دخل اليمن مرحلة جديدة من الصراع المسلح بين الجيش الوطني ومليشيا الحوثي بعد رفض جماعة الحوثي تمديد الهدنة التي استمرت 6 أشهر وانتهت مساء الأحد الماضي.

عودة المواجهات المسلحة تثير مخاوف من تصاعد المعارك بشكل أعنف خاصة مع الشروط الصعبة التي وضعتها جماعة الحوثي كما قالت أطراف حكومية يمنية.

حيث شهدت جبهات مأرب وتعز والضالع والحديدة منذ الأحد، معارك عنيفة بين الجيش الوطني ومليشيا الحوثي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.

ابتزاز سياسي

ويقول المحلل العسكري اليمني يحيى أبو حاتم " مطالب الحوثيين تهدف لابتزاز المجتمع الدولي والتحالف العربي والحكومة الشرعية، والحوثي أداة من أدوات إيران وينفذ ما تملي عليه طهران التي لا تريد أن تكون المنطقة العربية في استقرار، فتدفع بجماعة الحوثي لابقاء الحرب لتهديد الملاحة البحرية والتجارة الدولية وتهديد دول الجوار وعلى رأسها السعودية".

وأوضح أبو حاتم لـ "الموقع بوست" أن تهديد الحوثي باستهداف منشآت نفطية سعودية وإماراتية نوع من أنواع الابتزاز للمجتمع الدولي، خاصة مع ما يهدد الغرب من إيقاف إمدادات الطاقة الروسية.

ويرى يحيى" إيران هي من تهدد وتدير الحرب، وتريد إحكام سيطرتها على منابع التجارة العربية خاصة الطاقة لذلك توعز لمليشيا الحوثي لإطلاق هذه التهديدات".

مآلات الهدنة

يتوقع محللون أن تعود الأطراف المتصارعة للهدنة لا سيما جماعة الحوثي بعد أن حققت مكاسب عديدة من الهدنات السابقة.

ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب في تصريح لـ "الموقع بوست" أنه من الممكن" استمرار الهدنة ولو لم يتم الإعلان عنها، واستمرارها فيه مكسب للحوثيين، سواء وافقت الحكومة على المطلب الإضافي للحوثيين بتسليم رواتب الموظفين والمتقاعدين في مناطق سيطرة الحوثي أو لم توافق".

ويتوقع الذهب "استمرار الهدنة طالما لم تتأثر مصالح الحوثيين، ومكاسبهم من الهدنة السابقة لا تزال مستمرة، من تدفق السفن إلى ميناء الحديدة، واستمرار الرحلات الجوية من مطار صنعاء للأردن، وتوقف العمليات الجوية للتحالف".

ويلفت إلى أن التحالف والحكومة اليمنية يستطيعان إجبار الحوثيين على الهدنة من خلال عودة العمليات الجوية، ووقف تدفق المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، وعدم الألتزام بما تم الاتفاق عليه في الهدنة السابقة.

من جانبه يشير يحيى أبو حاتم إلى أن الحوثي أضعف بكثير مما كان عليه في السابق، وعندما يشعر بالضعف يلجأ للغرب والأمم المتحدة لانقاذه وإيقاف سير المعارك.

تأثير عودة الصراع على اليمنيين

تزداد مخاوف المواطن اليمني من انعكاسات عودة الصراع وفشل تمديد الهدنة، على ظروفه المعيشية والاقتصادية المتردية منذ بداية الحرب، خاصة مع انهيار العملة الوطنية، وغلاء المعيشة، وتفشي الباطلة.

فمع انتهاء الهدنة وعودة الحرب تتبدد آمال اليمنيين في إيجاد حل يوقف نزيف الدم المستمر منذ 8 سنوات.

وحول ذلك يقول المحلل السياسي اليمني حسن مغلس لـ "الموقع بوست" أن "هناك أضرار جسيمة لحقت بالمواطنين جراء استمرار الحرب، مصالح المواطنين توقفت، وقطِعت الطرقات".

ويشير إلى أن"فشل الهدنة له انعكاسات سلبية على كل أفراد الشعب اليمني، لأن دواعي الحرب أكثر من دواعي السلام، ولن تنتهي الحرب إلا بسقوط الحوثي".

أما يحيى أبو حاتم فيحمل جماعة الحوثي المسؤولية عن استمرار الحرب، ويعتقد أن جماعة الحوثي لا تهتم بحياة المواطن ولا مشكلة لديها في استمرار الحرب.

بينما يرى الخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب أن" العودة للحرب ستضاعف معاناة اليمنيين بشكل كبير، وستلقي بظلالها أكثر على تدفق الغذاء خاصة في ظل الارتفاع العالمي لأسعار النفط بعد قيام أوبك بلس بخفض الإنتاج.

ويلفت إلى أن استمرار الحرب ستؤدي إلى انهيار ما تبقى من الخدمات، وقطع الطرقات ووقف وسائل المواصلات، وخلق أزمات صحية وتعليمية عديدة بشكل مضاعف.

خيار الحسم العسكري

يرى مراقبون استحالت الحسم العسكري بعد أكثر من 8 سنوات من الحرب بسبب موازين القوى التي يتفوق فيها الحوثي على الجيش الوطني.

وكذلك حالة الصراع التي تعيشها الحكومة اليمنية مع الفصائل التي أنشأها التحالف السعودي الإماراتي في المناطق الجنوبية.

ويعتقد حسن مغلس أن "التحالف قادر على حسم المعركة لو أراد، والجيش الوطني اليوم يفتقد لنوعية الأسلحة الثقيلة والنوعية، ولو أراد التحالف حسم المعركة لقدم هذه الأسلحة للجيش".

ويضيف "الحوثي يشكل خطورة حقيقية على السعودية عكس الإمارات، لذلك مطلوب من السعودية تسليح الجيش الوطني".

بينما يقول علي الذهب" لا توجد إرادة سياسية للحسم وليس هنالك قدرة على هذا الحسم، لأن خطوط القتال من بداية 2020م تراجعت نحو 100‪ كيلو كما حدث في الحديدة وعدة جبهات."

ويرى أن" معركة الحسم  تحتاج لنفس الزخم الذي بدأت فيه عاصفة الحزم، وهذا غير ممكن عمليا ومنطقيا، لذلك استبعد خيار الحسم العسكري في ظل وجود التحديات الراهنة، مشروع الانفصال، وإرادة الحوثي الصلبة لتحقيق المشروع السياسي".

ويختلف يحيى أبو حاتم مع ما ذهب إليه علي الذهب ويقول" الجيش الوطني لديه جاهزية قتالية لإدارة المعركة وجماعة الحوثي تدرك ذلك، ما يقيد حركة الجيش الوطني الضغوط الدولية التي تُمارس على الحكومة الشرعية بينما ليست هناك ضغوط على الحوثي".