نسوية أم تسطيح مخل.. هل كان مسلسل "ليه لأ" يستحق كل هذه الضجة؟
- الجزيرة نت السبت, 20 يونيو, 2020 - 04:10 مساءً
نسوية أم تسطيح مخل.. هل كان مسلسل

اعتدنا كل عام أن تتغير خريطة الدراما الرمضانية في آخر لحظة، ورغم تعدد الأسباب واختلافها فإن الأمر ظل يتكرر بانتظام سنويا. أحد المسلسلات التي كان من المقرر عرضها خلال النصف الثاني من شهر رمضان الماضي هو مسلسل "ليه لأ"، لم يسعفه الحظ للعرض في الموسم الدرامي، ولا سيما أنه يتكون من 15 حلقة فقط.

 

وسرعان ما أعلنت منصة "شاهد" عن تأجيل عرضه لما بعد العيد، وإن كان ذلك لم يمنع العمل من إثارة الجدل على منصات التواصل الاجتماعي طوال الشهر، إثر طرح أغنية مقدمته (التتر) التي أدتها المطربة آمال ماهر.

 

فكلمات الأغنية -التي جاءت تشجع المرأة على الوقوف بالمرصاد لكل من يحاول أن يملي عليها تصرفاتها ويمنحها صك حقوقها الحياتية، وقد أذيعت على خلفية ظهرت فيها البطلة تهرب لحظة عقد قرانها مما تسبب بالإحراج و"كسرة القلب" لخطيبها- هي نفسها الأسباب التي نتج عنها انقسامات بالرأي، وتصدرها استهجان من الرجال.

 

دس السم في العسل

 

مع بدء عرض العمل، ازدادت الانتقادات التي وجهت إليه، بداية بسبب قصته التي تحكي عن فتاة (أمينة خليل) تخطت الثلاثين، تعيش حياتها بأكملها مطيعة لوالدتها ذات الشخصية الصارمة والقاسية، حتى أن البطلة تكاد تتزوج عن غير قناعة أو حب، وإنما لإسكات الأصوات من حولها التي تخبرها أنها إن لم تفعل فستنخفض فرصها في الزواج والإنجاب.

 

ولأنها أضعف من أن تواجه أو تتخذ قراراتها في الوقت المناسب، تنتظر حتى لحظة التوقيع على عقد القران، لتستجمع ما تملكه من شجاعة فتهرب، ملحقة فضيحة بأسرتها وخطيبها وحتى بنفسها، قبل أن تكتشف بالصدفة مسابقة أجنبية موجهة للفتيات في الشرق الأوسط تشترط استقلال المشتركة عن أهلها.

 

ورغم شبه استحالة الأمر ورفض والدتها للمسألة شكلا موضوعا، فإن البطلة تتناول ما تبقى لها من حبات الشجاعة فتتقدم للمسابقة، وبمجرد قبولها تهرب من منزل العائلة ليلا دون مواجهة أيضا.

 

وبالرغم من أن القصة أثارت استهجان بعض رواد منصات التواصل الذين رأوا أن المسلسل يدس السم في العسل، إذ يحرّض الفتيات على ترك منزل الأسرة والعيش بمفردهن، وهو أمر ضد عادات وتقاليد مجتمعاتنا العربية؛ فإن ردود أفعال الفتيات جاءت على النقيض، سواء صاحبات تجربة الاستقلال عن الأهل أو ممن يعرفن فتيات مررن بذلك بالفعل ويشعرن نحوهن بالتقدير.

 

وفي حين أعرب بعضهن عن إعجابهن بالعمل وواقعيته بل جرأة صناعه، ظهرت فئة أخرى انتقدت العمل الدرامي، لإظهاره من جهة الفتاة المستقلة كشخصية سلبية وساذجة للغاية لا تعرف كيف تعتمد على نفسها أو تنجو دون مساندة، ومن جهة أخرى لتصويرها كامرأة جبانة تهرب دوما من مواجهة مشكلاتها.

 

كما هاجم البعض إظهار تجربة الاستقلال كما لو أن مشكلة الفتاة الوحيدة تتعلق بترك منزل الأسرة، والتسطيح المخل لمشكلات أخرى لا تقل أهمية، مثل الاستقلال المادي، أو العثور على شقة يقبل صاحبها تأجيرها لفتاة عزباء بمفردها.

 

غضب في الوسط الفني

 

وأثار المسلسل جدلا كبيرا على المستوى الفني وليس الدرامي هذه المرة، وتعلق باستعانته بمدوني الفيديو (اليوتيوبرز) ونجمي التيك توك "دينا مراجيح" و"جو"  في أحد المشاهد. وهو ما أثار غضب طلاب أكاديمية الفنون والموهوبين الذين يبذلون قصارى جهدهم بحثا عن فرصة التمثيل، مثل تلك التي قدمت لجو ومراجيح لا لأنهما موهوبان وإنما من أجل شهرتهما على مواقع التواصل.

 

من جهتها، أعلنت مخرجة العمل مريم أبو عوف عن حريتها في اختيار من تشاء للعب الأدوار، حتى أنها وصفت الثنائي بالموهوبين، وأن طبيعة دوريهما جاءت مناسبة تماما لما أرادت توظيفهما فيه.

 

أما نقابة المهن التمثيلية فأصدرت بيانا أوضحت فيه عدم القدرة على اتخاذ أي إجراء ضد صناع العمل، طالما أن ظهور هذا الثنائي جاء خلال مشهد واحد فقط، وهو ما سيتغير بالطبع إذا ما تكرر ظهورهما.

 

لكن بالرغم من كل الانتقادات والمشكلات التي تعرض لها العمل، فإن أحدا لم يعب مطلقا على التمثيل الذي جاء جيدا من جانب غالبية طاقمه، خاصة أبطاله. فأمينة خليل جاءت مناسبة تماما للدور، كما ظهرت شيرين رضا ومحمد الشرنوبي بأفضل حالاتهما.

 

أما مفاجأة العمل فهي النجمة هالة صدقي التي قدمت دور الأم، إذ أدته بحرفية مطلقة وجسدت من خلاله شخصية الأم المتسلطة التي تستغل ضعف بناتها، ولا تقبل منهن سوى الطاعة العمياء وإلا الحرب.

 

يذكر أن مسلسل "ليه لأ" من تأليف ورشة "سرد" تحت إشراف السيناريست مريم نعوم، ومن إخراج مريم أبو عوف.


التعليقات