[ عليل حسين البجيري - عضو مجلس الشورى اليمني - خاص - الموقع بوست ]
لن يتوقف عضو مجلس الشوى اليمني علي حسين البجيري عند الحديث عن اليمن، وبإمكانه الحديث عن الوضع لساعات طويلة، ومن مختلف الزوايا، وفي كل الملفات، فالرجل عاش مراحل متعددة من تاريخ اليمن، سواء في ظل التشطير سابقا، أو مع الجمهورية اليمنية عقب تحقيق الوحدة في الـ22 من مايو 1990م، وكان له علاقته المميزة مع كثير من الحكام المتعاقبين في المرحلتين.
يتحدث الرجل الذي كان عضوا في مؤتمر الحوار الوطني (2013) في هذا الحوار بألم شديد من الحال الذي وصل له اليمن اليوم، وفتح النار على كل الأطراف، بما في ذلك الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي يتقاسم معه الانتماء لذات المحافظة، وقدم تقييما وإجابات لمختلف التطورات الجارية في اليمن.
لذلك جاء هذا الحوار طويلا، ولكنه ثريا بمضمونه، ويعتبر شهادة وافية، عن واحدة من أهم الحقب خطورة وحساسية في التاريخ اليمني.
نص الحوار:
*لنبدأ من مستجدات الأحداث في اليمن، والتطورات التي شهدتها محافظة شبوة، كيف ينظر لها البجيري؟
**ما جرى بالأمس واليوم في محافظة شبوة، ومن قبلها عدن وأبين هو تقاسم المصالح والكعكة اليمنية بين دول الاحتلال الكبرى ممثلة براس الشيطان أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا وحلفاءهم، وينفذ عبر وكلاءهم من الأعراب، أو أقزام العرب، ولكن بأدوات للأسف الشديد محسوبة أنها يمنية، وهم مجاميع من الخونة والمرتزقة الذين باعوا أنفسهم وكرامتهم، وارتضوا أن يصطفوا في صفوف أعداء الشعب اليمني.
والحرب اليوم في اليمن تجري تحت غطاء مكافحة الإرهاب، بينما هذا الارهاب هو صناعة هذه الدول الاستعمارية الخبيثة، التي تبتز الشعوب بشتى الطرق والوسائل، لكي تظل مهيمنة على الشعوب المستضعفة، لتنهب خيراتها ومقدراتها، وما جرى ويجري هو من أجل ضم حضرموت والمهرة للسعودية، وسقطرى لأبوظبي، وإلى جانبها المخاء، وكذلك وعود من هذا المجلس الرخيص بتأجير مينا عدن لأبوظبي لمدة مية عام، وكل هذا بعد أن مكنوا أدواتهم الرخيصة في ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي هو صنيعة اماراتية بامتياز، وصنع من أجل هذا الشيء، ومن أجل عودة أسرة المخلوع علي عبدالله صالح لتبسط نفوذها على الشمال، وتمكين بعض محافظات الجنوب أو ما سيتبقى منها لهذا المجلس الهزيل، وهي عدن وأبين ولحج، وأما محافظة شبوة، فهي من نصيب بريطانيا وأمريكا.
* تشكل مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي وعضوية آخرين، هل يمكن لهذا المجلس أن ينقذ اليمن من وضعه الراهن؟
**وجهة نظري حول المجلس الرئاسي في اليمن كوجهة نظر أي مواطن يمني تفاجئ بهذا الأمر، الذي لم يكن يتوقع حصوله، ورغم شكوك اليمنيين، وعدم رضا وقناعة الغالبية العظمى حول ما جرى، إلا أن اليمنيين استبشروا خيرا في شخص رئيس المجلس الدكتور رشاد العليمي، فهو رجل ذو تجارب، وملم بكل ما تعانيه اليمن اليوم، ونثق في قدراته السياسية، ولكننا نشك في استمرارية هذا المجلس، فهو خليط متناقض، مصنوع صناعة خارجية، ويمثل أجندات ومصالح دول التحالف، ولا يمتلك القرار السيادي، وليس لدى اليمن كدولة من هذا الخليط العجيب سوى الاسم فقط.
*جاء المجلس الرئاسي خلفا للرئيس هادي، ما القصة الحقيقية لإقالته؟
** في الحقيقة هادي أجبر على الاقالة من قبل التحالف بقوة، فالسعودية قامت بعملية تمثيلية، ومسرحية مكشوفة، لإنجاح خطتها وطبختها الخبيثة، واستدعت الكثير من اليمنيين إلى الرياض بمبرر إجراء مشاورات، لمناقشة هموم اليمن، وجمع شمل اليمنيين، وللأسف الشديد هرول الكثير من اليمنيين لتلبية دعوة شقيقة الراس المزمنة، دون وعي وإدراك من الكثير حول ما يحاك، ويخطط له التحالف الغدار.
اغتنمت السعودية فرصة هذا الجمع من اليمنيين الذي كان للأسف مثل "شاهد ما شاف حاجة" أو على قول المثل "مثل الأطرش في الزفة" وقدمت لهم أوراق بصور ملتوية ليوقعوا عليها إجباريا، والحقيقة لم يكن هناك حوار ولا أخذ وعطا من قبل الحاضرين، وكلما تم هو عمل عشوائي، ومرر التحالف ما يريده متجاوزا كل الأعراف، والقيم الإنسانية، وسيادة اليمن، وكرامته، وصوت الناخب اليمني، فالرئيس هادي منتخب شرعي من قبل الشعب اليمني.
