حرب الإمارات على القاعدة في جنوب اليمن .. تلميع لقواتها ورسالة للخارج
- عدن - خاص الإثنين, 19 مارس, 2018 - 08:26 مساءً
حرب الإمارات على القاعدة في جنوب اليمن .. تلميع لقواتها ورسالة للخارج

[ قوات تابعة للإمارات في إحدى العمليات ]

أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة أن العملية العسكرية التي أطلقتها لملاحقة تنظيم القاعدة في محافظة أبين (جنوبي اليمن) قد انتهت بنجاح، وحققت جميع أهدافها، بشكل أفضل من تلك العمليات التي شنها الجيش اليمني قبل العام 2011م في ذات المحافظة.

تلك العملية أطلق عليها "السيل الجارف" استهدفت طرد عناصر القاعدة من مناطق نفوذها في منطقتي المحفد ووادي حمارا، بمحافظة أبين، وفقا لوسائل إعلام إماراتية، وتقول عنها صحيفة الخليج الإماراتية بأنها هدفت للتخلص النهائي من وجود تنظيم القاعدة في اليمن.

تأتي هذه العملية بعد عمليتين سابقتين للإمارات أطلق على الأولى "السيف القاطع" والثانية "الفيصل" واستهدفت تنظيم القاعدة في مناطق أخرى في حضرموت وشبوة.

تضخم وسائل الإعلام الاماراتية هذه العمليات، وتتعاطى معها باعتبارها منجزا عسكريا فريدا داخل اليمن، لكن مخرجات تلك العمليات ودلالاتها تلقي مزيدا من الضوء على الجدوى التي تحاول أبوظبي والقوات اليمنية التي تعمل بالوكالة معها الحصول عليها من خلال هذه المعارك.

تنفذ الإمارات تلك العمليات عبر الأذرع العسكرية التي أنشأتها، والتي تتكون من عناصر الحزام الأمني في عدن، وقوات النخبة في كل من حضرموت وشبوة، والمحافظتين الأخيرتين إضافة لمحافظة أبين هي النطاق الجغرافي لتلك العمليات.

ويشرف على تلك القوات ضباط وجنود إماراتيون، ويروج الإعلام الإماراتي ووسائل الإعلام الموالية له في اليمن وخارجها بأن تلك العمليات تجري تحت إشراف دول التحالف العربي، وهي محاولة معروفة لإضفاء طابع الشرعية على تلك العمليات، وصرح مسؤولون إماراتيون أكثر من مرة أن تلك العمليات تأتي بالتنسيق بين السعودية والإمارات.

لكن من اللافت في الأمر أن القوات التي تنفذ تلك العمليات لا تتبع الحكومة الشرعية اليمنية التي يقول التحالف العربي إنه جاء لمساندتها، ولم يشترك فيها الجيش الوطني الموالي للحكومة، رغم وجود ألوية عسكرية موجود في مسرح العمليات القتالية التي تستهدف تنظيم القاعدة.

اقتصار الأمر على القوات التي تقاتل بالوكالة مع الإماراتيين هو جزء من تلميع تلك القوات، وإظهار جدارتها، وإثبات أن مهمتها ليست مجرد قوات تقاتل بالوكالة كما وصفها تقرير فريق الخبراء الأممي الأخير، بل إنها قوات تعمل لمقاتلة القاعدة والتنظيمات الإرهابية في اليمن، وهذه الخطوة هي محاولة للترويج لهذه الحالة وبحث عن شرعنة لبقاء تلك القوات.

نفذت تلك القوات ثلاث عمليات متتالية، لكن النتائج التي خرجت بها لا تبدو بحجم التضخيم الإعلامي الذي رافقها، وفيما كانت تلك العمليات طور التنفيذ في حضرموت وأبين وشبوة كان تنظيم داعش يواصل عملياته الإرهابية داخل مدينة عدن، ويضرب معقل تلك القوات ومقرها الرئيسي، وهو ما يلقي بمزيد من الغموض حول حقيقة تلك العمليات، وفشل القائمين عليها في تأمين مدينة يعملون من داخلها كعدن.

وفقا للأحداث والتطورات الجارية في عدن، فقد استغلت دولة الإمارات ورقة القاعدة وداعش لفرض نفوذها في المناطق التي تصل إليها، وتشرف عليها، وهي بذلك تحقق العديد من الأهداف، أولها كما أسلفنا شرعنة الكيانات المسلحة التي بنتها وفقا لمعايير مناطقية، ثم تسجيل مواقف لدى الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، وتحدثت في وقت سابق العديد من التقارير الدولية عن مساعدات لوجستية وقتالية قدمتها أبوظبي للجيش الأمريكي في الغارات التي نفذها على مواقع للقاعدة في اليمن خلال منذ العام 2016م حتى اليوم.

بل إن الإمارات تذهب إلى القول بأن مهمتها في محاربة القاعدة تأتي نيابة عن المجتمع الدولي، وهو ما يؤكد أن العمليات في حد ذاتها هي وسيلة لكسب المجتمع الدولي، وتسويق القوات الإماراتية وأجنحتها المحلية المسلحة باعتبارها في مهمة قتالية مشروعة، وهو خطاب يحمل الغزل للخارج، ويبحث عن فرص التمكين في الداخل، ويحاول إزالة الصورة السيئة التي ارتبطت بالتواجد الإماراتي في اليمن.

ومن الأهداف التي تتطلع الإمارات لتحقيقها عبر تلك العمليات هي التوسع في المناطق اليمنية التي تحسب على أنها مناطق نفوذ للسعودية في اليمن كحضرموت، ولذلك خرجت المطالبات من أنصار الإمارات عقب مقتل العلامة عيدروس بن سميط في سيئون لتوسيع نفوذ ما يسمى بالنخبة الحضرمية التي تتبع الإمارات لتشمل كل حضرموت، وهذه الخطوة أيضا تنال من رقعة الحكومة اليمنية والجغرافيا العسكرية التي تتحرك في نطاقها.

ووفقا لمختص في شؤون القاعدة فضل عدم الكشف عن هويته في حديثه لـ"الموقع بوست" فإن ما جاء من مطالبات عقب مقتل بن سميط لا يبدو بأنه فقط استغلال للجريمة، بل خلق جريمة لأجل استغلاها.

ويضيف: "الإمارات الصغيرة ستقيد السعودية مترامية الأطراف من خلال توسيع وتعزيز نفوذها في اليمن، عبر افتعال مشاكل أمنية تعد بمثابة مقدمة للسيطرة لاحقا".

ورغم محدودية النتائج التي خرجت بها تلك العمليات وبقائها كحدث يتصدر الإعلام الإماراتي أو الموالي له، فقد جعلت أبوظبي من تلك الحملات أيضا فزاعة للنيل من خصومها، ونشرت وسائل إعلام عديدة تمولها أبوظبي تقارير بأن جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وهي إشارة لحزب التجمع اليمني للإصلاح تقف أمام نجاح تلك الحملات، وهي بالتأكيد محاولة واضحة لخلط الأوراق، وتغطية الفشل بتوجيه الاتهامات نحو الخصوم.

لا يمكن إغفال وجود القاعدة وتنظيم داعش في أغلب المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن، لكن من الواضح أن هذه التنظيمات تتحول إلى ورقة للتلاعب بحثا عن تحقيق مصالح أكثر مما هي حربا حقيقية تستهدف تلك الجماعات الإرهابية، وهذا الوضع هو استمرار لما كان عليه في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح.


التعليقات