قالت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها، أن ترشيح جو بايدن عن الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة المقبلة، سيكون خطأ كبيرا. وأن على الديمقراطيين الخائفين من استمرار حملته لإعادة انتخابه رفع أصواتهم الآن.
وقالت إن الناس العقلاء قد يختلفون حول ضرورة إنهاء بايدن حملة إعادة انتخابه، ولهذا السبب يجب أن يكون هناك نقاش حول المسار الأفضل.
وللأسف، فالزعماء الديمقراطيون ومن هم في مناصب مهمة قد يمنعون هذه النقاشات، مما سيترك آثارا عميقة على الحزب والبلد.
وتقول الصحيفة إن زعماء الحزب الديمقراطي يتحركون باتجاه ترشيح بايدن رسميا قبل مؤتمر الحزب الذي سيبدأ في شيكاغو يوم 19 آب/ أغسطس. وقد تبدأ الوفوج المكونة من حوالي 4,000 شخص بالتصويت خلال أسبوعين من الآن ويستكملونه افتراضيا.
وقالت إن اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي تؤكد على أن شيئا كهذا لم يحدث. وقال جيم هاريسون، رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، إن “اقتراحات تسريع الجدول الزمني للتصويت غير صحيحة”.
لكن الديمقراطيين، قدموا جدول الترشيح من أجل التكيف مع 7 آب/ أغسطس، ووضع بايدن على قائمة التصويت في أوهايو، مما يعني أن أي اعتراض سيكون بلا أهمية نظرا لتمرير نواب أوهايو قرارا يؤكد نجاح بايدن في التصويت. ومن ناحية فرضية، يمكن للجمهوريين تحدي القرار، إلا أنهم لن ينجحوا بالتأكيد. وقال مكتب وزير خارجية أوهايو الذي يشرف على الانتخابات إن الموضوع حُل.
وبعيدا عن هذا، فالوضع السياسي مختلف جدا عما كان عليه قبل شهرين. وهذا قبل مناظرة بايدن في حزيران/ يونيو، وأدائه الذي طرح أسئلة عميقة حول قدراته العقلية. وكان هذا الوضع قبل العثرات العامة الكثيرة للرئيس، حيث كافح فيها لإظهار قدراته العقلية وقوته الجسدية لطرح فكرته ضد ترامب.
وبحسب استطلاع أسوشيتدبرس- نورك، فإن حوالي ثلثي الديمقراطيين يعتقدون الآن أن على بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي. وفي استطلاع واشنطن بوست- إي بي سي نيوز- إيبسوس، فقد انخفضت نسبة الأمريكيين الذين يعتقدون أن بايدن لديه الحدة العقلية لتولي منصب الرئيس أكثر من ترامب، من 23% إلى 14%.
وترى الصحيفة أن الحزب الديمقراطي يقوم بمخاطرة كبيرة لو تصرف وكأن شيئا لم يحدث، وتعامل مع مظاهر قلق الناخبين بأنها غير شرعية ولا يقوم بالضغط على بايدن نفسه الذي يبدو وكأنه في حالة نكران ويتجاهل الأزمة التي تحيط بحملة إعادة ترشيحه.
ورفض بايدن حتى قبل المناظرة الاعتراف بأن الاستطلاعات أظهرته متأخرا عن ترامب في كل الولايات المتأرجحة، وقد زادت حالة الإنكار.
وفي مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، رفض الرئيس تصديق الاستطلاعات وتساءل إن كانت “دقيقة” هذه الأيام، مع أنها وخلافا للمعتقد العام، كانت دقيقة في دورة انتخابات 2022.
وزيادة للغموض أكثر، أكد بايدن في مقابلة مع شبكة “أن بي سي نيوز” أجرتها معه ليستر هولت، أن بيانات الاستطلاعات مشجعة، وأنه “لا توجد فجوة” بينه وترامب.
وعلى ما يبدو فالرئيس بايدن، يعتمد على مجموعة تتناقص من المساعدين وعائلته. ومع ذلك عندما سألته هولت عمن يستمع في قراره الاستمرار بالسباق أم التوقف، أجاب “نفسي”.
