تعز.. مياه شرب مجهولة الهوية تضاعف المخاطر الصحية (تقرير)
- تعز - أشرف الصوفي الاربعاء, 18 يناير, 2023 - 05:23 مساءً
تعز.. مياه شرب مجهولة الهوية تضاعف المخاطر الصحية (تقرير)

[ منتجات مياه مجهولة الهوية غزت الأسواق في تعز - الموقع بوست ]

تخلى أكرم فيصل، طالب جامعي (23 عاما)، عن شراء المياه ذات الجودة العالية، وفضل اختيار مياه معبأة محليًا، باعتبارها أقل تكلفة، تناسب ظروفه المعيشية، ويشرح لـ "الموقع بوست" ذلك بالقول: "في السابق كنت أشرب نوع محدد من المياه المعبأة بجودة جيدة، لكن مع ارتفاع الأسعار لجأت إلى شرب المياه المحلية".

 

تلك معضلة في اليمن، فهناك ثمة علاقة بين القدرة الشرائية لدى المواطن البسيط، والوضع الاقتصادي في البلد، خصوصا مع استمرار سنوات الحرب، وانقطاع رواتب موظفي القطاع الحكومي، وزيادة نسبة الفقر وتفشي البطالة الأمر الذي بات يؤثر بشكلٍ رئيسي، على معايير وجودة مشتريات الملايين من اليمنيين.

 

يضيف فيصل: "أسرتي تعطيني أقل من 100 دولار شهريا، وتعادل بالعملة السعودية 300 ريال سعودي شهريًا، وهي لا تكفي، لكني أحاول تقسيمها على احتياجاتي المهمة، أما بالنسبة للطعام والشراب، فألجأ دائمًا للوجبات الخفيفة والرخيصة، وأحيانا تجبرك الظروف على اختيار الأشياء رخيصة الثمن".

 

مخاطر واضحة

 

على الرغم من تكيف هذا الشاب مع المياه محلية التعبئة، إلا أنه أدرك مؤخرًا حجم المخاطر التي تحدق بهذه المياه - كما يقول - إذ بات يشكو من ترسب عدد من الحصى الملحية في إحدى كليتيه، وتلك هي المشكلة التي تهدد المئات من المدنيين.

 

مياه مجهولة المصدر

 

في مدينة تعز تنتشر العديد من أصناف المياه المعبئة محليًا، بعضها لا تحمل مطبوعة خاصة لتحدد الجهة المنتجة، ففي السوق يسميها التجار والمدنيون "أبو معلق"، هذه المياه مجهولة الهوية، تتواجد بشكل كبير في المحلات والأسواق تبعا لانتشارها الواسع.

 

 

وبقدر الاقبال الزائد على هذا النوع، بقدر ما توجد العديد من الشكاوى حول هذه المياه، وفي هذه المادة رصدنا جملة من التفاصيل المتعلقة بمشكلة المياه المحلية، أثناء النزول الميداني إلى أسواق المدينة.

 

انتشار كبير

 

معتصم ردمان (26 عاما)، واحدٌ من العشرات الذين اشتكوا من انتشار المياه مجهولة المصدر، ويصف حجم المعاناة بأن الصعوبة باتت بالغة في إيجاد مياه آمنة للشرب، وموثوقة، و"تتناسب مع قدرتي الشرائية، خاصة مع انتشار هذه المياه المحلية بشكل كبير".

 

يضيف معتصم في حديثه لـ"الموقع بوست": "وجود مياه مشابه بالشكل، وتحمل مطبوع تجاري لبعض المحطات التي حظيت بثقة الجمهور، يُسهل علينا معرفة المياه الآمنة من المجهولة، لكن عندما نذهب لشراء المياه من ثلاجة التبريد، يخبرك التاجر أن هذه في الأصل كانت تحمل مطبوعًا، أُزيل أثناء عملية التبريد، بعد ذوبان المطبوع الورقي".

