قصص فساد وإغاثة وهمية.. كيف ينظر أبناء المهرة لبرنامج الإعمار السعودي؟ تحقيق ميداني (2-2)
- عامر الدميني الاربعاء, 26 أغسطس, 2020 - 04:00 مساءً
قصص فساد وإغاثة وهمية.. كيف ينظر أبناء المهرة لبرنامج الإعمار السعودي؟ تحقيق ميداني (2-2)

يتحدث مسؤول أمني رفيع المستوى لـ"الموقع بوست" عن عمل برنامج الإعمار السعودي في المهرة، قائلا إن المساعدات التي يقدمها البرنامج للسكان يجري تضخيمها إعلاميا بشكل كبير في وسائل الإعلام السعودية، بينما على الواقع ما يقدمونه ليس سوى مواد قليلة لا تفي باحتياجات السكان، ولا يمكن الاعتماد عليها كمصدر لسد الجوع والاحتياجات اليومية.

 

في وادي المسيلة تعرض السكان هناك للأضرار بسبب إعصار لبان الذي ضرب المهرة في أكتوبر من العام 2018، وظلوا أكثر من أسبوع عالقين جراء الأمطار والسيول، ووفق إفادة أحد السكان لـ"الموقع بوست"، فقد اضطر السكان لأكل أوراق الشجر، والتزود بالماء فقط لإنقاذ حياتهم بعد أن جرف الإعصار كل شيء.

 

لقراءة الحلقة الأولى من هذا التحقيق على الرابط: تحقيق ميداني لـ"الموقع بوست" يكشف حقيقة برنامج الإعمار السعودي في المهرة

                                 

ذهب برنامج الإعمار السعودي لتقديم الإغاثة هناك للسكان عبر طائرة مروحية (هيلوكبتر). يقول أحد المسؤولين المحليين الذي حضر توزيع بعض تلك المساعدات إن الإغاثة التي جاء السعوديون لتوزيعها كانت عبارة عن عشرين كرتون ماء، وجرى توزيع كراتين المياه على السكان في مواقع مختلفة بالمسيلة، مع توثيق عملية التوزيع من قبل مصور خاص جرى جلبه لهذه المهمة.

 

يضيف: "غادرت الطائرة وارتفعت في السماء ورفض السكان استلام تلك الكراتين، وتركوها في مكانها، فقد أحسوا بالإهانة، وشعروا أن تلك المساعدات لا ترقى لمستوى الإغاثة الحقيقية، وليست سوى عمل إعلامي ترويجي بحت".

 

 

حقيقة برنامج الإعمار السعودي في المهرة .. إعمار أم إحتلال؟

Posted by ‎Almawqea Post الموقع بوست‎ on Saturday, August 22, 2020

 

تكرر الأمر في منطقة الفتك أيضا التي تضررت من إعصار لبان، وعندما هبطت طائرة مروحية لإغاثة السكان، رفض السكان المتضررون المساعدات المقدمة من السعوديين، وأرغموا الطائرة على المغادرة، وهو ما أظهره فيديو مسجل لعملية طرد الطائرة السعودية والموظفين فيها.

 

 

فساد في الكهرباء

 

بالنسبة للكهرباء يرى مسؤول في مكتب الكهرباء خلال حديثه لـ"الموقع بوست" أن ما يتردد حول دعم برنامج الإعمار السعودي للكهرباء في المهرة ليس سوى إعلام ودعاية إعلامية لا أكثر.

 

يضيف هذا المسؤول بأن السعودية وعدت المحافظ السابق راجح باكريت بتوفير أربعين ميجاوات من الكهرباء، لكن لاحقا جرى تقديم 10 ميجاوات فقط، وعندما وصلت الآلات الخاصة بالكهرباء كُتب عليها بأنها هدية من خادم الحرمين الشريفين، باعتبارها أحد مشاريع برنامج إعادة الإعمار التابع للسعودية.