*أين الرئيس هادي اليوم؟
**هادي لازال في وكر الأفعى السامة في الرياض، ولا يستطيع الخروج، فالتحالف يدرك الجريمة النكراء التي قام بها معه، ويخشى أن يخرج للخارج ويفضح المؤامرة، ويوضح الحقائق للراي العام العربي والاجنبي، لذلك جرى منعه من السفر؟
*بحكم كونك تنتمي لذات المحافظة التي ينتمي لها الرئيس هادي، هل هناك تواصل بينك وبينه بعد قرار إقالته؟
** للأسف ليس لي تواصل مع هادي، ولا مع أبناءه، حتى عندما كان في السلطة، ومرة واحدة فقط كان بيننا تواصل، عندما استدعاني إلى الرياض، لأداء اليمين الدستورية كعضو مجلس الشورى فقط، وبعد ذلك أغلقت الرياض وابوظبي الأبواب على هادي ولم يستطيع الوصول إليه أحد.
*هل استحق الرئيس هادي هذه النهاية بعد وفائه للسعودية واستنجاده بها، والعمل معها طوال السنوات الماضية؟
** وفاء هادي للسعودية كان وفاءً في غير محله، فالسعوديون لا عهد ولا ذمة لهم، ولا يحترمون إلا من يمرغ أنوفهم بالتراب، أما من يخضع ويضعف أمامهم فلا مكان له ابدأ، وعندك التجارب كثيرة، من اتفاقيات السعودية التي أصبحت مجرد حبر على ورق، ومن هذه الاتفاقيات اتفاقيتين تمتا في الرياض بين اليمنيين بإشراف سعودي، ولم ينفذ منها شي، وعندك اتفاقية الطائف بين اللبنانيين، وعدة اتفاقيات أخرى، والسعودية بيت الإرهاب، ومطبخ المؤامرات، ومن وقع في يدها كان الله في عونه، فهي دولة ضعيفة لا تستطيع تنفيذ أي اتفاقية، وسياساتها متقلبة لا تستقر.
*نعود إلى المجلس الرئاسي، مر أكثر من أربعة أشهر على تشكيله، هل بالإمكان اليوم قراءة وتقييم مدى نجاح أو إخفاق المجلس؟
**اليمن يمر اليوم بمرحلة عصيبة، وقراره ليس بيده، وهذا المجلس لا يستطيع تقديم أي شيء، ولا يخطون خطوة واحدة إلا بتقديم المزيد والمزيد من التنازلات، وتنفيذ أجندة تحالف التآمر، ويتم اليوم إهانة اليمن وابتزازه بشكل غير أخلاقي، وغير انساني، وغير منطقي، وبصراحة أنا لا أتوقع أن يقدم هذا المجلس شيء إلا إذا تنازل ونفذ وأعطى التحالف ما يريده، على حساب كرامة وسيادة اليمن، ولو أن الرئيس هادي أعطاهم ما يريدونه لعاد ملكا متوجا على اليمن، ومن بعده ابنه، لكنه رفض بإصرار التنازل عن الأرض اليمنية والجزر.
*قلت في حديثك لو الرئيس هادي أعطى التحالف ما يريد لأصبح ملكا، وأن مجلس القيادة لن ينجح إلا إذا تنازل للتحالف، ما الذي يريده التحالف سواء من هادي أو مجلس القيادة، وهل هناك عروض قدمت لهادي بالتنازل عن الأرض والجزر ورفضها؟
** نعم هادي رفض أن يوقع لهم على شبر من الأراضي اليمنية رفضا قاطعا، وتعرض خلال الأعوام الماضية لضغوطات شديدة، وممارسات لا اخلاقية ولا إنسانية من قبل الرياض وابوظبي، وصبت هذه الدول الكرتونية جام غضبها على الشعب اليمني في الداخل، وسلطت أدواتها وصناعتها من المرتزقة والخونة المحسوبين للأسف على اليمن، ليحاربوا الشعب اليمني في خدماته من المياه والكهرباء والصحة والتعليم، وإرهاب السكينة العامة، وكانت هذه الضغوط على الشعب اليمني في الداخل، إلى جانب الضغوط على الرئيس هادي في الرياض، وكان ضغطهم ومحاربتهم للشعب اليمني بالخدمات، هو لكي يخرج الشعب اليمني مطالبا بعزل هادي، بعد أن فشلوا أمامه فشل ذريع في التوقيع لهم على ما يريدونه من الأراضي اليمنية والجزر والبحار.
وعندما عجزوا أمام رفض هادي قامت الرياض وأبوظبي بعمل المسرحية الهزلية والتمثيلية المفضوحة، واستدعوا مجاميع من اليمنيين تحت شعار لم الشمل اليمني، بينما هذه الدعوة الخبيثة كانت لإسقاط الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا، والتي وقفت حجر عثرة أمام أطماعهم، وللأسف لبوا النداء مجموعة من اليمنيين ينظرون إلى تحت أقدامهم، ولم يقيسوا الأمور بمقاييس سياسية ووطنية، بل قاسوها بمقاييس العواطف والمصالح الشخصية لهم، وقامت الرياض وأبوظبي بفرض ما تريد بموجب الحضور الهزيل لهذه الجماعات التي جلبتها الرياض، وأرغمت الجميع على التوقيع على ما تريده من عند الرئيس إلى المدعوين لحفلة الخيانة والمكر، ولم يتم الأخذ برأي أحد من الذين جلبوهم، ولا برأي الرئيس، ومن لبوا تلك الدعوة جرى تصويرهم وكأنهم في اجتماع، بينما كانت تلك الصور نوع من البهارات على الطبخة البائخة والسمجة، وبعدها أعلنوا ما يريدون هم، وصنعوا أدوات وخدم جدد موافقين على تنفيذ ما يملى عليهم دون شرط أو قيد.
