مختطفة في سجون الحوثيين تكشف لـ(الموقع بوست) عن حياة فظيعة عاشتها خلف القضبان لمدة خمس سنوات بصعدة (حوار)
- خاص الإثنين, 13 يونيو, 2016 - 11:05 مساءً
مختطفة في سجون الحوثيين تكشف لـ(الموقع بوست) عن حياة فظيعة عاشتها خلف القضبان لمدة خمس سنوات بصعدة (حوار)

[ جواز منى ]

منى الخالد قصة معاناة لامرأة تعرضت لأشد أنواع التعذيب  في سجون مليشيا الحوثي لأكثر من خمس سنوات
 
منى كشفت صنوف من التعذيب النفسي والجسدي لدى سجون  مليشيات الحوثيين في محافظة صعدة
 
منى: مليشيا الحوثي تستخدم السحر والشعوذة لإرهاب وإخضاع الخصوم
                                     
هناك نساء محتجزات لدى المليشيا و يتعرضن لمعاملات سيئة في السجون  
 
لا أعلم أين مصير بناتي وخضعت لـ12 جلسة استجواب في الأمن القومي
                           
زوجوني قسرا من شخصية حوثية و لم يعد في حياتي شيء إلا وعرفوه
 
هناك طابور طويل من النساء يعملن ضمن دائرة أعوان عبدالملك الحوثي وجماعته
 
طبق الحوثيين معي برنامج الأكل المتكلم لزيادة تعذيبي وإذلالي

 
ما تسرده منى الخالد في هذا الحوار ليس من محض الخيال، او من قبيل المغالطات والكيد الإنتقامي، بل هو حقائق عاشتها هذه المرأة في غياهب سجون مليشيا الحوثي، لأكثر من خمس سنوات، لتصبح بذلك شاهدة على تقلبات كثيرة، في مسيرة مليشيا الحوثي، وعلى خفايا لم تخطر على بال أحد.
 
 (الموقع بوست) أجرى حوارا مطولا مع منى الخالد من مكان إقامتها خارج اليمن عن تفاصيل قصتها، وننشرها هنا كما روتها هي.
 
نص الحوار:
 
منى الخالد من مواليد محافظة صعدة (معقل مليشيا الحوثي)، بمديرية  سحار، و تنتمي لبيت الكحلاني المعروفة بولاء كثير من ابنائها للحوثيين، وكانت موظفة في مكتب التربية والتعليم بصنعاء. 
 
تعرضت منى للسجن خمس سنوات بسجن مطره في محافظة صعدة (شمال اليمن)، من قبل مليشيا الحوثي في نهاية الحرب الرابعة  2007م، وتمكنت من الفرار في العام 2012م.
 
وكانت السلطات الأمنية في عهد صالح اعتقلتها في يونيو 2007 بداية الحرب الرابعة مع المتمردين الحوثيين أثناء زيارتها لقريب لها اعتقل في محافظة صعدة، وأودعها البحث الجنائي بصنعاء، بتهمة الحوثية وتم الافراج عنها لاحقا.
 
وقالت منى الخالد في حوار خاص مع (الموقع بوست): اعتقلت بمطره بمحافظة صعدة على مرحلتين، الأولى كانت نهاية الحرب الرابعة مع المتمردين الحوثيين  في سنة 2007 م، وبقيت قيد الاقامة الجبرية في بني معاذ وممنوعة من الحديث الى أي شخص لعدة أشهر.
 
 وتضيف: لم يسمح لي بالخروج إلى الشمس، وكنت اقوم بإعداد الخبز والطبخ للأسرى أمثالي، وكان هناك خمس نساء يقمن بحراستي.
 
وذكرت منى الخالد انها بقيت على هذا الحال لمدة سنتين حتى نهاية الحرب السادسة حيث نقلت بعدها الى سجن مطره وتم سجنها في غرفة مظلمة لمدة ثلاث سنوات حتى تمكنت من الهرب في العام 2012.
 
تفاصيل التعذيب 3 سنوات في غرفة مظلمة
 
واضافت منى "أنها تعرضت للضرب والتعذيب النفسي والجسدي  في سجون الحوثي بصعدة  مشيرة إلى أنها سجنت بغرفة مظلمة لا تدخلها شمس (تغلق بإحكام ولا تفتح الا اثناء ما يدخلوا قليل من الماء، وقليل من الأكل ).
 