وترى الصحيفة أن الحزب الديمقراطي لديه شهر قبل أن تجتمع الوفود في قاعة المؤتمر. وعليه أن يخلق مساحة ويستمع لمظاهر القلق المشروعة، وعليه ألا أن يغلق باب النقاش. وعدم فعل هذا بناء مبرر نصي وهمي من إمكانية تحدي الجمهوريين للتصويت في أوهايو، يعني رفض مظاهر القلق المشروع الصادرة من الديمقراطيين الذين يقولون إن على بايدن الخروج من السباق.
وترى صحيفة “التايمز” البريطانية في تقرير لمراسلها في ميلواكي، ويسكنسن، ديفيد تشارتر أن رفض بايدن الخروج من السباق يثير مخاوف الديمقراطيين والذين أصبحوا أقل صبرا معه.
وقال إن من النادر أن يتفوق حزب في أمريكا على منافسه في ليلة أهم خطاب سيلقيه رمز في الحزب. لكن الرئيس بايدن سرق الأضواء من جيه دي فانس، الذي اختاره دونالد ترامب كنائب له في البطاقة الرئاسية، ولكن للأسباب الخطأ. يتزايد الضغط على الرئيس البالغ من العمر 81 عاما، الذي خفت قليلا بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق.
ونعرف الآن أن بايدن لم يحصل على فترة راحة. ففي يوم إطلاق النار على ترامب، زار زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك تشومر وحمل معه رسالة للرئيس، نقل فيها مظاهر القلق داخل صفوف الحزب حول قدرة الرئيس على هزيمة ترامب ومساعدة الحزب على الحفاظ على الغرفة العليا من مجلس الشيوخ.
وكانت رسالة شومر أن على بايدن الانسحاب من الحملة وفتح المجال لمرشح شاب. وبعد أيام عدة، نُقلت رسالة مشابهة من زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، حيث جس نبض 213 نائبا في الكونغرس. لكن بايدن ظل متمسكا بحملته واستفاد من محاولة كل من جيفريز وشومر الحفاظ على وحدة الحزب وعدم خروج “خلاف العائلة” للعلن، احتراما للرئيس ورغبته بعدم نشر الغسيل القذر.
وفي إشارة عن زيادة الزخم ضد الرئيس، ظهرت هذه اللقاءات والمحادثات الداخلية للعلن من خلال تقارير صحافية، وربما كان وراء التسريبات مسؤولون بارزون وعلى معرفة بالوضع ويعرفون الضرر الذي قد تتركه على الحزب وتكشف عن الإاتتال الداخلي حول ترشيح بايدن.
كل هذا يقترح نفاد صبر من القيادة العليا في الحزب الديمقراطي من استراتيجية الإبقاء على مظاهر القلق الداخلية بشأن بايدن بين الحزب على أمل أن يقتنع بايدن بالواقع ويقرر من نفسه الانسحاب.
ويعيش قادة الحزب في رعب من عودة ترامب وعدم إمكانية هزيمته وبين ضرورة تغيير مسار الحملة.
وكان آدم شيف أبرز النواب الديمقراطيين وصاحب الحظوة في أوساط الحزب أول من خرج عن الصمت، ودعا بايدن لـ”تسليم الراية”.
وفي تقارير نشرت يوم الأربعاء، وأشارت إلى أن نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة، نقلت إلى بايدن رسالة مماثلة، وأنه لن يستطيع هزيمة ترامب بل سيدمر حظوظ الديمقراطيين في الحفاظ على الأغلبية في مجلس الشيوخ. كل هذا قاد إلى حتمية قريبة لخروج بايدن من السباق.
ولا توجد هناك فرصة أمام الديمقراطيين لعقد مؤتمرهم وهم صف واحد، طالما ظل بايدن مصرا على مواصلة الحملات الانتخابية، وبنفس الطريقة التي عقد فيها الجمهوريون مؤتمرهم هذا الأسبوع.
والسؤال هو إن كان أسبوع الديمقراطيين الكبير في شيكاغو الشهر المقبل ستخيم عليه أسئلة بقاء أو عدم بقاء بايدن في السباق، أم أنه سيفتح المجال أمام مؤتمر يتحد خلف وجه جديد؟