*يعتبر البعض أن إقالة هادي تعني إبعاد محافظة أبين من واجهة المشهد في الحكم والسياسة واقصائها سواء على مستوى اليمن أو الجنوب كيف تنظرون للأمر؟
** الرئيس هادي دفع الثمن نتيجة رفضه التوقيع للتحالف على الأراضي اليمنية والجزر، ومحافظته أبين تدفع أيضا ثمن موقفها الوطني الثابت، فقد رفضت الانخراط في المجلس الانتقالي المرتهن لأبوظبي، والتابع والمنفذ لأجندتها، ومن الطبيعي أن تتحمل هذا الاقصاء والتهميش، ومحافظة أبين مثلها مثل أي محافظة يمنية تتعرض للتهميش، وليست الوحيدة، وتهميش أبين وغيرها ستكون نتائجه غير مرضية، ولن تستقر اليمن وتنعم بالأمن والاستقرار إلا بالعدل والمساواة في كل شيء، ولابد من اصلاح الخلل، واصلاح الاعوجاج بالعدل والمساواة للجميع.
*قال الرئيس علي ناصر محمد في حوار سابق مع الموقع بوست إن الرئيس هادي استحق قرار اقالته بهذا الشكل، فلم يكن فاعلا أثناء سنوات حكمه، هل تتفق مع هذا الطرح؟
** نعم، اتفق مع ما قاله الأخ الرئيس السابق علي ناصر محمد، أن الرئيس هادي يستحق قرار اقالته، فالحقيقة هادي بالفعل يتحمل كلما جرى، فقد تعامل مع هذا التحالف الغدار من أول يوم بضعف، وبرودة شديدة، ولم يتحرك أو يحاسب على أصغر الأمور، مما جعل هذا التحالف يتنمر، ويتطاول كل يوم أكثر من ذي قبله، كما أن هادي أحاط نفسه بأسوأ بطانة من الأطفال، الذين أحرقوا سمعته، وأساءوا اليه كثيرا، وهم مجموعة من الأطفال عديمي المعرفة والخبرة، والذين لا يحترمون أي يمني، وأغلقوا الأبواب والنوافذ على الرئيس هادي.
*لكن أين هادي نفسه من كل هذا؟ ألم يكن يستشعر ما يجري حوله؟
** هادي لم يقبل بجانبه أي رجل رشيد، كما أن برودته وصمته شجعت تحالف الأشرار، وجعلته يتطاول كل يوم بسبب صمته المريب، وسكوته المخجل، كان يجب عليه كواجب وطني أن يقدم استقالته بصورة مفاجئة، ويعلن للشعب حقيقة ما يدور، ولكنه آثر الصمت، ولو فعلها لدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ولكنه للأسف صمت صمت أهل القبور.
*لكن كان بيده الخروج إلى أي دولة للبقاء هناك أو على الأقل وضع شروطه عندما قرر البقاء في الرياض؟
** هادي عرف مبكرا خبث وعبث هذا التحالف، ولو رفض العودة للرياض حين سنحت له الفرص العديدة للخروج خارج الرياض، وأصر على البقاء في أي دولة لما وصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليه، ولكنه كان ممدد وكأن الأمور لا تعنيه.
*هل تقدمتم له بالنصيحة لتغيير هذا الوضع وقتذاك؟
** نعم نصحناه ونصحه الكثير، وكتبنا، وغردنا، ولكن لا حياة لمن تنادي.
*بماذا تفسرون عدم اكتراثه للوضع الذي كان عليه رغم نصائحكم وانتقاد الكثير له؟
** هادي لم يتعامل مع هذا التحالف الشيطاني من أول يوم بالحزم والقوة، بل تعامل معهم بالعاطفة والنية الصادقة، بينما السياسة ليس فيها عواطف ولا حسن نوايا ولا تهاون، ومصيبة هادي أنه مثل الأصم الأبكم، ولا يسمع النصائح من أحد، وكان يعتبر هو وأولاده أن أي ناصح لهم هو متطفل وغبي، وكيف له أن ينصح رئيس، هذه ضحالة أفكارهم للأسف، كما أن أم المصائب التي نكبت هادي وشرعيته أيضا، أنه بقي ممدد في الرياض يأكل ويشرب، ويمضغ القات طوال السنين، على أمل أن التحالف والمجتمع الدولي سيعيد كل شيء ليده، ولم يحاسب على صغائر الأمور، وعندما وجد التحالف السكوت وعدم المحاسبة على الصغائر انفتحت شهية الاعداء أكثر وأكثر، ومرروا الأكبر ثم الأكبر، وفي الأخير تخلوا عن هادي وشرعيته، وأساءوا لليمن وكرامتها وسيادتها.
* هل هذا يعني أن هادي لم تكن لديه أي إيجابية أبدا؟
** للإنصاف هادي له بعض الإيجابيات، ويجب أن لا ننكرها، ومنها رفضه التوقيع على التنازل عن الأرض اليمنية رفضا قاطعا، وتمسكه بالوحدة اليمنية، ورفضه أيضا لانفصال اليمن، ومن ايجابيات هادي أنه أيضا وقع مع جمهورية الصين الشعبية في نوفمبر 2013 على مشاريع عملاقة في اليمن، ولو نفذت لانتشلت اليمن ورفعتها عاليا، ولكن الخطأ الذي ارتكبه هو عدم تفعيل بنود تلك الاتفاقية لاحقا، والتأخر في تفعيلها، مع العلم أن هادي دعا الصين في مارس من العام 2015 أي قبل تفجير التحالف للحرب في اليمن بعشرة أيام لتفعيل تلك الاتفاقية، وربما كان هذا سر النقمة عليه، وتعجيل السعودية والإمارات للحرب على اليمن، لمنع تنفيذ تلك الاتفاقية التي كانت ناجحة بكل المقاييس.