 

يتحدث هذا المسؤول عن مشاريع في قطاع الكهرباء كانت تشيد على نفقة السلطة المحلية، وعندما جاء البرنامج السعودي للإعمار انتقلت لتصبح مشاريع حاصة بالبرنامج، وبدا الأمر كما لو أن السعودية من وفرت تلك المشاريع، مضيفا بالقول إن الآلات التي جرى شراؤها من قبل السعودية كما زعمت ليست النوع المطلوب، رغم تقديم دراسة متكاملة للسلطة المحلية والجانب السعودي بتوفير آلات معينة.

 

اقرأ أيضا: تحقيق حصري يكشف قصة وصول السعودية إلى المهرة وتحويلها مطار الغيضة إلى قاعدة عسكرية

 

يكشف مسؤول آخر في السلطة المحلية حضر لقاء رئيس الوزراء معين عبد الملك عند زيارته للمهرة من استحواذ البرنامج السعودي على المشاريع التي تنفذها السلطة المحلية في المهرة، وأكد أن رئيس الوزراء وعد بحل هذا الإشكال، لكن عملية سحب المشاريع والجهود التي تقدمها أو تقوم بها شخصيات يمنية أو مؤسسات حكومية ظلت تجيرها لصالح مشروع إعادة الإعمار السعودي مستمرا.

 

وعن حقيقة الدعم السعودي المقدم للكهرباء يقول أحد المهندسين في مكتب الكهرباء لـ"الموقع بوست" إن برنامج الإعمار قدم سبعة محولات لكن جرى استبدالها لاحقا لعدم كفاءتها.

 

ويضيف: "تم تكليف فريق من المهندسين والمقاولين لإعادة تشغيل الكهرباء للمحافظة بعد إعصار لبان الذي ضرب المحافظة، وتلقى المسؤولون وعودا بدفع تكلفة الإعادة، وبعد إنجاز المهمة أعلن برنامج الإعمار أنه من قام بإعادة الكهرباء في المهرة، وكتب المحافظ بصفحته هذا الكلام، وجرى لاحقا عرقلة تسليم المبالغ المالية للمهندسين والمقاولين الذين أعادوا تشغيل الكهرباء وإصلاح المنظومة الكهربائية، ثم وعد الجانب السعودي والسلطة المحلية بتسديد تلك المبالغ لكنها لم تصرف.

 

يتحدث أحد المسؤولين الماليين في مكتب وزارة الكهرباء المهرة لـ"الموقع بوست" عن حقيقة الدعم السعودي، ويشير إلى وجود تداخل بين ما خصصته السلطة المحلية لمشاريع الكهرباء وبين ما يعلن عنه برنامج الإعمار، ويؤكد أن الجانب السعودي شكل لجانا لمتابعة الكهرباء في مختلف مديريات المهرة، وباتوا على علم بما تحتاجه المنظومة الكهربائية في المحافظة، لكنهم مع ذلك لم يقدموا شيئا، ويضيف أن برنامج الإعمار كلف فريقا مصريا سعوديا لمعرفة متطلبات الكهرباء في المهرة، وجرى رفع تقرير للعمل بالتوصيات، لكن لم ينفذ منه شيء.

 

يشير هذا المسؤول إلى أن مكتب الكهرباء في المحافظة لا يملك خزانا خاصا بوقود الكهرباء، ويتم تخزين الوقود في مخازن شركة النفط، مؤكدا أن شركة النفط التي يديرها أحد أقارب المحافظ السابق راجح باكريت تعاني من فساد كبير، رافضا الإفصاح عن طبيعة ذلك الفساد.

 

 

يواصل حديثه بالقول إن برنامج الإعمار السعوديين منحة من المشتقات تقدر ب 180 ألف لتر من الديزل يوميا للكهرباء العمومية والأهلية، لكن هناك شكوك تتعلق بعملية تبرع السعودية بهذه الكمية من المشتقات، وبعملية فساد متصلة من قبل شركة النفط والمحافظ السابق، خاصة مع وجود مبالغ مالية رسمية لشراء المشتقات النفطية.