وأشارت إلى أن الحوثيين اثناء تعذيبهم لها طبقوا  معها برنامج الأكل المتكلم، ولفتت إلى أن هذا البرنامج  يقوم على أساس انهم يشتروا من الشخص أعضاء جسمه لتسديد وجبة الطعام، حيث يختار حرس الحوثي الطريقة التي يسدد بها، إما القتل له، او قتل أحد أقربائه، او الاغتصاب،  وذكرت منى عادة يختار شخص ما منهم ويحدد نوع العقوبة، او نوع ثمن التسديد، مشيره الى انه نوع خطير من التعذيب.
 
ولفتت إلى انهم أدخلوا عليها "أفعى"  ذات مرة في سجن آل غبير  بصعدة،  واشارت إلى ان الحوثيين يتلاعبوا على العقول، مرة بالسحر، ومرة بتفسيرهم للقرآن، واشارت إلى أنهم في بعض الأوقات أثناء التحقيق معها كان الحوثيون يدخلون في الليل "قنفد" كبير  يصدر صوت مرعب،  واشارت الى انهم كانوا يضربونها اثناء ما كانت تصيح من الرعب والخوف.
 
وعن استخدام الحوثيين للسحر قالت منى "بالنسبة لي انا سحرت أكثر من مرة وكنت أشوف الأشياء تتحرك في الجدار، واشعر أن هناك أشكال مرعبة، خاصة ان الغرفة مظلمة  (وكنت أشوف أشياء عجيبة، حيث كنت أرى الأكل يتحول إلى طير).
 
وتضيف منى لـ(الموقع بوست) : بقيت على هذا الحال وكدت أجن، ولا استطيع ان أصف  لكم هول الرعب والخوف الذي رافقني في معتقلات الحوثيين بصعدة، مشيرة الى ان النساء والرجال الحوثيين هناك يعملون بالسحر.
 
وتابعت "السجن غرفة مظلمة وسط جرف، ومغلقة بأبواب من حديد وبإحكام، لا يوجد بها فراش وفيها بطانية واحدة  ومرحاض.
 
تعليمات عبدالملك والمشاط
 
وعن عبدالملك الحوثي  زعيم الحوثيين ومهدي المشاط  مدير مكتبه قالت منى الخالد "كانا يأتيان احيانا الى سجن مطره ويعطيان تعليماتهما  للحراس، لإخضاع السجناء لبرنامج التعذيب، واشارت الى أن رجال السجن من أسوأ  رجال السجون السرية في العالم، واستطردت قائلة "عبدالملك الحوثي "واحد من أشد الرجل رعبا".
 
وقالت منى الخالد للموقع بوست: "انها أضربت عن الطعام في البداية 50 يوم، مشيرة الى ان الحوثيين جن جنونهم عند الاضراب، واضافت ان عبدالملك الحوثي جاء بنفسه، وقال لها ذات مرة والله  لو تضربي ألف عام لن تخرجي من السجن.
 
واضافت "يفتح الباب عندما تريد النساء حيث يعطى لهن الأكل والماء في زنبيل "كيس"، وكل سجينة تدبر نفسها خلال 24 ساعة.
 
واشارت الى أن  النساء السجينات جلسن بدون ملابس، وكن يرتدين الملابس لأشهر دون ان يغتسلن، لافته الى انها جلست في الملابس نفسها ثلاث سنوات واغتسلت مرتين او ثلاث طوال ثلاثة أعوام.
 
وتابعت منى "تعرضت للتحقيق في مطره وكان يغمى علي اكثر من مرة، ثم أفيق ويحققوا معي مرة أخرى" مشيرة إلى أنه لم يعد شيئ في حياتها إلا وعرفوه.
 
وذكرت انها ذات يوم تعرضت للضرب والتعذيب، عندما وضعوها على الارض ليذبحوها، ومرروا السكين على أكثر من منطقة في جسدها، واضافت قائلة "ثبتوني على الارض، وفي مرة من المرات أغمي عليا، وعندما افقت في قاعة الزنزانة لم أصدق اني ما زلت على قيد الحياة ".
 
وقالت "من هول ما لقيت الآن أخاف أن  انام في الظلام،  ولا استطيع أن أثق بكل الناس، مشيرة الى صديقاتها الهاشميات بصنعاء كنّ يرفعن عنها تقارير الى مرجعهن الاكبر بدر الدين الحوثي،  وهذا ما اتضح لها اثناء التحقيق على حد قولها.
 
وتضيف: كنت ذات مرة مكبلة بالقيود، وكنت أدق في الباب  أريد ان اتنفس، فدخلت عليا  عدة نساء، وقمن بضربي حتى فقدت وعيي، واضافت: كنت اتعرض لأشعة اضاءة عجيبة ترعبها واصوات غريبة ترعب ايضا، ومنعوني من الاكل والماء لمدة ثلاثة ايام.
 