عودته من الصين، وكان يفترض أن يطلب من الصين البقاء هناك، ويبرم معهم اتفاقية أمنية ودفاع مشترك، وتنفيذ الاتفاقيات على أرض الواقع، ولكنه عاد مسرعا إلى وكر الأفعى السامة، ويستحق (يستاهل) ما حصل له، وانتهى كل شي.
*بالحديث عن التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات في اليمن منذ سبع سنوات، كيف تنظرون لهذا التدخل؟
** الشعب اليمني عن بكرة أبيه في بداية تدخل التحالف هلل وكبر لهذا التحالف، وكان اليمنيين قيادة وشعب ينظرون في البداية لأشقائهم وجيرانهم نظرات أخوية، وكان الجميع يهتف بأسمائهم وبشعارهم المزيف، فهم أعلنوا للعالم بأن تدخلهم في اليمن جاء لمحاربة المد الفارسي، وكسر إيران، وعدم تمكينها من اليمن، ولكن السنين العجاف التي مرت على اليمنيين كشفت ما كان مخفيا، وظهر هذا التحالف على حقيقته، واتضح أنه هو الداعم الأساسي للحوثي في صنعاء، ولمجلس أبوظبي في عدن، وهو من يغذي الطرفين بالأموال والسلاح والسيارات والدواء والغذاء والبترول ومشتقاته، واتضح لنا فيما بعد أن السعودية والإمارات وإيران ومعهم اسرائيل يتقاسمون اليمن وثرواته وجزره، وأن الحرب ليست على إيران، ولا على الحوثي، بل هي حرب شعواء على الشعب اليمني، أرضا وانسانا فقط.
* سقطرى تحت هيمنة الإمارات، والسعودية تتواجد في المهرة، وكلا الدولتين تتحكمان باليمن، وهناك دور خارجي أيضا مؤثر في اليمن، ما مبررات هذا الحضور الاجنبي في اليمن في الوقت الراهن؟
** اليمن أرض بكر، وخيراتها وثرواتها هائلة، ولازالت في باطن الأرض، والوكلاء الأقزام للغرب في منطقتنا العربية سال لعابهم على اليمن، بما تمتلكه من ثروات هائلة، وموقع جغرافي هام، وجزر ذات أهمية، وشواطئ مترامية الأطراف، ومناخات متعددة، لذلك اتفقوا مع أسيادهم في أمريكا وحلفاءها الأوروبيين واليهود، وعلى رأسهم بريطانيا التي تعد الشلال الذي لا ينضب من الأحقاد والمؤامرات، ورسم الخطط الجهنمية للشعوب العربية والإسلامية والأفريقية منذ قديم الزمن.
*على ماذا اتفقوا؟
** اتفقوا على البسط (السيطرة) على منابع ثروات اليمن، وجزره وممراته الدولية الهامة، وإذكاء الصراعات والحروب، والفتن والعصبيات المذهبية والقبلية، وتحريك ورقتهم وصناعاتهم من القاعدة وداعش والإرهاب، لتبقى اليمن إلى مالا نهاية في صراع وقتال، بينما يتمدد هؤلاء الغزاة في الأراضي اليمنية، وينهبون ثرواتها وحقوقها تحت شعار محاربة الارهاب والقاعدة وداعش والاخونج وإيران، بينما هذا كله ضحك على شعبنا اليمني، ولكن الله سيخذلهم، وشعبنا اليمني لن يسكت أكثر مما قد سكت، والله غالبا على أمره.
*لكن السعودية والإمارات دخلوا في مواجهات عسكرية فعلية مع الحوثيين في اليمن، وإيران لها علاقة بالحوثيين وفقا لتقارير دولية؟
**السعودية وأبوظبي اتضح للأسف أنهم لم يتدخلوا في اليمن لمحاربة المد الفارسي، كما كانوا ولازالوا يدعون، واتضح لليمنيين وغيرهم أن السعودية وأبوظبي هم العبيد الخاضعين الأذلاء للإيرانيين، والدلائل كثيرة، فهذا التحالف المشبوه من أول يوم يعمل على دعم وبقاء الحوثيين في الشمال، ومجلس أبوظبي في الجنوب، وهو من يغذي هؤلاء بالأموال والسلاح، وهذا التحالف لا يريد حسم المعركة لا مع الحوثي ولا مع الانتقالي التابع لأبوظبي، ولا يريد بناء جيش يمني، ولا أمن يمني قوي، بل يسعى لتعميق الجراح والعصبيات والمناطقية والمذهبية بين اليمنيين ليظل هولا باقون في اليمن الى ما لا نهاية، بعد تمكنهم من السيطرة على منابع الثروات والموانئ والمطارات، وأهم الممرات البحرية الدولية، ويريدون يمن مريض لا يتعافى أبدا، وكيف لمن سلموا العراق ولبنان وسوريا لإيران أن يعملوا ضدها في اليمن، بل يريدون أيضا تسليم اليمن لإيران، وتقاسم ثرواتها ومواقعها الهامة معها، وهذه هي الحقيقة.