 

للتذكير هنا فقد تسبب إعصار لبان بتدمير المنظومة الكهربائية وتمزيقها، وغمرت المياه بعض المحطات خصوصا في المديريات الساحلية وسحب كونتيرات كاملة في بعض المحطات، والأعمدة تهدمت وجرفتها السيول للبحر.

 

وفي المهرة هناك خمس محطات عمومية للكهرباء في المحافظة، الأولى في الغيضة حيث المقر الرئيسي، والبقية تتوزع على مديريات سيحوت والمسيلة وقشن وحصوين وحوف وترتبط بالمقر الرئيسي للشركة بالغيضة، أما مديريات منعر وحات وشحن فيتم تغطيتها بكهرباء أهلية من قبل السلطة المحلية عبر مولدات صغيرة وشركات محلية.

 

بالعودة لحديث المسؤول المالي في مكتب الكهرباء يؤكد هذا المسؤول أن شركة النفط تقدم الديزل للكهرباء والزيوت وقطع الغيار والفلترات باعتبارها مقدمة من السلطة المحلية وتقيد تلك المبالغ على مكتب الكهرباء المطالب بدفعها لاحقا.

 

ويضيف: "هناك مشاريع يجري تنفيذها وتجييرها لصالح البرنامج السعودي للإعمار في المهرة بغموض يصعب فيه التفريق إن كانت ممولة من البرنامج حقا أم من السلطة المحلية، كما يتم تهميش الجهات الحكومية المختصة التي يفترض أن ترفع بالمشاريع التي تحتاجها، والاستعانة بفرق أخرى ليس لها ارتباط مع المؤسسات الحكومية المختصة، مثل الكهرباء".

 

ويواصل حديثه قائلا: "يتم شراء قطع الغيار من قبل الجانب السعودي بمواصفات غير مطابقة لتلك التي تطلبها الجهات الحكومية أو قطع غيار وأجهزة غير أصلية وتتعرض للتلف بسرعة"، ويختتم حديثه بالقول: "رفعنا تقريرا بشراء مكائن للكهرباء بمواصفات معينة، وتفاجأنا لاحقا بشراء مكائن غير أصلية، بل يجري تجميعها في جبل علي بالإمارات، وتستهلك من الوقود اليومي أضعاف ما تستهلكه المكائن التي طلبناها".

 

إغاثة وهمية

 

يقول أحمد رعفيت الأمين العام للمجلس المحلي في مديرية الغيضة إن إعصار لبان تسبب بكثير من الخسائر المادية في المهرة، وشل الخدمات وأكثرها في الطرقات مع بعض أبراج الاتصالات وأضرار في قوارب الصيادين، وتضرر طريق الغيضة شحن بشكل كبير، وكذلك طريق الغيضة حوف.

 

يضيف في حديثه لـ"الموقع بوست": "لم نرَ أي بادرة لإصلاح تلك الأضرار سواء من السعودية أو السلطة المحلية خاصة الطرق التي تعد همزة الوصل بين مختلف مديريات المحافظة، وبقية المدن اليمنية والعالم الخارجي أيضا".

 

 

يقول رعفيت: "بالنسبة للمشاريع التي تقول السعودية إنها تنفذها ضمن برنامج إعادة الإعمار في الغيضة كحفر الآبار والمدارس وتأهيل مستشفى الغيضة فهناك احتياج محلي لها، وتم الإعلان عن تدشينها من الجانب السعودي، ولكن من خلال التحري عنها مع كثير من المقاولين الذين أسندت لهم مهمة التنفيذ أكدوا لنا أنهم لم يستلموا أي مبالغ من برنامج إعادة الإعمار تخص تلك المشاريع".

 

ويواصل حديثه بالقول: "هناك مشروع مد خط من آبار الغيضة إلى خزانات الغيضة تم منح تنفيذ المشروع لأحد المقاولين عن طريق التكليف وليس وفق إجراءات المناقصة المعروفة عند تنفيذ المشاريع، بمبرر أن المحافظة في حالة طارئ، وهذه الطريقة غير قانونية".

