دفعت أزمة هبوط أسعار النفط الخام منذ 2014، إلى بحث سلطنة عمان عن تنويع مصادر الدخل عبر ضخ استثمارات في الاقتصاد غير النفطي وجذب استثمارات أجنبية.
وتمكنت السلطنة في 2020 من إقرار رؤيتها الاقتصادية 2040، وتقسيمها إلى خطط خمسية تهدف كل خطة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف.
وتريد البلاد من الرؤية الوصول إلى اقتصاد متنوع لا يقوم على النفط الخام ومشتقاته كمصدر رئيس للدخل، وتكثيف الاستثمار في القطاعات الأخرى كالسياحة والتصنيع والتجارة والموانئ والصيد والزراعة وتقديم قانون محفز لرؤوس الأموال.
** اعتماد السياحة
عضو مجلس الشورى العماني، عبدالله المشهور، تحدث عن الإمكانيات الفريدة التي تتمتع بها محافظة ظفار (جنوب).
وقال المشهور في حديث مع الأناضول: "المحافظة تكمل منظومة السياحة في السلطنة، من منطلق أن عُمان تنظر للسياحة من منظور استراتيجي شامل".
وشدد على أهمية أن "يكون للسياحة دور في تنويع مصادر الدخل حتى لا نعتمد على البترول في مرحلة قادمة، وبالتالي تم اعتماد قطاع السياحة ضمن القطاعات الواعدة التي تركز عليها السلطنة في الخطط المستقبلية".
وتابع: "ظفار، ستسهم في الناتج الوطني وفي الناتج المحلي للمحافظة، إذا تم استثمار مقوماتها بالشكل المطلوب، لأن هذا يتطلب أيضا جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية".
ولفت إلى توفر المعادن والزراعة في السلطنة، إضافة إلى قطاع لوجستي متمثل في الموانئ والمطارات الحديثة والمناطق الاقتصادية والصناعية، التي تشكل مجتمعة منظومة اقتصادية شاملة.
"من بين التسهيلات المعتمدة، عقود الانتفاع طويلة الأجل والإقامة الطويلة للمستثمرين وأسرهم وإلغاء الضرائب عن الكثير من المصانع التي تقام في المناطق الحرة وأيضا التسهيلات التي تقدم في المناطق الصناعية".
** توظيف مناطق الجذب السياحي
من جانبه، قال رئيس فرع غرفة التجارة والصناعة بمحافظة ظفار، حسين البطحري، إن "هناك عدة قطاعات أولت الحكومة اهتماما بها من خلال الخطة الخمسية 2040".
ولفت البطرحي، إلى أن ظفار تمتلك العديد من الإمكانيات على غرار النفط، باعتباره القطاع السائد، ولكن الحكومة ترغب في خفض الاعتماد عليه، والاتجاه إلى قطاعات مختلفة بداية من السياحة.
ونوه بأهمية "قطاع الزراعة في ظفار، حيث هناك منطقة نجد، التي تبعد عن صلالة (كبرى مدن ظفار) نحو 180 كلم، والتي تحظى بمساحات شاسعة من الأراضي وتوافر المياه والأراضي الخصبة الصالحة للاستزراع".
"بعض المزارعين نجحوا في استزراع بعض المحاصيل والخضروات والفواكه والتمور.. سلطنة عمان صدرت بعض المنتوجات الزراعية إلى الخارج"، وفق تعبيره.
وتابع: "المنطقة الحرة بصلالة بها مساحات شاسعة، وموقع مميز قرب ميناء المدينة، طبعا هناك عدة قطاعات داخل المنطقة أهمها الصناعات البتروكيماوية، والصناعات الغذائية، وهو ما يعطيها ميزة".
** السياحة الشتوية الأوروبية
من جانبه، قال رجل الأعمال العُماني عبد الرحمن باعمر، الرئيس التنفيذي لشركة المدينة العقارية، إن "ما يميز ظفار عن بقية السلطنة وشبه الجزيرة العربية، تعرضها في فصل الشتاء للرياح الموسمية والتي تخلق طقسا فريدا في الجزيرة العربية".