*أنت تتحدث عن المجلس الانتقالي في وضعه قبل عامين على الأقل، لكنه اليوم بات مشاركا في الحكومة والرئاسة، ولكن ذلك تحقق له بعد تمرده على الدولة اليمنية، والشرعية، وارتكابه العديد من الانتهاكات، والسؤال هنا كيف تنظرون لتجربة هذا المجلس، والذي يدعي اليوم أنه الممثل للقضية الجنوبية الوحيد؟
** المجلس الانتقالي التابع لأبوظبي في الجنوب، هو صنيعة إماراتية، ولا يمثل الجنوب، ومن سوء حظه أنه قام بتجنيد ما يقارب الثمانين ألف جندي في الأحزمة الأمنية من يافع، وقادتهم من يافع، وكذلك تأسيس ما يقارب الخمسين ألف جندي في الأمن العام بكل مسمياته المختلفة من الضالع جنود وقيادة، ولكن عندما ارتفعت أصوات الجنوبيين في المناطق الأخرى بدأ هذا المجلس يشعر بالجرم والخطأ الذي ارتكبه بتأسيس مليشيات مناطقية من نوع واحد ومناطق جغرافية محددة، فقام بذر الرماد على العيون بضم جماعات بسيطة من هنا وهناك لكي يغطي على خطاءه، ولكن هؤلاء تحت هيمنة يافع والضالع، وجزء من مناطق ردفان.
وللأمانة أقول إن هذا المجلس لا يمثل شرفاء يافع والضالع وردفان، فغالبية هذه المناطق تنتقد ارتهانه لدويلة أبوظبي، وتنتقد ممارساته العصبية والجهوية في أهم مناطق الجنوب، المتضمنة الثروات والبحار والشواطئ، مثل عدن وحوطة لحج، وأبين، وشبوة، وحضرموت، والمهرة، وسقطرى، فهذه المناطق ليس لهذا المجلس تأثير عليها، صحيح يوجد معهم أربعة أو خمسة في المية من الناس الجهلة الذين لا يدركون الحقيقة، ونعتبرهم مغرر بهم، هذه الحقيقة.
أما موضوع إن هذا المجلس هو الممثل الوحيد للقضية الجنوبية، فهذا كذب، وافتراء، وهناك عدة مكونات، مثل ائتلاف الشيخ أحمد صالح العيسي، ومكون محمد علي أحمد، ومكون حسن باعوم، ومكون فؤاد راشد، ومكون ياسين مكاوي، ومجلس أبناء عدن، وغيرهم.
*لماذا تغيب الاصوات الوطنية اليمنية، أين رجال اليمن ومشائخها ومثقفيها ونخبها من عبث التحالف والتدخل الأجنبي؟
** أقول لك باختصار، أحرار اليمن ورجالها الأبطال والغيورين متواجدين في كل محافظة ومنطقة وقبيلة، وأصواتهم بلغت عنان السماء، ولكن مشكلة اليمنيين ومصيبتهم هي الحزبية الملعونة والمذهبية، ولا تنسى أيضا المصيبة التي ابتلينا بها، وهي مادة القات، هذه الشجرة الخبيثة التي دمرت الشعب اليمني، وقضت على معظم أوقاته، فمعظم الأوقات تهدر في تعاطي القات، وضياع الناس فيه، هذا جانب، والجانب الأهم، أن القيادات البارزة التي يحترمها الشعب، ويتطلع نحوها إلى الآن صامته تماما، ولو اجتمعت هذه القيادات واتفقت على برنامج عمل وأصدرت أول بيان للشعب، توضح فيه أهدافها وأعمالها لالتف الشعب اليمني كله وعن بكرة أبيه حولها، ولأعطاها الشرعية الشعبية بقوة، ولكن للان الكل صامت، ونتمنى أن تبرز الان هذه القيادات، وتلتقط وتنتهز فرصة الغضب العارم الذي يعيشه الشعب اليمني هذه الأيام، فقد ضاقت الأرض على شعبنا بما رحبت.
** وقف التحالف خلف إقالة العديد من الشخصيات الوطنية الحكومية، واستبدلها بأخرى موالية له، لعل آخر هذه الشخصيات كان محافظ محافظة شبوة الشيخ محمد صالح بن عديو، لماذا يمارس التحالف هذه الأساليب؟
** هذا شيء معروف، هل العدو التاريخي الذي يحاربك في كل شيء ويرفض استخراج ثرواتك منذ أن وجد سيرضى أن يأتي من يبني، ويرفع اليمن عاليا في كل المجالات؟ طبعا لا، وعلى سبيل المثال آخر المقالين هو الشيخ محمد صالح بن عديو هذا الشاب الوطني النقي والغيور رفض الانصياع لأوامر هؤلاء الدخلاء في تحالف الأشرار، وكان يتعامل معهم كند، وكرجل دولة، وبشموخ وأنفة، وعزة نفس، وهذا ما أزعجهم، وما أزعجهم أكثر أيضا أن الرجل أثبت جدارته في محافظته شبوة، وقدم نموذجا رائعا لرجل البناء والتنمية والاعمار، وجعل محافظة شبوة خلال ثلاث سنوات زهرة المحافظات اليمنية، رغم المؤامرات عليه من الداخل والخارج، ورغم شحة الإمكانيات، ورغم أن البلد تمر بحرب، ولكنه وبكل عزيمة وإصرار قام بهذه الإنجازات، حتى أصبح محبوب الشعب اليمني كله في كل اليمن.