 

ويردف: "هذا المشروع عبارة عن مد أنابيب لتوصيل مياه الشرب للسكان من آبار وادي فوري التي تبعد عن الغيضة بمسافة 16 كيلومترا، ووفقا لما علمنا فقد تم تكليف المقاول بالعمل بالمشروع مقابل ثلاثة ملايين دولار، وبعد فترة قام مسؤول برنامج الإعمار في المهرة بتغيير المقاول، وتكليف مقاول آخر بتنفيذ ذات المشروع ولكن بكلفة جديدة وصلت إلى ثمانية ملايين دولار".

 

 

وعن مشروع حديقة الغيضة يقول رعفيت إن "هذا المشروع تم اعتماد تمويله من إيرادات المحافظة، ومع قرب افتتاحه تفاجأنا بوجود لافتة في مكان المشروع بأنه يتبع برنامج الإعمار السعودي، مع أن العمل فيه بدأ قبل وصول برنامج الإعمار، وهذا التجيير للمشروع قام به المحافظ السابق راجح باكريت ليسوق للسعودية وتواجدها في المهرة كنوع من الدعاية أمام الشارع في المهرة، ولا ندري إن كان المحافظ تسلم ميزانية المشروع مرة أخرى من الجانب السعودي أم ماذا، وإن كان فعلها فأين ذهب الاعتماد المالي للمشروع المقر من إيرادات المحافظة".

 

اقرأ أيضا: تحقيق ميداني يكشف ممارسات القوات السعودية في منفذ صرفيت

 

وعن تقييمه للمشاريع التي أعلنت السعودية عن تنفيذها في المهرة عبر برنامج الإعمار السعودي، يعلق رعفيت بالقول: "من ناحية تقديم السعودية لأعمال إغاثة في المهرة، فلا نرى تلك الإغاثة إلا في وسائل الإعلام التابعة لها، أما رؤيتها بالعين المجردة على الأرض فلا أثر لها".

 

ويستشهد على ذلك بما جرى في منطقة الفتك التي تضررت من إعصار لبان ويبلغ عددها أكثر من ألفي مواطن، قائلا: "جاءت السعودية عبر برنامج الإعمار ووزعت على المواطنين هناك بعض كراتين الماء وبعض الأكل الخفيف وحوالي أربعة أكياس من الأرز عبر المروحيات التابعة لقواتها في المهرة". ويسخر من ذلك بالقول: "قيمة البترول الذي استهلكته تلك الطائرات عندما أقلعت من المطار إلى المنطقة يبدو أعلى من قيمة كراتين الماء التي أنزلتها تلك الطائرات للسكان المتضررين".

 

ويعتبر رعفيت أن هدف السعوديين وبرنامجهم هو الدعاية لأنفسهم أمام العالم بأنهم فعلا ينفذون مشاريع إغاثية للسكان في المهرة، ومن المؤسف أنه يجري توثيق وتصوير تلك الإغاثة البسيطة وبثها إعلاميا بشكل مكثف للترويج لأنفسهم.

 

 

وبالعودة لتداعيات إعصار لبان وحقيقة الموقف السعودي يقول رعفيت: "أثناء وقوع إعصار لبان تواصلنا مع السلطة المحلية وطلبنا منها وناشدناها إنقاذ السكان العالقين في المناطق التي ضربها الإعصار من خلال الطائرات المتواجدة في المطار، ولكن الطلب رفض لأسباب لا نعلمها، وتواصلت شخصيات من المهرة مع الحكومة العمانية لإنقاذ السكان، ووافقت وأبدت استعدادها لتحرك طائراتها على الفور، لكن بشرط إحضار تصريح موافقة من الجانب السعودي للدخول في الأجواء اليمنية".

 

ويضيف: "ثم بادر محافظ حضرموت البحسني وحرك طائرة مروحية عسكرية تابعة للجيش اليمني من مطار سيئون لإنقاذ السكان، ووصلت الطائرة وبدأت بعملية الإنقاذ، وبعد ساعات من انطلاقها وممارسة مهامها قامت القوات السعودية بتحريك طائراتها لإنقاذ السكان، وهناك مواطنون رفضوا عملية إنقاذهم من قبل الطائرات السعودية، بعد أن شعروا أنها خذلتهم، ولم تتحرك لإنقاذهم في بادئ الأمر، وشكل ذلك فضيحة لهم أمام السكان".

