[ ضبط مهاجرين أفارقة في سواحل حضرموت مطلع فبراير 2019 ]
قال موقع الديمقراطية المفتوحة إن عدد المهاجرين الذين عبروا البحر الأحمر إلى اليمن في العام 2018 أكبر بكثير من الذين عبروا البحر المتوسط متجهين إلى أوروبا.
وذكر الموقع في تقرير له أعدته الكاتبة "هيلين لاكنر" ترجمه "الموقع بوست" إن أكثر من 160 ألف شخص وصلوا إلى اليمن في عام 2018، ووصل سوى 144 ألف شخص في العام نفسه إلى أوروبا.
وأشار التقرير إلى أن اليمن في خضم حرب أهلية دولية وتعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقاً للأمين العام للأمم المتحدة. لم يكن هناك غضب من غزو المهاجرين، فلم يغضب وزير يمني سواء من الحكومة المعترف بها دوليا أو من الحركة الحوثية التي تسيطر على العاصمة صنعاء.
وأضاف: "لا تزال فوبيا الأجانب تشكل أمرا أساسيا في جميع أنحاء أوروبا بما في ذلك المملكة المتحدة، وكثيراً ما تتجلى من خلال الشعبية المعادية للإسلام. وقد أدى هذا بالفعل إلى تنفيذ سياسات مكافحة المهاجرين من قبل معظم الأنظمة ولكن بشكل خاص في أقصى اليمين في أوروبا الشرقية".
وتابع: "في العام الماضي، انضم إليهم خطاب النظام الإيطالي الجديد وإجراءاته في إبعاد السفن الإنسانية التي تنقذ المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط"، مشيرا إلى أن البيئة المعادية للمهاجرين في أوروبا أدت إلى انخفاض هائل في عدد الوافدين، لافتا إلى أنه وصل أكثر من مليون شخص في عام 2015 بينما لم يصل سوى 144 ألف شخص في عام 2018.
وقال التقرير "في الواقع، استقبل اليمن ما يقرب من مليون لاجئ صومالي منذ التسعينيات، مما سمح لهم بالعمل والعيش في البلاد حيث إن اليمن هي الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي تعترف باتفاقية اللاجئين لعام 1951".
وأوضح التقرير أنه قبل الحرب الحالية، كانت سلطات البلد مضيافة بشكل لافت للاجئين الصوماليين ولكن ليس لآلاف الإثيوبيين وغيرهم ممن عبروا البحر الأحمر.
"تغير المسار الرئيسي أيضاً نتيجة للحرب، في حين عبر أكثر من 70 في المئة من السكان البحر الأحمر بين عامي 2010 و2013، فمنذ ذلك الحين انخفض الرقم إلى أقل من 20 في المئة مع توجه معظمهم إلى ساحل بحر العرب"، وفقا للتقرير.
من يتجه إلى اليمن ولماذا؟
يتساءل موقع الديمقراطية المفتوحة عن أسباب توجه المهاجرين إلى اليمن؟ فلماذا لا يزال المزيد من الناس يتجهون إلى اليمن بدلاً من المغادرة منها ومن هم هؤلاء؟ ولماذا يتوجه الآلاف إلى بلد في خضم حرب أهلية جعلت ملايين الناس يتضورون جوعاً؟ ألا يجب السفر في الاتجاه الآخر مع محاولة اليمنيين الهروب من الظروف الكارثية في بلادهم؟
يقول التقرير: "اليمن بالكاد الوجهة المقصودة لهؤلاء المهاجرين. في حين كان السفر إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عبر عمان صعباً في الماضي، أصبحت ظروف السفر أكثر خطورة وتكلفة في السنوات الأخيرة".
ويضيف: "في بداية العقد الحالي، قام النظام السعودي ببناء سياج على طول الحدود من ساحل البحر الأحمر إلى الشرق للسيطرة على الهجرة وقد تدهور الوضع بشكل واضح وكبير منذ أن تدخلت قوات التحالف بقيادة السعودية في الحرب الأهلية في جميع أنحاء البلاد".