*هناك مؤشرات تشير لتوجه اقليمي ودولي لعودة نظام علي عبدالله صالح وحزبه وعائلته الى الحكم من جديد في اليمن هل يمثل هذا حلا للوضع في اليمن؟
** أقول لك نعم، والمثل الشعبي اليمني في بعض المناطق اليمنية يقول فيما معناه "حمار تركب عليه ولا حصان لا تجيد التعامل معه"، وطبعا علي عبدالله صالح صناعة وركيزة من ركائز آل سعود، وجندي مملوك لهم، مؤدب ومطيع عند أبواب آل سعود، وهو عبدهم المطيع، هو وأفراد عائلته، وقد خسرتهم بعد الثورة التي خلعتهم وشعرت أن الشعب اليمني قد بلغ عنده الضيق منتهاه من تدخلات آل سعود السافرة في شؤون اليمن، لذلك هي تعمل لعودة عبيدها وأدواتها، وهم يستثمرون المليارات في الإمارات والسعودية، ومن مصلحتهم عودة نظامه الهمجي، لتظل اليمن تحت نعال الأعراب في حروب وثارات وبلاوي وجهل.
الفقيد الشهيد المغدور به الرئيس إبراهيم محمد الحمدي أزعج السعودية، فقتلته بالتعاون مع عفاش والغشمي، ولذلك هي باختصار تبحث عن العبيد والأحذية المفصلة على أقدامها العفنة، ولن تسمح بطلوع أي رجل وطني يمني شهم وغيور، إلا بصمود ووقوف الشعب اليمني موحدا ضدها وأقول لك باختصار، اليمن مكبلة بالحديد والأصفاد منذ أن ارتفع علم بني سعود في نجد، ولن يرى النور اليمن ويبلغ المرام إلا بزوال هذه العائلة الخبيثة.
*اقتحمت قوات أجنبية منزل الشيخ علي سالم الحريزي في محافظة المهرة البوابة الشرقية لليمن، كيف تنظرون لعملية الاقتحام؟
**اقتحام القوات الأجنبية لمنزل الشيخ القبلي البارز علي سالم الحريزي عمل بربري وهمجي، ويتنافى مع كل الأعراف والقوانين الكونية، وهو عمل مدان بكل ما تعنيه الكلمة من معان، وكيف لقوات أجنبية أن تقتحم منزل شخصية اجتماعية بارزة، ووقفت ضد استفزازات هذه الدول المحتلة التي تريد شراء مينا قشن في محافظة المهرة بكل غطرسة وغرور، عبر وزير عميل كتب لهم مبايعه بالميناء دون موافقة الشعب اليمني و لا مجلس النواب، وفي ظل عدم وجود دولة يمنية تمتلك قرارها، وهو وزير مفروض على اليمنيين من قبلها هي وحليفتها دولة الإمارات.
*غاب السلام في اليمن وحضرت الحرب والنزاعات من المسئول عن هذا الوضع؟
*اليمن اليوم يعاني مثل ماتعاني دول العالم الثالث المتضررة من سياسة القطب الواحد، وما يجري في اليمن هي مؤامرات أمريكية غربية يهودية، وينفذها الوكلاء المخلصين والمنبطحين من الحكام العرب، الواقعون تحت أقدام أعداء الأمة العربية والإسلامية، ونحن جزء من هذا العالم المتضرر من السياسات الغربية الأمريكية ووكلاءها في المنطقة العربية.
هذه الشعوب المضطهدة تهدر كرامتها وانسانيتها وتسلب حقوقها ومقدراتها، من قبل هذه الدول الاستعمارية الخبيثة منذ سنين طويلة، وصنعوا فيها الجهل والتخلف، مثلما صنعوا فيها الارهاب والبطش والقتل، وأوجدوا القاعدة وداعش، وشجعوا ودعموا النعرات القبلية والعصبية وأججوها في هذه البلدان، وعمقوا المذهبية حتى لا تقوم لهذه الأمم قائمة، وحتى تظل دول الغرب وامريكا واليهود ينهبون ثروات هذه الشعوب المقهورة، التي باتت مشغولة بالتناحر والاقتتال فيما بينهم، ولكن ثق يا أخي الكريم ان نجم الغرب وأمريكا ووكلاءها قد بدأ بالأفول، وبالمقابل بدأ نجم الشرق بالظهور، وقد أصبحت هذه الشعوب المقهورة اليوم تتطلع بكل شوق ولهفة في دول العالم الثالث لإقامة علاقات ندية محترمة، مع المحور الشرقي، على ضوء علاقات مبنية على الاحترام المتبادل، والشراكة الحقيقية، وتبادل المنافع والمصالح معها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، ولاشك أن الروس قد استفادوا من التجارب المريرة، ومن اخطأ أمريكا والغرب في سياساتها الاستكبارية مع الشعوب، وخاصة دول العالم الثالث، ويتطلع احرار هذه الشعوب اليوم بكل شوق لظهور المحور الشرقي، لتنتفض في وجه الغطرسة والغرور الامريكي والغربي ووكلاءهم في المنطقة.
*التقيتم بسفراء ومسئولين أجانب مؤخرا، ما طبيعة النقاشات التي دارت معكم؟
* نعم التقيتُ بدبلوماسيين فرنسيين وهولنديين ونرويجيين، وشرحنا لهم حال اليمن، وقلنا لهم أن الشعوب المقهورة اليوم في دول العالم الثالث كفرت بسياساتكم واستعلاءكم وازدراءكم بهذه الأمم، وهضم حقوقها، ونهب مقدراتها، وادخال الصراعات والحروب والفتن والعصبيات المذهبية والدينية فيها، وخلق الارهاب من القاعدة وداعش وغيرها من المسميات، ونصحناهم وقلنا لهم إن المتغيرات والمستجدات الدولية المتسارعة اليوم لا تخدم الغرب وامريكا ووكلاءها في المنطقة، وأن قهر الشعوب من ممارسات الغرب جعلتها تتطلع بكل شوق لبروز وظهور المحور الشرقي لتنتفض في وجودكم ،وتتعرض مصالحكم للخطر، ومن بعد هذه اللقاءات لمسنا ليونة غير معهودة في الموقف الفرنسي تجاه اليمن.