 

ووفقا لرعفيت، فإنه للتغطية على هذا الأمر قام المحافظ السابق راجح باكريت بالسفر إلى منطقة ضبوت على متن إحدى الطائرات السعودية، وعندما وصل هناك عرض على الناس الصعود للطائرة والعودة بها إلى مطار الغيضة، وهذه الحركة هدفت لتصوير الناس أثناء صعودهم إلى الطائرة في المنطقة ثم أثناء نزولهم منها داخل المطار، وبثها في وسائل الإعلام لإثبات أن الجانب السعودي قام بالفعل بإنقاذ المتضررين من إعصار لبان، وهذا ما حصل فعلا عندما بثت وسائل الإعلام السعودية أن الطائرات السعودية قامت بإنقاذ العالقين من إعصار لبان في المهرة.

 

عبث وفساد سعودي

 

ثمة جانب آخر يتعلق بعمل برنامج الإعمار السعودي، وممارسته للفساد، وتحويل البرنامج إلى وسيلة من وسائل الثراء. يتحدث أحد العاملين في مكتب الكهرباء بالمهرة عما وصفه بالعبث الكبير للأموال المخصصة متهما مدير المكتب عبد الهادي القحطاني ونائبه أحمد السبت بالاستحواذ على المشتقات النفطية المقدمة من السعودية كوقود للكهرباء.

 

يشير هذا الموظف، الذي رفض الكشف عن هويته بسبب حساسية المعلومات التي قدمها وطبيعة مهنته، أن ذلك العبث الممارس من قبل إدارة برنامج الإعمار للمشتقات النفطية أثر على أداء المنظومة الكهربائية، وخروجها عن الخدمة، مؤكدا أن الجانب الحكومي في المهرة رفع بشكوى رسمية بما يجري للوزارة في الرياض، لكن لم يتحرك أحد للتدخل.

 

 

يتحدث الموظف عن عبث مالي يطال مستحقات المهندسين العاملين في مشروع المشتقات النفطية المقدم للكهرباء، من خلال رفع القحطاني كشوفات وهمية للمهندسين العاملين، بينما يجري إهمال حقوق المهندسين المختصين العاملين في الميدان.

 

ويكشف بأن مسؤولين في الكهرباء والبرنامج تورطوا في بيع مولدات كهرباء مخصصة للمهرة، وزعموا لاحقا أنها تعرضت للسرقة، مؤكدا بأن برنامج الإعمار من خلال احتكاره للمشتقات النفطية يمارس شراء النفوذ للمشايخ من خلال منحهم كميات من الديزل، لدفعهم للعمل مع السعودية.

 

إحتلال لا إعمار

 

يتساءل الشيخ علي سالم الحريزي عن أسباب عدم شروع دول التحالف وتحديدا المملكة العربية السعودية في إعمار المناطق التي تعرضت للتدمير بسبب الحرب بعد انسحاب جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح منها، بينما حضرت إلى المهرة بهدف إعادة الإعمار فيها، وهي المحافظة التي لم تتعرض لأي حرب، وظلت بعيدة عن مجمل الحروب التي شهدتها كثير من المحافظات اليمنية.

 

ويضيف في إجابته: "نحن لا نعتبر هذا البرنامج السعودي إعمارا كما أطلقوا عليه التسمية، بل نعتبره نوعا من المساعدات في حال أنها كانت نزيهة، وهي مساعدات جرى تقديمها في جهات كالصحة والتربية، لكن نحن نفهم أن هذا ليس إعمارا، بل شراء ذمم من أجل ترسيخ الاحتلال السعودي على الأرض بما يشبه المقايضة، وما أعلنه السفير السعودي لم ينفذ منهو حتى واحد بالمئة، واعلانه عن تدشين مشاريع تابعة لدولته هي محاولة للتأثير على الرأي العام في المهرة، وامتصاص ردة الفعل الواسعة الرافضة للوجود السعودي".

