كثيرة جدا هي الكويكبات التي تقترب من الأرض، والتي نعلم عن بعضها ولا نعلم عن أكثرها، فهي تمر بسلام وهدوء؛ فأحجامها الصغيرة وأبعادها الشاسعة تمنعنا من أن نراها، أو حتى نلاحظ وجودها في السماء.
وفي كل يوم يحدد العلماء قائمة بأسماء تلك الكويكبات المقبلة من حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، والتي تتخذ مدارات مقتربة من الأرض، وتعطي إحداثياتها وأبعادها وتحدد مقدار خطرها على الأرض.
ويعد الكويكب الذي سيدخل إلى مسافة أقل من مسافة القمر من الأرض (384 ألف كيلومتر) كويكبا يستحق المتابعة والرصد المستمرين، خوفا من أن يغير مساره بسبب جاذبية الكواكب أو حتى جاذبية الأرض نفسها.
حارس المجموعة الشمسية
فالمشتري على سبيل المثال، وهو أكبر الكواكب، يعمل حارسا في السماء من مثل هذه الأجرام، خاصة القادمة من أطراف المجموعة الشمسية مثل المذنبات التي تشكل خطرا حقيقيا على الحياة على الأرض.
ولولا جاذبية المشتري العظيمة التي تحرف اتجاه المذنبات وتغير مسارها، لكانت الأرض معرضة بشكل كبير لاصطدامات دورية تشكل تهديدا عليها.
ولهذا، عدّ العلماء الباحثون عن الحياة الذكية في الكون وجود جرم كبير كالمشتري في المجموعة النجمية التي يُبحث فيها على كوكب صالح للحياة كالأرض عاملا أساسيا، إذ كيف ستكون الحياة آمنة من خطر أجرام كهذه على أرض من المفترض أن تكون مستقرة كي يظهر عليها شكل الحياة؟
فعلى سبيل المثال، قبل نحو 66 مليون سنة، حدث أن اصطدم مذنب أو كويكب بقطر نحو 15 كيلومترا بالأرض، مما أحدث كارثة عظيمة على تاريخ الأرض وتطور الحياة فيها، فانقرضت بسببه 3 أرباع الحياة التي كانت على الأرض يومئذ، ومن بينها الديناصورات، تلك المخلوقات العظيمة.
الكويكب القادم
وفي الأول من سبتمبر/أيلول المقبل 2020، يزورنا كويكب بقطر متوسط يبلغ 30 مترا على مسافة ثلث ما بيننا وبين القمر، أي نحو 130 ألف كيلومتر، فهو يكمل دورة واحدة حول الشمس كل 9.5 سنوات، وآخر مرة شوهد فيها كان في مارس/آذار 2011.
هذا الكويكب الموسوم بـ"إي إس 4″ (2011 ES4) هو واحد من 40 كويكبا تقترب من الأرض خلال الفترة من منتصف أغسطس/آب الجاري وحتى منتصف سبتمبر/أيلول القادم، ويدل ذلك على كثرة هذه الأجرام التي كانت وما زالت تعبر بنا من دون أن تعيرنا اهتمامها، ومن دون أن نعيرها نحن انتباهنا قديما، لكننا بدأنا نفعل ذلك مؤخرا.
تماما كعدد الكسوفات والخسوفات التي يظن الناس أن عددها في العصر الحديث زاد، في حين أنها لم تفعل لكن الإعلام الذي بدأ يبحث عن كل الأحداث هو الذي صار يُبرز حتى غير المرئي منها، وهي خسوفات شبه الظل أو الكسوفات غير المرئية في مناطقنا.
ولكن، هل يشكل عبوره هذا خطرا؟ هل يمكن أن ينحرف مساره بسبب جاذبية الأرض؟ هل للقمر تأثير على مساره باعتباره سيمر بيننا وبين القمر؟
لم يسجل التاريخ الكثير منذ تلك الأحداث التي كان فيها دمار وأذى كبير على البشر، وحتى العصر الحديث، فحتى النيازك لم تسجل منها سوى أعداد قليلة آذت الناس مباشرة، لكنها لم تشكل تهديدا حقيقيا، فآخر ما نزل منها على الأرض نيزك روسيا عام 2013، ولم يسجل ارتطامه بالأرض سوى إصابات من دون أية ضحايا.
هل سنرى الكويكب؟
سيكون عبور الكويكب الأقرب إلى الأرض مواتيا لقارة آسيا، خاصة المناطق الشرقية منها وجنوب شرقها، إذ سيحدث اللقاء الأقرب في تمام الساعة السابعة و12 دقيقة مساء بتوقيت مكة المكرمة في برج القوس، بالقرب من كوكب المشتري، غير أنه وبسبب صغره فإن لمعانه الخافت لن يسمح لنا برؤيته إلا من خلال تلسكوبات كبيرة نسبيا ومن مناطق شديدة الإظلام.
وستبلغ سرعة حركته في السماء 8.2 كيلومترات في الثانية، ولأنه بعيد جدا مقارنة بالأقمار الصناعية أمثال محطة الفضاء الدولية التي تسير في السماء بالسرعة نفسها تقريبا، فإنه يتحرك ببطء شديد جدا، وإذا شوهد بالتلسكوب فإن حركته ستكون ملحوظة بين النجوم.