هروبها من معتقل الحوثيين
 
ذكرت منى  انها ذات يوم جلست تحفر في جدار الغرفة حتى عثرت على "حجر" داخل جدار السجن  ذات يوم، و كان الحراسة غير موجودين،   وضربت قفل  الباب اكثر من مرة، حتى استطاعت كسره، وتمكنت من الفرار، حيث ظلت ثلاثة أيام تمشي في  الجبال، مشيرة الى انها قامت  بثلاث محاولات للخروج من السجن لكنها باءت بالفشل، و كان هذا في العام 2012.
 
اختطاف بناتها
 
وعن بناتها المفقودات قالت منى وهي تبكي "لا اعرف مصير بناتي حتى اللحظة من أول يوم اعتقلني فيه الحوثيون، رغم أني التزمت الصمت  ثلاث سنوات من 2012 أثناء هروبي من سجن مطرة بصعدة  حتى الآن.
 
 واضافت  قائلة " لعل وعسى انهم سيهدئون ويرجعوهن في  يوم من الأيام،.. مستطردة  بالقول  "لكن ما فيش فائدة اكملوا بقتل عمتي التي ربتني منذ ان فقدت امي وعمري لا يتجاوز الأربعة الأشهر ".
 
واضافت  رأيت بناتي مرة واحدة فقط  حيث اتوا بهن الى سجن مطره، ولا أعرف متى بالضبط ،لأني كنت سجنت منذ فترة طويلة ، وتابعت لم أكن اعرف الليل من النهار إلا حين يفتح الباب الخارجي للنافذة بعض يوم.
 
و لدى منى  ثلاث بنات  البكر رنا وتوأم  اختطفتهن جماعة الحوثي في نهاية الحرب الرابعة 2007 بعد اعتقالها ووضعها تحت الاقامة الجبرية.
 
واكدت منى أن الحوثيين قتلوا عمتها في رمضان من العام قبل الماضي عندما عرفوا انها هربت من عندها، ولم تعد الى صعدة مطلقا.
 
واشارت إلى أن والدها مفقود منذ عامي 1978 و 1979 بداية نظام علي عبدالله صالح، موضحة بأنه كان اول هاشمي يصاهر ابناء القبائل، وايضا كان والدها من مؤيدي الرئيس ابراهيم الحمدي.
 
وعن لحظة اعتقالها قالت بان عبدالملك الحوثي أمر صالح الصماد بأن يدخلوني سجن مطره، حيث أتوا بسيارة وأدخلت سجن مطره فور وقف انتهاء العمليات العسكرية في الحرب السادسة من العام 2009م.
 
واضافت "هناك جاءت امرأة  اسمها أمة الله زوجة احد القيادات في جماعة الحوثي، وقالت إني  معزومة على الغداء في بيت المداني، ابن شقيق يوسف المداني"، واستطردت " قلت لها أكيد سوف يسجنني، لأن منطقة مطره كانت خالية من الناس حد قولها، وكنت قد ابلغت مرتين من عبدالملك الحوثي اني سأسجن مدى الحياة.
 
وتابعت "عندما وصلت إلى عندهم طلبت النساء مني الذهاب معهن إلى الغرفة ثم دفعنني بالقوة إلى السجن، واغلقن الابواب، وظليت هادئة خوفا على حياتي، فقد علمت ان الحوثيين أعدموا قبل دخولي السجن إمرأه في داخل مسجد (في الجرف) بمطره صعدة.
 
وقالت منى انها بعد ان غادرت من بيت عمتها بصعدة متوجهة إلى العاصمة صنعاء تبحث عن مخرج ومنقذ لها، لعلها تجد من يساعدها للسفر خارج اليمن.
 
 واشارت في سياق حديها لـالموقع بوست الى أنها بدأت رحلة التعب والخوف ايضا في صنعاء ثلاث سنوات من 2012 – 2015  قضيتها، تبحث عن طوق نجاة، حيث طرقت ابواب كل السفارات دون جدوى،  وكانت تأتي صنعاء وتغادرها فورا متنقلة بين محافظتي إب وتعز وسط اليمن،  مشيرة الى انها غادرت اليمن في  5 / ديسمبر/2015م.
 
تحقيق في صنعاء
 
وعن التحقيق معها في قسم مكافحة الارهاب في صنعاء من قبل السلطات الأمنية لنظام صالح اثناء اتهامها بالعمل مع الخلية الحوثية، قالت كنت اظن انهم اعداء مع الحوثيين، واكتشفت بداخل صعدة انهم متحالفين، حيث تعرضت للاستجواب في سجون الحوثي عما تحدثت عنه اثناء التحقيق  بصنعاء من قبل سلطات صالح.
 
