على الرغم من أن بعضها دعا للانتظار وحذر من أن يكون الأمر مجرد مناورة روسية، فقد اختلفت النخب ووسائل الإعلام الإسرائيلية في تقييم تداعيات إعلان الرئيس الروسي فلادمير بوتين بدء الانسحاب الروسي من سوريا اليوم الثلاثاء.
وقال الجنرال دان حالوتس، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، إنه في حال سحب الروس قواتهم من سوريا فإن هذا يمثل "أخبارا سيئة لإسرائيل"، على اعتبار أنه يفاقم من خطورة التحولات الإقليمية.
وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية، نوه حالوتس إلى أن التدخل الروسي خدم إسرائيل لأنه أفضى إلى اضعاف قوى المعارضة السورية ذات التوجه الإسلامي، مشددا على أن هذه القوى تمثل خطرا كبيرا على إسرائيل حتى لو كان يطلق عليها "معتدلة".
وحذر من أن يفضي الانسحاب الروسي إلى تحسين مكانة المعارضة الروسية من معادلة الصراع المتواصل حاليا في سوريا، ما يعزز من فرص سيطرتها على سوريا مستقبلاً.
وأضاف حالوتس أن استتباب الأمور لقوى المعارضة السورية، يعدّ تطورا أكثر خطورة من سيطرة حزب الله وإيران.
وأشار حالوتس إلى أن التدخل الروسي منح إسرائيل هامش مناورة كبيرا للعمل داخل سوريا من خلال آلية التنسيق التي تم التوافق عليها بين بوتين ونتنياهو.
وأوضح أن التدخل الروسي ساعد في إلزام حزب الله بضبط النفس وعدم الرد على الهجمات التي شنتها إسرائيل عليه، على اعتبار أنه لم يكن معنيا بإحراج الروس.
وفي السياق، قال تسفي بارئيل، معلق الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، إن بوتين أقدم على هذه الخطوة بعد أن اعتقد أنه تمكن من تهيئة الظروف أمام تقسيم سوريا إلى أربع دويلات: علوية، وكردية، ودرزية، ودويلة دمشق السنية.
وفي مقال نشرته الصحيفة اليوم الثلاثاء، نوه بارئيل إلى أن بوتين أدرك أنه ليس بوسع قواته تحقيق أكثر مما حققه، على اعتبار أن هذا يتطلب تدخلاً بريا وهو ما لم يكن في حسبان بوتين.
وأضاف بارئيل أن بوتين يريد أن يظهر الآن كـ "الرجل الطيب" بعدما جعل من نفسه عدوا للشعوب العربية.
واستدرك بارئيل قائلاً إن تحقق رهانات بوتين يتوقف على احترام قوات المعارضة السورية وجيش الأسد لاتفاق الهدنة، منوها إلى أن سلوك القوى الإقليمية سيؤثر كثيرا على مستقبل الأوضاع في سوريا.
وعدّ بارئيل القرار الروسي دليلاً على فشل حملة موسكو العسكرية ومؤشرا على عمق مخاوف بوتين من التورط.
وأضاف أن القرار الروسي بالانسحاب من سوريا يشبه القرار الأمريكي بالانسحاب من العراق 2011 ومن أفغانستان 2014، مشيرا إلى أن حديث بوتين عن الضرر الذي لحق بـ"جماعات الإرهاب العالمي" لا يعبر عن الواقع، على اعتبار أن معظم الغارات الروسية استهدفت تحديدا المعارضة السورية المعتدلة.
ولم يستبعد بارئيل أن تستغل قوات المعارضة الانسحاب الروسي في تعزيز مكاسبها، بالإضافة إلى إمكانية تدخل تركيا ضد القوى الكردية المتحالفة مع النظام والروس، ما يحدث تغيير على موازين القوى داخل سوريا.
من ناحيته، عد المستشرق الإسرائيلي إيلي زيسر، الإعلان الروسي إقرارا بالفشل في مواجهة قوى المعارضة السورية المسلحة.
وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" اليوم الثلاثاء، نوه زيسر إلى أنه على الرغم من الضربات الهائلة التي وجهتها لها روسيا فإن قوى المعارضة السورية أبعد ما تكون عن الخنوع والاستسلام.
وأضاف زيسير أن بوتين خشي أن تتحول سوريا بالنسبة له إلى أفغانستان ثانية، وأنه لا يمكن أن يتم حل كل المشاكل باستخدام قوة السلاح، حتى عندما يدور الحديث عن مستبد مثله.