وتابع: "في عام 2018 بلغت تكلفة التنقل على الساحل الجنوبي اليمني إلى المملكة العربية السعودية حوالي 1200 دولار أمريكي. لكن السفر إلى المملكة العربية السعودية من شرق إفريقيا عبر اليمن أرخص بكثير من الوصول إلى الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط -وهي رحلة تكلفتها على الأقل 3000 دولار أمريكي- وهو سعر يتجاهل إمكانية قيام العصابات الإجرامية بالاختطاف والسجن فضلاً عن أنه لا يضمن عبور البحر فعلياً".
وأردف: "في العام الماضي وحده، كان 160,000 شخص في شرق إفريقيا يائسون لدرجة أنهم كانوا في حاجة ماسة للتوجه إلى بلد على حافة المجاعة وفي خضم الحرب، الغالبية العظمى المقدرة بنسبة 92 في المئة كانت من الإثيوبيين والباقي كانوا صوماليين، ثلاثة أرباع منهم كانوا من الرجال البالغين في حين شكل النساء 16 في المئة من المهاجرين وشكل الأطفال نسبة 10 في المئة".
واستطرد التقرير "كل هؤلاء يتوجهون إلى الساحل الجنوبي للبحر العربي في اليمن وذلك لسببين رئيسيين، الأول هو أن ساحل البحر الأحمر هو الآن منطقة عسكرية مع قوات بحرية من قوات التحالف يطلقون النار على قوارب الصيد وأي شيء آخر يتحرك، على الجانب الإفريقي خاصة الساحل القريب من إريتريا. السبب الثاني هو أنه يمكن الوصول بسهولة لساحل بحر العرب الجنوبي من نقاط المغادرة المختلفة في الصومال سواء من بيربيرا في "أرض الصومال" المستقلة وبوساسو في "بلاد بنط" المستقلة".
وأشار التقرير إلى أنه في السنوات الخمس الماضية، تم انتشال أكثر من 700 جثة على الساحل الجنوبي لليمن بما في ذلك 156 في عام 2018، لافتا إلى أن العبور إلى اليمن يعتبر هو أرخص جزء من الرحلة حيث تتراوح الأسعار بين 120 و200 دولار أمريكي.
ماذا عن اليمنيين؟
وأكد التقرير أن قلة قليلة من اليمنيين يحاولون الهروب من الحرب، معظم هؤلاء الذين يتوجهون إلى المملكة العربية السعودية يفعلون ذلك لكسب المال وإطعام أسرهم كما فعلوا خلال نصف القرن الماضي، مشيرا إلى أن النظام السعودي الجديد قام بإدخال إجراءات صارمة على "القوى العاملة في السعودية" وخفض فرص العمل للأجانب وكذلك جعل ظروف إقامتهم مكلفة ومتعبة.
وذكر أن هذه التدابير أثرت على اليمنيين وكذلك العديد من الجنسيات الأخرى، وربما خفضت عدد اليمنيين في المملكة العربية السعودية إلى أقل من مليون شخص، ومع ذلك، فإن الوافدين منذ عام 2015 يشملون أيضًا قادة الحكومة المعترف بها دوليًا وأتباعهم وبعض من المستفيدين من الحرب.
يشير التقرير إلى أنه بخلاف الأغلبية في السعودية هناك حوالي 100,000 شخص من أصل يمني في دولة الإمارات العربية المتحدة، أدت الحرب إلى إنشاء مجتمعات يمنية جديدة في الدول العربية المجاورة الأخرى.
وأوضح أن سلطنة عمان استقبلت حوالي 50,000 يمني منذ بدء الحرب، وتم تسجيل 14,500 في الأردن و8000 في مصر مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بنهاية عام 2018، وأن معظم اليمنيين في هذه البلدان هم من المهنيين وكذلك المنفيين السياسيين الذين يحتفظون بمستويات معيشة مقبولة، كما أنهم يشملون أشخاصًا غير قادرين على العودة إلى اليمن نتيجة إغلاق قوات التحالف لمطار صنعاء منذ منتصف عام 2016.
* الكاتبة هي هيلين لاكنر، عملت في جميع أنحاء اليمن منذ سبعينيات القرن الماضي وعاشت هناك لما يقرب من 15 عامًا. لقد كتبت عن الاقتصاد السياسي للبلاد وكذلك القضايا الاجتماعية والاقتصادية. لديها كتاب يتحدث عن أزمة اليمن تم إصداره في أكتوبر من العام 2017.
* يمكن الرجوع إلى المادة الأصل هنا
* ترجمة خاصة بالموقع بوست.