مازال اليمن يعيش تحت وطأة منخفض جوي نتج عنه أمطار غزيرة وفيضانات جارفة ضربت عددًا من المحافظات، بينما الوضع مازال مفتوحًا على احتمالات تصاعد مؤشرات الكارثة؛ إذ ألحقت فيضانات الأمطار، حتى الآن، أضرارًا فادحة في معظم أنحاء البلاد، وكانت أكثر فداحة في محافظات الحديدة وحجة وتعز ومأرب. تتواتر جهود الإغاثة وبخاصة في محافظة الحديدة، لكن الواقع المنكوب أكبر من قدرات الجهود الراهنة التي تبدو محدودة جدًا، وهي تحاول تقديم ما يمكن تقديمه لإيواء المشردين وإطعامهم وإعادة فتح الطرقات ورفع مخلفات الأمطار، لكن يبقى السؤال: كيف السبيل لتعويض الخسائر وسرعة إيواء من فقدوا منازلهم وتأمين حياة من فقدوا كل شيء حتى يستعيدوا استقرارهم المعيشي؟
تبدو الصورة قاتمة جدًا على الصعيد الإنساني، فالوضع الكارثي الناجم عن فيضانات الأمطار مفتوح على خسائر كبيرة أرقامها تتصاعد يومًا تلو آخر، فضلاً عن أن البلد مازال مرشحاً لوضع إنساني أكثر تعقيدًا مع استمرار هطول الأمطار الغزيرة على معظم محافظات البلاد، ما يجعل الوضع مرشحًا لمزيد من الخسائر، فالعاصمة صنعاء، وهي الأفضل حالاً في الخدمات، يتحول كثير من شوارعها خلال هطول الأمطار إلى بحيرات يتعذر معها المرور وتفاقم خسائر المتاجر والمنازل؛ جراء بنية تحتية متهالكة، وتوقف برامج صيانتها وتحديثها خلال السنوات العشر الماضية، ومثلها كل محافظات البلاد.
لقد كشفت فيضانات الأمطار عن سوأة الحرب في اليمن؛ فضعف البنى التحتية فاقم من أضرار هذه الفيضانات؛ ما زاد من حدة المأساة الإنسانية الناجمة عن هذه الفيضانات التي أدت إلى إتلاف البنية التحتية المتهالكة، وتدمير المنازل والملاجئ، والتسبب في وفيات وإصابات، وخسائر كبيرة في الممتلكات الخاصة.
وحسب ما ورد أمس الأحد في تقرير للأمم المتحدة (وهو أول تقرير وإحصاء رسمي بنتائج الكارثة) فقد نجم عن الفيضانات الأخيرة في اليمن 57 قتيلًا و16 مصابًا، وتضرر أكثر من 34 ألف أسرة، وترجح هذه التقارير أن هذه الأرقام مرشحة للزيادة في الأيام المقبلة.
ضربت الأمطار والفيضانات المدمرة البلاد بشدة في نهاية يونيو/حزيران، وتفاقمت في نهاية يوليو/تموز والأسابيع الأولى من أغسطس/آب. تأثرت عشرات الآلاف من الأسر، وكثير منهم نازحون بالفعل.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” إن التقارير الأولية تشير إلى أن ما يقرب من 34,260 أسرة تأثرت بالأمطار والفيضانات في جميع أنحاء البلاد. كما تشير التقارير الأولية وتقييمات الاحتياجات المتاحة إلى أضرار واحتياجات واسعة النطاق، بينما يواصل الشركاء إجراء تقييمات محلية للتحقق من الأعداد والاحتياجات.
ونقل عما سماه التقارير أن 57 شخصًا قُتلوا وأصيب 16.وقال إنه “من المرجح أن تزداد هذه الأرقام”. وذكر في تقرير: “من 28 يوليو/تموز حتى 9 أغسطس/آب، تأثرت 6042 أسرة في الحديدة، مع 31 حالة وفاة. وفي حجة تأثرت 2753 أسرة؛ وفي صعدة تأثرت 3451 أسرة، مع وفاة شخصين”.
وفي تعز، تأثرت 6494 أسرة، و15 حالة وفاة. بالإضافة إلى ذلك، حدد المجلس النرويجي للاجئين 2800 أسرة متضررة في مديرية عبس في حجة، وكثير منهم من مجتمعات النازحين، ويتوقع أن يزداد العدد مع استمرار التقييم. وعلى الساحل الغربي (حيس، والمخا، والخوخة)، أفاد الشركاء أن الفيضانات أثرت على 5,833 أسرة.
ووفق التقرير الأممي: في الأسبوع الأول من أغسطس، ورد أن 9,259 أسرة تأثرت في جميع أنحاء منطقة مركز الحديدة، (6,042 في الحديدة، و2,753 في حجة، و464 في المحويت)؛2,861 في جميع أنحاء مركز صنعاء (112 في البيضاء، و1,800 في مدينة صنعاء، و486 في عمران، و233 في ذمار، و170 في محافظة صنعاء، و60 في مأرب)؛ 4,955 في جميع أنحاء مركز عدن (611 في أبين، و660 في مناطق الضالع، و961 في المهرة، و1,616 في حضرموت، و584 في لحج، و523 في شبوة)؛ 5,374 في جميع أنحاء مركز إب (271 في إب، و5,103 في تعز) و4,400 أسرة في مركز صعدة (3,451 في صعدة، و949 في الجوف).
وتطرق لقاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، خلال لقائه، أمس الأحد، السفير الأمريكي ستيفن فاغن، إلى آثار الكارثة الطبيعية التي ضربت محافظات حجة والحديدة، وتعز، ومأرب، والتدخلات الدولية المطلوبة لإسناد جهود الحكومة في مساعدة المتضررين، وإصلاح الخدمات المدمرة في المحافظات الأربع، وفق وكالة الأنباء التابعة للحكومة المعترف بها.
أخبار تحركات المسؤولين في حكومة جماعة “أنصار الله” (غير المعترف بها) تتواتر يوميًا، وفق وسائل الإعلام التابعة لهم، في سياق تقديم المساعدات وتنظيم جهود إغاثة المتضررين في المناطق التي ضربتها فيضانات الأمطار، والتي تقع معظمها في مناطق سيطرتهم.
لكن الوضع أكبر من إمكانات الجهود المحلية والدولية التي تعمل في الميدان، لأن مساحة ومؤشرات التأثر كبيرة، وكما تقول الأمم المتحدة، فالأرقام مرشحة للزيادة.
وقدّر تقرير لـ”الإغاثة الإسلامية”، أمس الأحد، أن أكثر من 37700 شخص تأثروا بالأمطار التي بدأت في 6 أغسطس.
وقال: “تضررت المنازل والمزارع والبنية التحتية في الحديدة، حيث كان بعض المتضررين يعيشون في خيام جرفتها المياه الآن.
نزح المئات من الناس وتسببت الفيضانات أيضًا في انقطاع التيار الكهربائي”.
وذكر: “يعاني اليمن بالفعل من أزمة إنسانية، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص وإضعاف البنية التحتية بشدة”.