[ عارض أبناء المهرة التواجد السعودي منذ وقت مبكر ]
قال الناطق باسم التحالف السعودي الإماراتي في اليمن العقيد تركي المالكي إن الطائرة السعودية التي سقطت اليوم في محافظة المهرة (شرق اليمن) كانت تقوم بمهمة مكافحة الإرهاب والتهريب.
وأثار هذا التصريح العديد من التساؤلات عن العمليات التي تقوم بها السعودية في محافظة المهرة لمحاربة ما يسمى الإرهاب، وهي المحافظة التي ظلت بعيدة عن الصراع والحرب في اليمن طيلة السنوات الماضية.
ولم تشهد المهرة أي تواجد للتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، كما لم تصل لها جماعة الحوثي، وكل هذه الجماعات هي التي تزعم الرياض وأبوظبي أنها تدخلت لمحاربتها في اليمن.
وكثفت السعودية من تواجدها في المهرة مؤخرا، واستحدثت العديد من النقاط الأمنية، كما نشرت أعداد من جنودها المزودين بالعتاد العسكري، مستغلة تعيين شخصيات في السلطة المحلية موالية لها، رغم الاعتراض الشعبي الواسع لهذه الإجراءات.
ونقضت السعودية الاتفاق الذي أبرمته قبل أيام مع المعتصمين في المهرة، بعد التوصل لاتفاق يقضي بتنفيذ ستة مطالب رفعها المواطنين، وسارعت السعودية لاستبدال المسؤول السعودي الذي وقع ذلك الاتفاق مع المعتصمين، واستصدرت قرارات رئاسية جرى بموجبها استبدال وكيل محافظة المهرة ومدير الأمن فيها المعروفين بتأييدهم لمطالب المعتصمين.
وجاء هذا الحضور السعودي الملفت في المهرة ليؤكد أجندة الرياض الرامية لإنشاء ميناء نفطي يمكنها من تصدير النفط إلى البحر العربي دون المرور بمضيق هرمز، وهو ما كشفته وثيقة نشرتها قناة الجزيرة قبل أيام، وعززته مجلة انتليجنس الاستخباراتية الفرنسية التي كشفت أن إنشاء ميناء في المهرة لصالح السعودية جاء بأوامر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ويمثل فرصة لإعادة العلاقة بينه وبين مجموعة بن لادن، التي كان قد سجن أحد مسؤوليها مؤخرا.
الحديث عن الإرهاب في المهرة وفقا لتصريحات المالكي يعد الأول من نوعه، وظلت تبريرات الجانب السعودي عن التواجد في المهرة مقتصرة على مكافحة التهريب فقط، وهو ما ينفيه أبناء المحافظة، ورغم ذلك لم تسجل أي حالات ضبط لمواد مهربة أو أسلحة حتى اليوم من قبل الجانب السعودي منذ تواجده هناك.
لكن الحديث اليوم عن الإرهاب وتبرير تواجد القوات السعودية بمكافحة الإرهاب يلقي بظلاله أكثر على أحداث قادمة، خاصة مع إعلان أبناء المهرة معاودة الاعتصام و تمسكهم بمطالبهم، واتهامهم للسعودية بعدم الوفاء بالالتزام الذي قطعته مع الشخصيات القبلية والاجتماعية هناك.
ومع استمرار التعنت السعودي إزاء مطالب أبناء المهرة وتنفيذ بنود الاتفاق شهدت المهرة مواقف رافضة للتواجد السعودي تمثلت بعدم سماح المواطنين في مديرية المسيلة إنشاء القوات السعودية موقعا عسكريا بمديريتهم، وأعقب ذلك تنفيذ المواطنين لاعتصام مفتوح احتجاجا على تلك الإجراءات.
وشهدت محافظة المهرة مؤخرا توترات عدة بين المواطنين والجانب السعودي، وطالبت اللجنة التنظيمية للاعتصام أربع محافظات يمنية بوقف التجنيد من أبناءها عقب قيام الجانب السعودي عبر السلطة المحلية الموالية له بتجنيد جنود في المؤسسة العسكرية والأمنية من أبين ويافع ولحج والضالع.
وفي الوقت الذي تمسكت فيه القبائل بالمهرة برفضها لأي استحداث تفرضه القوات السعودية هناك، صرح أحد القادة العسكريين السعوديين بأنهم سيستخدمون القوة في حال استمرار الاعتراض على أي معسكر أو قوة تعمل السعودية على استحداثها.
وواصلت السعودية حضورها هناك مستخدمة الحكومة الشرعية لتمتين وجودها، وزار رئيس الأركان في الجيش اليمني اللواء طاهر العقيلي المهرة مؤخرا، وقال إن زيارته تأتي لمكافحة التهريب والاطلاع على الوضع هناك.
ويخشى يمنيون أن تتحول يافطة الإرهاب التي تتحدث عنها السعودية في المهرة إلى مبرر لشن حملات قمع بالقوة تجاه المواطنين هناك، في محاولة لإخضاعهم، وتمرير الأجندة السعودية المختلفة في المهرة.
ويتزامن هذا مع التبرير الذي قدمه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لمجلس الشيوخ مؤخرا زاعما أن السعودية والإمارات يعدان شريك أساسي في مواجهة إيران، وكذلك مواجهة الإرهاب داخل اليمن، وهو ما يخشى من استغلاله في المهرة على وجه التحديد، حيث تتمسك السعودية بقوة في وجودها هناك.