*هناك مطالب اليوم تنادي بالانفصال والتراجع عن الوحدة اليمنيةـ كيف ترى هذه الدعوات؟ هل التراجع عن الوحدة اليمنية يعد حلا للوضع القائم في اليمن أم أنه يفاقم المشكلة؟
**الوحدة اليمنية اليوم بالنسبة لنا في الجنوب أصبحت أهون الشرين، وسبق لي في مقابلة تلفزيونية أن قلت إنني قد كرهت الوحدة اليمنية في عهد علي عبدالله صالح كره العمى، وبالمثل كرهتُ الانفصال كره العمى في عهد انتقالي أبوظبي، الذي فصل الجنوب تفصيل مناطقي على مقاس جغرافي قروي قبلي ضيق، ولكن لا يعني ذلك القبول بوحدة الضم والالحاق والعصبية والمناطقية والجهل والتخلف والظلم والعبودية والاستبداد والهيمنة والديكتاتورية، فنحن مع وحدة تؤسس من جديد على أسس وطنية صحيحة وسليمة، بعيدا عن وحدة عفاش ومتنفذيه من اللصوص والقتلة والمجرمين والسرق وناهبي الثروات والأراضي.
*الحوثي لايزال متعنت ويرفض السلام، بل انه يحقق مكاسب اليوم لماذا يبدوا ثابتا بينما تخسر الشرعية اليمنية كل يوم؟
** بالنسبة للحوثي، فأقسم بالله العظيم لو يعود للصواب ويتخلى عن المذهبية، واجترار الماضي، والتمسك به، ويتخلى عن ايران إن الشعب اليمني سيقبل عليه عن بكرة أبيه، لأن الحوثي وبكل أمانة عرف كيف يتصرف مع عنجهية آل سعود وغرورهم، ومرغ أنوفهم، فهو قوي، ولذلك إذا تخلى عن ما ذكرناه فسيلتف حوله كل أبناء اليمن، ويوجهون سلاحهم جميعا للعدو الحاقد، الذي يدوس اليمن منذ أن رفع علمه الشيطاني في أرض الحرمين، كما أن من حسنات الحوثي أنه قطع رأس الأفعى "عفاش"، فهل سيعود الحوثي ويدرك أننا جميعا مسلمين، وأن الدين واحد، والقران واحد، والرسول صلى الله عليه وسلم واحد، ونتعامل كما كان في السابق، لا هذا شافعي، ولا هذا زيدي، ولا هذا شيعي، واليمن يتسع للجميع، وخيراته وثرواته ستغني الجميع.
*لكن الحوثي هو الآخر لا يقل خطورة في اليمن عن ورقة الانفصال والمناطقية في الجنوب، وهناك جرائم ارتكبها، وليس مقبول شعبيا في المناطق التي يحكمها، بل يحكم بالقوة والنار؟
** أنا أنصح الحوثي بالعودة لجادة الصواب، فهو يمني، وهو بصراحة خير من يمرغ أنوف أعداء اليمن بالتراب، وهو من هز هيبة السعودية والإمارات المبنية بالوهم والغرور، وندعوه أن يترك المذهبية، وقطع يد إيران عن اليمن، وإن أراد الحوثي كسب الشعب اليمني حوله فعليه أن يتخلى عن ما يثير اليمنيين ضده، وكلامي هذا هو خوفا على اليمن، فلو ظل الحوثي متشددا في مكانه، ومجلس دويلة الشياطين في عدن متشدد في مكانه ستذهب اليمن إلى غير رجعة، لا الشمال سيبقى شمال، ولا الجنوب سيبقى جنوب، وسيتمزق اليمن لدويلات مناطقية وعصبية متناحرة جيل بعد جيل.
*هناك حكاية تتردد من أن الرئيس السابق صالح استدعاك بعد القصيدة الشهيرة والتاريخية الذي قلت في مطلعها: لا عاد ابا وحدة ولا أنا وحدوي.. ماهي تفاصيل هذه الحكاية؟
** نعم استدعاني عدة مرات ورفضت مقابلته، إلا بوجود مجموعة من زملائي في الحراك الجنوبي، وكان الوسيط الأخ الوزير المحترم عبدالقادر هلال رحمه الله، وقابلناه انا وزملائي، وحصلت مشادات عنيفة بشكل لا تتصوره، وكان يرفع صوته علينا ويهددنا، وكنا نحن أيضا نرفع أصواتنا اكثر من صوته لدرجة اني والله لاحظته قد شعر بالإهانة، خاصة أمام مراسيمه وحراسه ومعاونيه، وهو الاسد الذي يزأر في وجوهم، ويناولهم الكفوف بعض الأحيان، ولكنه شعر أمامهم بالغضب، وهم يسمعون أصواتنا.
التفت صالح خلال النقاش لمن حوله، وخاطبهم بصوت مرتفع "برا اخرجوا واغلقوا الباب وممنوع الدخول"، وخرج جميع معاونيه واغلقوا الباب، فإذا بعفاش ينقلب انسان وديع، وعاد مبتسما، وخفض صوته، ونحن خفضنا أصواتنا أيضا، وبعدها قال لنا "إخواني نحن طلبناكم للتفاهم والحوار، ولم نطلبكم للقتال"، وحينها شعرنا أنه لا يريد أحد يرفع صوته وينتقده أمام معاونيه، وهو الاسد الذي يعمل ما يشاء، وطلب منا برنامج عمل فيما نراه مناسب، وأبدى استعداده لتنفيذه، وطلبنا منه أسبوع لنعد مطالبنا، وخلال أسبوع قدمنا له برنامج لإصلاح حال البلاد والعباد، ولم نقدم له طلبات خاصة لنا، وبعد أسبوع سلمنا هذا البرنامج، وأشهد لله أن الدكتور عبدالكريم الارياني وهلال أعجبوا بهذا البرنامج أيما إعجاب، ولكن عفاش ما كان يرغب إلا في اصحاب كل شيء تمام يا فندم، أخذ البرنامج ووعدنا ولكنه وعد عرقوب.