 

يواصل الحريزي حديثه قائلا: "في مذكرة الاعتقال التي صدرت ضدي من الجانب السعودي وردت في الفقرة الثانية عبارة "معارضة طريق أمني لإعادة إعمار اليمن"، والطريق الأمني المقصود يقع في الربع الخالي بين سلطنة عمان واليمن والسعودية، فما هي العلاقة بين إعمار اليمن والطريق في الربع الخالي خاصة أن هناك طرقا أخرى كمنفذ الوديعة والموانئ والجو عبر المطار، وهذا كله غش وكذب ولا يوجد أي إعمار".

 

وعند سرد بعض المشاريع التي أعلن عنها برنامج الإعمار السعودي في المهرة يقول الحريزي: "بالنسبة لعملية الإعمار فلا يوجد شيء حقيقي على الأرض داخل المهرة، والواقع القائم أكبر دليل على هذا، وهناك إنفاق كبير من أموال الدولة التي يتم تحصيلها وأنفقها المحافظ السابق راجح باكريت لشراء الولاءات من المشايخ وغيرهم للوقوف ضد المعتصمين".

 

وعن إعلان السعودية دعم كهرباء المهرة بالمشتقات النفطية يقول الحريزي: "بالنسبة للكهرباء فالمكائن الخاصة بها مقدمة من سلطنة عمان، والجانب السعودي أصر على إمداد الكهرباء في المحافظة من شحنات الديزل التي أعلن عن تقديمها، رغم أن الكهرباء كانت تعمل من قبل بشكل طبيعي، لكن الذي يجري هو تقديم السعودية لمادة الديزل للكهرباء مقابل تسخير الأموال التي يتم تحصيلها من المنافذ التابعة للمحافظة في شراء الولاءات، لذلك هم يعطوا شيئا للمحافظة من جانب، ويستولوا على شيء آخر".

 

إدراك الحقيقة

 

شخصيات عديدة من أبناء المهرة تعطيك الإجابة الواضحة وأنت تسألها عن حقيقة المشاريع التي ينفذها برنامج الإعمارالسعودي في محافظتهم، فالمعارضون للدور السعودي يرون ذلك غطاء لاحتلال محافظتهم، أما المؤيدون للسعودية فينظرون لذلك نظرة أخرى، ويعتبرونه إنجازا للرياض، لكن الحقائق على الأرض تبدو هي الإجابة الحقيقية.

 

مرور أكثر من عامين على تدشين العمل بالبرنامج داخل المهرة كغطاء لأجندة السعودية لم يمكن لها في الإطباق على المحافظة كما يرى المناوئون، كما لم يمنح المؤيدين للرياض ورقة رابحة لإثبات صدق الموقف السعودي كما يتصورون الأمر، وكل يوم يمضي تتضح الصورة أكثر عن حقيقة البرنامج، وكيف جرى تحويله كواجهة للبقاء والتمدد العسكري السعودي.

 

هذا الحال أدركه الكثير من السكان في المهرة، وبلغ الأمر بعضهم إلى تمزيق اللوحات الإعلانية التي وضعها البرنامج السعودي لأنشطته المزعومة، ولم يسلم من هذا أيضا صور الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ونجله الأمير محمد، حيث تعرضت صورهم التي تتوزع في عدة بقع بالغيضة للحرق، كتعبير من السكان عن امتعاضهم من تلك الوعود التي يصفونها بالكاذبة، ورفضهم لكل تلك المشاريع.

 

من المحرر:

 

سعى محرر المادة للتواصل مع الجهات السعودية سواء السفير السعودي محمد آل جابر، أو القائمين على برنامج الإعمار السعودي في المهرة، وكذلك مسؤولين يمنيين وردت أسماؤهم في هذه المادة بما في ذلك محافظ المهرة السابق راجح باكرت، للاستماع لوجهة نظرهم عما ورد في هذه المادة، لكن لم نتلق أي رد لأشهر طويلة.


التعليقات