تواصل عائلات سورية في دمشق، منذ الأحد، انتظار تلقّي أخبار تجدد الأمل بعودة أحبّائهم المغيّبين قسرا الذين اعتقلهم نظام بشار الأسد على مدى سنوات، لتنقطع أخبارهم تماما بعد ذلك.
ومنذ سقوط نظام حزب البعث السوري فجر الأحد الماضي، توافد الآلاف إلى سجن صيدنايا سيء السمعة أملا في أن يكون أبناؤهم بين المعتقلين المحررين.
الأناضول زارت المكان، حيث روى عدد من الأهالي قصص أقاربهم المعتقلين في سجن صيدنايا الذي أماط اللثام عن وحشية النظام الزائل.
وتمكنت قوات المعارضة السورية، الأحد، من تحرير معتقلين من سجن صيدنايا العسكري المعروف باسم "المسلخ البشري" لكونه مركزا لتعذيب المتظاهرين المناهضين للنظام المنهار، لكن عائلات معتقلين أطلقوا مناشدات للبحث عن أقبية سرية يعتقد أنها موجودة في السجن.
وتشير تقارير دولية إلى أن آلاف المعتقلين تم قتلهم بشكل منظّم وسرّي داخل السجن، حيث نفذ النظام المنهار إعدامات جماعية دون محاكمات بين عامي 2011 و2015، بمعدل يصل إلى 50 شخصا في الأسبوع.
* سنوات من عدم اليقين
معظم أهالي المعتقلين يتحدثون عن عدم يقينهم بمصير أبنائهم، لا معلومات واضحة حول ما إذا كانوا أحياء أو أموات، كل ما يتمسكون به هو بعض الأمل رغم المشاهد المرعبة التي تكشفت عقب اقتحام السجن.
مأمون أبو عروة، مواطن سوري جاء من منطقة خان شيخون بمحافظة إدلب، أملا في العثور على شقيقه المعتقل منذ عام 2013.
وقال للأناضول: "جئت هنا لأبحث عن أخي، منذ عام 2013 وهو مسجون هنا، لا نعرف أين هو ونبحث عنه، منذ يومين ونحن هنا نبحث، ربما نراه ونعثر عليه، مشينا كثيرا نتمنى من الله الانتقام منهم، ونأمل من الحكومة الجديدة أن تمحو هذا السجن".
من جانبه، قال السوري أسامة بشير: "لي 3 إخوة هنا، لا خبر عنهم، زرنا واحدا منهم، وبعد 10 أيام أرسلوا لنا أوراقه (أي أنه مات)، لا يعرف أين هم ولا أين يوجدون".
وأضاف: "بقي اثنان على قيد الحياة لا نعرف أين هما، الأول أرسلوا أوراق وفاته، ولكن نأمل أنهم موجودون وأن يفرج الله على المساجين جميعهم".
وأكمل أسامة: "يقال إن هناك طوابق في الأسفل ولا توجد أبواب، أملنا بالله أن نلقاهم".
كما تحدث خالد محمود حمزة، الباحث عن ابنه قائلا: "تم توقيفه بالشهر الثامن (أوغسطس/آب) من عام 2012، وهو مهندس، تم توقيفه مباشرة وهو بأكاديمية الأسد يدرس الهندسة".
وأكمل: "تابعنا وضعه ولم نستفد شيء، أحضرنا كرت الزيارة، قالوا لا تزوروه لأنه (أمن النظام) يرجعونه ميتا في الأسبوع الثاني بعد الزيارة، سيتعرض للضرب والتعذيب حتى الموت، خاصة أننا بالأصل من منطقة القصير في مدينة حمص".
وأضاف خالد: "آمل أن أراه، وبعد الله لا أطلب من أحد شيء، نحن لسنا إرهابيين ولا نعرف الإرهاب".
كذلك، تحدث إياد مرجان عن شقيقه المعتقل قائلا: "أخي سُجن عام 2020، زرناه مرة واحدة ولم نعد نراه، لم نعثر عليه بين المساجين لم نعد لزيارته ولم نره بعدها أبدا، ولهذا نحن هنا".
كما قال عدي حمزة: "أخي من عام 2011 هنا، لا نعرف أي خبر عنه، وصلنا خبر وفاته ولكن نتمنى أن يكون غير صحيح".
وأضاف: "أنا من درعا، نطالب الحكومة بإخراج المساجين من تحت الأرض وجلب الضباط والمساعدين (من النظام الزائل)، الكل يريد أهله وأخوته".
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن الدفاع المدني السوري، انتهاء عمليات البحث في سجن صيدنايا بريف العاصمة دمشق دون العثور على أقبية أو زنازين أو أقسام سرية يقبع فيها معتقلون محتملون بعد تحرير العديد منهم عقب انهيار نظام حزب البعث.
وفجر 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، دخلت فصائل المعارضة السورية العاصمة دمشق وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.