*في قصيدتك قلت بيتا شعريا لافتا، عندما قلت إن جت بريطانيا رحبنا بها وإن جاء اليهودي مرحبا به مرتين، هل ترى أننا وصلنا الان لنفس الوضع من التدخل الخارجي واستقدام القوى الاجنبية لليمن، وأن بعض القوى سلكت هذا السلوك؟
**نعم قلت هذه القصيدة، ولكن بعض الناس فسروها على مزاجهم، ولكن الناس التي تفهم معاني القصائد الشعبية بصورة صحيحة أدركت المعنى عندما قلت إن جت بريطانيا فأنا وجهتها لعفاش حينذاك، لكي يعلم مستوى الضيق والظلم والعبودية والاستبداد والهيمنة والديكتاتورية والقهر الذي مارسه علينا في الجنوب بعد الوحدة، وأن الشعب في الجنوب طرد بريطانيا، وانه بعد المقارنة بين نظام عفاش ونظام بريطانيا أصبح الأجنبي أرحم منه، وهذه الكلمة كانت لإثارته، ودفعه نحو مراجعة حساباته الخاطئة فقط، ولكن من يتمعن في معاني القصيدة سيعرف أني وحدوي للعظم، فقد قلت فيها أنا انفصالي رغم أني الوحدوي، والمدعي كذاب عبرها سنين.
*اذا كان للبجيري نصيحة لليمنيين فبماذا تنصحهم اليوم؟
**نصيحتي لليمنيين بأن يخرجوا من تحت هيمنة ألد الأعداء، ولك يكون ذلك إلا بترك الحزبية الملعونة والمذهبية جانبا، وأن نكون جميعا على قلب رجل واحد، وأن نجعل اليمن الكبير اليوم مذهبنا وحزبنا وقبيلتنا وعشيرتنا جميعا، ما لم سنظل نداس جميعا وننتهي نحن، ونترك الوطن لا بناءنا واحفادنا عبيدا لأحقر خلق الله من الأعراب حوالينا.
*وماهي نصيحتك للمجلس الرئاسي؟
**نصيحتي لهذا المجلس أن يأخذ العبرة من هادي، وكيف انقلبوا عليه أمام العالم كله، ونصيحتي للدكتور رشاد العليمي أن يعلم أنه مسئول امام الله الملك الجبار، وأن يتقي يوم يقول الله فيه أوقفوهم إنهم مسؤولون، وأن يتذكر قول من مات وهو غاشا لرعيته حرمت عليه ريحة الجنة، وأنا صراحه أحترم رشاد العليمي بشكل شخصي، وأعتقد أنه لن يرى كرسي الحكم أفضل من اليمن وشعبها وتاريخها، وأعتقد أنه يعلم أن هذه الأفاعي المكونة للتحالف لا يؤمن لها جانب، ونصيحتي له أن يكون رجل قرار قوي، كقوة اليمن وتاريخها، وقوة وصبر شعبها، فاذا لاحظ أنه لا يملك قراره، فأنصحه يقدم استقالته، وسيدخل التاريخ من أوسع ابوابه، وعليه أن يعلم أن الافاعي لا تملك غير السموم القاتلة، ولا يمكن أن يأتي منها عسل.
*بالنسبة للسعودية والإمارات ما نصيحتك لهما؟
**لهولا الذين يستقوون بالغرب واليهود نقول لهم أن نجم الغرب بدأ بالأفول، وأن ما تقومون به في اليمن أعمال شيطانية، لا ترضي الله، ولا رسوله، ولا يرضى بها من كان يمتلك ذرة من الانسانية والاخلاق والرجولة، وتأكدوا كل التأكيد أن ما تقومون ديون مسجلة عليكم، والزمن دوار، يوما لك ويوما عليك.
* ما الذي يمكن أن تنصح فيه اليمنيين في محافظات جنوب اليمن؟
** أنا نصحت الجنوبيين منذ البداية، وقلت لهم أن دويلة أبوظبي ستتخذكم فقط جسر عبور لتمرير أجندتها ومشاريعها الخاصة، وقلت لهم أن عفاش قبل مقتله اتفق مع حاكم ابوظبي على أن يدغدغ مشاعر الجنوبيين وعقولهم الفارغة باسم الانفصال، ويشتري لهم الاعلام، ويغرقهم بالأموال بشرط أن يأتي كل شخص بأسرته يرهنها في أبوظبي، مقابل النثريات والفلل والسيارات الفارهة، وقلنا لهم أن أعمالهم في الأخير تصب لصالح عودة الاسرة العفاشية الفاسدة، التي خلعها الشعب اليمني في الميادين، وأن الانفصال لا تستطيع السعودية ولا أبوظبي أن تحققه لكم، وأن الانفصال إذا تم، فلن يتم إلا بتوافق اقليمي ودولي متكامل، وتوافق جنوبي جنوبي، وتوافق يمني شمالي وجنوبي، لكنهم ردوا عليا بانني إخونجي، وأحيانا قطري، وتركي، وغيرها من التهم الكاذبة.