[ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ]
شكّك وزير الخارجية عادل الجبير في إمكانية أن تتغير إيران أو تغير من سياستها في المنطقة بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها، أو أن تصبح عضوًا يحظى باحترام المجتمع الدولي. مؤكدًا أن المملكة لن تسمح بأن تزعزع إيران أمنها أو أمن حلفائها.
وقال الجبير -في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الثلاثاء (الـ19 من يناير2016)- "إن العالم يراقب «إيران» بحثًا عن علامات على التغيير، على أمل أنها سوف تتطور من الحالة الثورية المارقة إلى عضو محترم في المجتمع الدولي. لكن إيران بدلًا من مواجهة العزلة التي خلقتها لنفسها، اختارت سياسات طائفية وتوسعية خطيرة، وكذلك دعمها للإرهاب، من خلال توجيه اتهامات لا أساس لها ضد المملكة".
وقال الجبير مخاطبًا القارئ الأمريكي "من المهم أن نفهم لماذا تلتزم المملكة وحلفائها الخليجيين بمقاومة التوسع الإيراني والرد بقوة على سلوكها العدواني".
وأضاف: "ظاهريا، قد يبدو أن إيران تغيرت بشأن اتفاق تعليق برنامجها لتطوير سلاح نووي. بالتأكيد، نحن نعلم أن شريحة واسعة من الشعب الإيراني تريد مزيدًا من الانفتاح داخليًّا وعلاقات أفضل مع دول الجوار والعالم. ولكن الحكومة لا".
وأوضح وزير الخارجية أن "سلوك الحكومة الإيرانية ثابت لم يتغير منذ قيام ثورة 1979. الدستور الذي اعتمدته إيران منذ ذلك الحين يهدف إلى تصدير الثورة. ونتيجة لذلك، دعمت إيران الجماعات المتطرفة العنيفة، من بينها حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والميليشيات الطائفية في العراق. إيران أو وكلاؤها هم من يقف وراء الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تفجير ثكنات مشاة البحرية الأمريكية في بيروت عام 1983، وأبراج الخبر في السعودية عام 1996، والاغتيالات في مطعم ميكونوس في برلين 1992." وحسب بعض التقديرات، فإن القوات المدعومة من إيران قتلت أكثر من 1100 جندي أمريكي في العراق منذ عام 2003".
وقال الجبير: "إن إيران تستخدم الهجمات على المواقع الدبلوماسية كأداة لسياستها الخارجية. وإن ما حدث عند الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران عام 1979 كان فقط البداية. منذ ذلك الحين، تم مهاجمة سفارات بريطانيا والدنمارك والكويت وفرنسا وروسيا و السعودية في إيران أو في الخارج عن طريق وكلائها. تم اغتيال دبلوماسيين أجانب ومعارضين سياسيين في جميع أنحاء العالم".
وتابع: "حزب الله، بديل إيران، يحاول السيطرة على لبنان ويشن حربًا ضد المعارضة السورية، وهذه العملية تساعد على ازدهار الدولة الإسلامية "داعش". من الواضح لماذا تريد إيران بقاء بشار الأسد في السلطة: في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2014 حول الإرهاب، اعتبر أن إيران تنظر إلى سوريا على أنها "بمثابة جسر حيوي لخطوطها لإمدادات الأسلحة إلى حزب الله".
وقال: إن "هذا التقرير أشار أيضًا -نقلًا عن بيانات الأمم المتحدة- إلى أن إيران قدمت السلاح والتمويل والتدريب لدعم حملة نظام الأسد الوحشية التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 191 ألف شخص." في اليمن، ساعد دعم إيران ميليشيات الحوثي للاستيلاء على البلاد، ما تسبب في حرب قتل فيها الآلاف.. في حين تزعم إيران أن الصداقة على رأس أولويات سياستها الخارجية ، يظهر سلوكها أن العكس هو الصحيح. إيران هي أكثر مثير للقلاقل في المنطقة، وأن أفعالها تظهر الرغبة في الهيمنة الإقليمية".
وأضاف وزير الخارجية: "في هذا السياق، اختبرت إيران صاروخًا ذاتي الدفع يوم الـ10 من أكتوبر، شهر فقط بعد التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.. في ديسمبر، أطلقت السفن العسكرية الإيرانية صاروخًا قرب السفن الأمريكية والفرنسية في المياه الدولية. حتى منذ توقيع الاتفاق النووي، والمرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، قد دافع عن شعار الدولة الذي رفع في كل مكان "الموت لأمريكا".
وتابع: "في كذبة غريبة، أساءت إيران لجميع السعوديين بالقول إن السعودية موطن الحرمين الشريفين، تغسل أدمغة الناس لنشر التطرف. نحن لسنا البلد الذي يرعى الإرهاب. ولكنها إيران. "نحن لسنا الأمة التي تعرضت للعقوبات الدولية لدعم الإرهاب؛ بل إيران. نحن لسنا الأمة التي وضع مسئوليها على قوائم الإرهاب؛ بل إيران".
وقال: "ليس لدينا حُكم عليه بالسجن لمدة 25 سنة من قبل محكمة اتحادية في نيويورك بتهمة التآمر لاغتيال سفير في واشنطن في عام 2011؛ بل فعلت إيران".
وشدد الجبير على أن "المملكة العربية السعودية كانت ضحية للإرهاب، وغالبًا على أيدي حلفاء إيران. بلادنا على خط الجبهة لمحاربة الإرهاب، ونعمل بشكل وثيق مع حلفائنا. المملكة ألقت القبض على الآلاف من المشتبه في صلتهم بالإرهاب وحاكمت المئات منهم".. "كفاحنا ضد الإرهاب مستمر، بينما نقود الجهود المتعددة الجنسيات لملاحقة أولئك الذين يشاركون في أنشطة إرهابية، وأولئك الذين يمولونهم وأولئك الذين يثيرون العقلية التي تعزز التطرف".
واختتم وزير الخارجية المقال بالقول: "السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت إيران تريد أن تعيش وفقًا لقواعد النظام الدولي، أو تبقى دولة مارقة مصرة على التوسع وتتحدى القانون الدولي".. "في النهاية، نحن نريد إيران أن تعمل على حل المشاكل بطريقة تسمح للناس أن يعيشوا في سلام. لكن ذلك سيتطلب تغييرات كبيرة في السياسة الإيرانية والسلوك. ما زلنا ننتظر أن نرى ذلك".