 

من جهته يوضح عواد خالد بالقول: "المياه المحلية تتعفن بمجرد خروجها من الثلاجة، وبالأمس أخذت علبة مياه – نتحفظ على اسمها - ووجدتها متعفنة، وعندما سألت التاجر عن السبب، أفاد بالقول: "لا تستغرب أحيانا تأتي مياه مضروبة، إما تعرضت للشمس، أو نتيجة أسباب متعلقة بالتعبئة".

 

عشوائية الإنتاج

 

تفيد المعلومات بأن أسباب تعفن بعض أصناف المياه المحلية ترجع إلى تصنيع القوارير البلاستيكية، التي يجري انتاجها في ظروف غير مناسبة، وأماكن غير مؤهلة صحيًا، بالإضافة إلى عدم صلاحية العلب البلاستكية للاستخدام، والتي قد تعرضت لعملية إعادة تصنيع وتكرير أكثر من مرة، حيث تظهر أسفل حاوية المياه علامة مثلث سهمي، بالإضافة إلى رقم داخل هذا المثلث، يكون إما الرقم واحد، أو الرقم سبعة، فالرقم واحد يعني أن العلبة مصنعة من مادة "البولي ايثلين تريفثالات" المسرطنة، فيما يدل الرقم سبعة على أن المادة المصنوعة منها القارورة هي "بولي كربونات" وهي مادة تحتوي على عناصر مسرطنة.

 

وبحسب مختصين فإن تعفن هذه الإنتاجات المحلية، مرتبطة باستخدام مواد تعقيم بكميات غير دقيقة، وعدم الحفاظ على نظافة مكونات فلاتر التعقيم، أو العمل بفلاتر تعقيم بدائية، إضافة إلى عدم مراعاة مكونات المياه التي يتم معالجتها، وهل هي صالحة للمعالجة والإنتاج.

 

 

تساؤلات مشروعة

 

كثيرة هي التساؤلات حول كيفية انتاج هذه المياه، وعن أسباب تعفنها، وينصح محمد بجاش، وهو مشرف الإنتاج في محطة مياه مكة، بضرورة تنظيف، وتغيير أجزاء من فلترات المياه بشكل دوري ويومي، قائلا في حديثه لـ"الموقع بوست" إنهم يستخدمون ألفي لتر لتنظيف الفلترات عن طريق مرور المياه بها، لكن البعض يبخل في استخدم هذه الكمية من المياه، لذلك تكون المياه غير نقية".

 

 

يُضيف: "في العصر الحديث، تتم عملية التعقيم عن طريق مواد مختلفة، والآت أكثر حداثة، لكن المياه ذات المصدر المجهول، وغير المعرفة، أو المسجلة لدى هيئة المقاييس والجودة، غالبًا ما يستخدمون طرق بدائية في عملية التعقيم، كأن يستخدمون مواد كيميائية مثل مادة الكلور، والتي لابد أن تُستخدم بحذر شديد وفي الحالات الطارئة فقط؛ لأن ارتفاع تركيز هذه المادة في الماء، ينتج عنه مضاعفات صحية كبيرة".

 

مخاطر وأضرار

 

وعن المخاطر يتحدث الدكتور فهمي الحناني، رئيس قسم الكلى بهيئة مستشفى الثورة العام في تعز، معتبرا أن هناك أضرار تسببها المياه التي لم يتم معالجتها وتنقيتها بشكل جيد، ويحدث لها رائحة تعفن، وهذا بدوره يسبب الإصابة بتسمم غذائي، لكن الخطر الأكبر يكمن في الاستخدام غير الجيد لمادة الكلور أثناء التعقيم، ارتفاع نسبة هذه المادة في المياه، يؤدي في الأخير إلى الإصابة بمرض الفشل الكُلوي، مشيرا إلى أن الكلور مادة سامه، وزيادة نسبته في الماء تحدث عواقب وخيمة".


التعليقات