حوّس» ليتفاجأ المتابع بعد أيام من إطلاقها بسقوط قائد الحملة في كمين؛ وهو الكمين الذي يأتي في سلسلة من الكمائن المتواترة التي استهدفت قوات هذه الميليشيا مؤخرا.
في قراءته لما تقوم به قوات المجلس الانتقالي وأسباب الاخفاقات التي تتواتر في حملته العسكرية، يقول الباحث السياسي اليمنيّ عادل دشيلة لـ «القدس العربي»: «أطلق المجلس الانتقالي حملته العسكرية العام الماضي على تنظيم القاعدة، لكنه قام بمفرده بالمهمة، ولم ينسق مع قوات الجيش اليمني، ولا مع القوات الأمنية الموجودة في المحافظة».
وأضاف: «يهدف الانتقالي من وراء هذه العملية العسكرية تحقيق عدة أهداف. أولا: يسعى لتحقيق انتصار عسكري في أبين، ومن ثم يقدم نفسه للمجتمع الدولي والإقليمي على أنه حليف يمكن الوثوق به في مواجهة تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية؛ وبالتالي ترضى عنه الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي».
وتابع: «لكن على الرغم من تقديم الدعم الكامل لوجستيا وماليا وعسكريًا من الإمارات لقوات الانتقالي إلا أنها لم تستطع التوغل في مناطق تلك التنظيمات، وتحقيق الانتصار في هذه المعركة في المناطق النائية».
واستطرد: «الهدف الثاني للانتقالي هو أنه يريد أن يقدّم نفسه على المستوى المحلي أنه قادر على مواجهة هذه التنظيمات؛ وبالتالي يقدّم نفسه على أنه ممثل لكل المناطق الجنوبية في سياق يخدم مشروعه الانفصالي، كما أن غالبية القوات التي يديرها الانتقالي من لحج والضالع».
وقال: «نحن ندرك أن قواته ليست على ما يرام؛ فهناك صراع مناطقي جهوي، وهناك صراع الزمرة والطغمة، بمعنى أن هناك صراع بمستويات ومسميات مختلفة».
وفيما يتعلق بالكمائن المتواترة أضاف: «واضح أن قوات المجلس الانتقالي تعاني من خلل في بنيتها الأمنية؛ لأن هناك عشرات ممن ينتمون لهذه القوات قُتلوا في هذه المعارك، بما فيها بعض القيادات، وفي المقابل لم يتم تحقيق أي انتصار ضد هذه الجماعات الإرهابية. لذلك يستدعي الوضع أن يكون هناك تعاون وثيق بين الدولة اليمنية والانتقالي، في سياق من التنسيق، ويكون هناك غطاء سياسي وعسكري وأمني للتحرك لمواجهة هذه التنظيمات الإرهابية بطريقة أكثر واقعية ومنهجية، لكن أن يواجهها الانتقالي بهدف تحقيق أهداف سياسية لا أعتقد أنه سينجح في النهاية».[التخت