وذكرت ان السلطات الأمنية قامت بنهب بيتها بصنعاء، بتهمة أنها من ضمن الخلية الارهابية التي تعمل مع جماعة الحوثي المتمردة، كما تم ايقاف وظيفتها من قبل الدولة  في العام 2007 .
 
منى والخيواني
 
وعن موضوع اعتقالها بصنعاء من قبل السلطات الأمنية 2007م قالت الخالد "اختطفت داخل صنعاء من حي الروضة وانا راجعة بعد جلسة المحاكمة اختطفت من قبل إمرأة طويلة سمراء، وفؤاد قراوش، واثنين معاهم أخذوني للسجن المركزي بعد جلسة المحاكمة الثانية عشرة.
 
واوضحت منى وصلت الى السجن المركزي  وأروني غرفة بالسجن وقالوا ان لم أشهد على الخيواني لن أغادرها اطلاقا.
 
واشارت الى أنها هربت من الخوف والذعر الى صعدة (لم تكشف عن طريقة هروبها من صنعاء)، لافته إلى أن الحوثيين ضغطوا عليها في حال ظلت سجينة، وأكدوا لها بأن سجنها يعني امتهان لكرامتهم.
 
وذكرت انها وصلت الى ضحيان من صعدة، وفور وصولها صعدة قالت بانها طلبت أولا من محمد بدرالدين في ضحيان  بأنها تريد التوجه إلى السعودية، مشيرة إلى أن  حرس زعيم الحوثيين عبدالملك اقتحموا بيت محمد بدر الدين لمنعها.
 
 وقالت بأنه ردوا عليها ان التوجيهات قضت بزواجي من واحد منهم، لافتة إلى أن هذا الزواج جلس ثلاثة اشهر. واستطردت منى: الزواج عندهم ليس مثلنا وفق الشرع ، وبطريقة شرعية رسمية، بل يتزوج الواحد منهم من يريد فقط، مضيفة مذل وجود الحوثيين في اليمن ومخجل".
 
وتضيف: "لو تعرف الثلاث السنوات داخل تلك الغرفة المظلمة يهون ذلك امام ما حصل خارج الغرفة المظلمة".
 
واضافت: بعد أن نهبت السلطات الأمنية  بيتي واوقفوا راتبي وخضعت لـ 12 جلسة استجواب، هربت من الخوف والذعر، ولم يشفع لهم اني من السلالة الهاشمية.
 
وتضيف: ضغط علي الحوثيون لأغادر صنعاء، مبررين ذلك بأن سجني سيكون امتهان لكرامتهم.
 
امتهان في ضحيان
 
وتواصل: بعدها خرجت إلى صعدة ووصلت ضحيان،  وأثناء وصولي أعلن عبدالملك أني متمردة، فقد كنت معارضة لأفكارهم ومعتقداتهم، ولم أؤمن  بها كوني كنت انتمي لحزب البعث،  وكانوا يعيرونني بصدام حسين رئيس جمهورية العراق السابق، و لذا وضعوني تحت الاقامة الجبرية، وجلست أطبخ أكل للأسرى والذين لا يعلم أحد بوجودهم،  مشيرة إلى أن في مطره أناس من سنوات طويلة يقال أنهم يأتون  بهم من مزارع صالح في الحديدة.
 
وطالبت منى الخالد المنظمات الحقوقية والاعلاميين والصحفيين والمحامين ان يتبنوا قضيتها، ويكشفوا مصير قضية بناتها  المختطفات لدى جماعة الحوثي، وان يعيدوا اليها وظيفتها وبيتها وأثاثها وراتبها الذي صادرته سلطات صالح.
 
وختمت منى بالقول "خلاصة 9 سنوات قضيتها بين التعذيب النفسي والجسدي من أجل توريث أحمد علي لأن يصبح  رئيسا لليمن، وعبدالملك الحوثي لكي يصبح مرشدا وخمينيا لليمن.
 
كلام لم يقال
 
في ذاكرة منى هناك الكثير من الاسرار التي رفضت الإفصاح عنها، مؤكدة بأنها ستحتفظ بها لمقاضاة كل من تسببوا لها بهذا الحال من التشريد والمعاناة والقهر.
 
وتشير في سياق حديثها مع الموقع بوست الى احتفاظها بكثير من الشواهد والدلائل التي تثبت تورط مقربين من المخلوع صالح في التعاون مع مليشيا الحوثي، اثناء الحروب الست، والتنسيق بينهما كطرفين، بشكل يتناقض تماما مع العداوة الظاهرة التي يظهروا بها.
 
ملاحظة:
جميع ما ورد في هذا الحوار تقع مسؤوليته على الشخصية نفسها.
 


التعليقات