وأوضح باعمر، أن طقس ظفار "شبه استوائي، إذ تهطل الأمطار في هذا الموسم من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول من كل عام، في وقت تكون فيه درجات الحرارة مرتفعة في معظم أنحاء شبه الجزيرة العربية".
وأضاف: "الموسم الشتوي في السنوات الأخيرة، أصبح يستقطب السياحة الأوروبية بشكل كبير، بل وصلنا في مرحلة من المراحل أننا نعتبر موسم الشتاء هو الموسم السياحي وليس موسم الخريف الذي كنا نعتمد عليه سابقا".
وتابع: "سجلت صلالة نفسها كوجهة معتبرة لشمال ووسط أوروبا، ونتوقع دخول مزيد من الأسواق سواء كانت السوق الروسية أو الصينية، إضافة إلى السوق التقليدية وهي دول الخليج العربي".
** رؤية التنويع الاقتصادي
من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي أحمد بن سعيد كشوب، أن رؤية 2040 "تركز بشكل مباشر على أن يكون معدل النمو المتوسط في حدود 3.5 بالمئة خلال فترة الخطة".
وتابع في حديث مع الأناضول: "وأن ترتفع الاستثمارات بنسبة 27 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك الاستثمار الأجنبي في حدود 10.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما المؤشر العام لإجمالي الناتج المحلي 30 مليار ريال (78 مليار دولار)".
وأوضح كشوب، أن الخطة تتوقع أن تكون أسعار النفط بين عامي 2021-2025 في حدود 45-55 دولار للبرميل، مع توقعات بمتوسط إنتاج ما بين 960 ألف و1.144 مليون برميل يوميا.
وأردف: "لدينا الاستثمار الأجنبي بشقيه المباشر وغير المباشر، وفق آخر المؤشرات وصل إلى حوالي 40 مليار دولار، ويتوزع هذه الاستثمار بين المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وكذلك الصناعية".
وذكر كشوب، أنه "من المتوقع، وفق آخر دراسة المؤشرات، حوالي 24 مليار دولار مستثمرة في مدائن (هيئة المناطق الصناعية)".
وقال: "الحقيقة أن الحكومة بعد إعادة الهيكلة الحكومة الجديدة وتولي السلطان هيثم بن طارق، كان أحد أبرز الشخصيات التي أوكل إليها إدارة دفة أمور رؤية عمان 2040 ما قبل انتقال السلطة، وأصبح الآن الحاكم".
ولفت إلى "تحويل الحكومة كافة أصولها واستثماراتها إلى جهاز الاستثمار العماني، والذي تقدر أصوله حاليا بأكثر من 80 مليار دولار، كما أُعطى للجهاز سلطة إعادة تغيير منظومة الشركات التابعة".
** تبني اقتصاد المعرفة
بدوره، قال الخبير أحمد بن مسلم كشوب، إن "السلطنة تدفع بالكوادر المؤهلة وذات القدرة لإدارة أعمالها، منها تقوم وتتواكب مع الأعمال والأنشطة المختلفة والتي تتناسب مع وقتنا الحاضر، على سبيل المثال "الاقتصاد المعرفي".
كما شدد بن مسلم كشوب، على أن "القطاع الخاص في بلدان العالم كله هو الركيزة الأساسية للتنمية (..) فعند الاطلاع على رؤية عمان 2040 فستجد محور رئيسي هو الإنسان والمجتمع".
وأضاف: "سنجد محور آخر مهم جدا وهو الاقتصاد، الذي ينتج عنه العديد من الركائز الأساسية التي تسلط الضوء على القطاع الخاص للنهوض بالبلاد ومواكبة العولمة، وأيضا مواكبة الاقتصاد العالمي، وبالأحرى الاقتصاد المعرفي أو الثورة الصناعية الرابعة".