استرعت محافظة أبين اليمنية خلال الأسابيع القليلة الماضية المتابعين للشأن الأمني في اليمن، بسبب تركيز تنظيم القاعدة لعملياته في مناطق هذه المحافظة محاولا أن يجعل منها مقرا بديلا لمحافظة حضرموت حيث كان قد مني في مركزها، مدينة المكلاّ، بهزيمة قاصمة على أيدي القوات اليمنية المدعومة من قبل التحالف العربي.
ومايزال التنظيم المتشدّد يحاول تركيز وجود صلب له في اليمن مستغلا واقع الحرب التي يشهدها البلد بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي وقوات المتمرّدين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ورغم تلك الحرب تصرف القوات الحكومية جزءا من مجهودها لمقارعة تنظيم القاعدة يدعمها في ذلك التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وأيضا الولايات المتحدة التي لم تنقطع طائراتها المسيرة عن توجيه ضربات مركّزة تستهدف بشكل خاص العناصر البارزة في التنظيم وقياداته الميدانية في اليمن.
ومنذ حوالي أسبوعين أعلن الجيش اليمني القضاء على ثلاثين عنصرا من تنظيم القاعدة في مواجهات غرب مدينة المكلا التي كان التنظيم قد فقد السيطرة عليها في أبريل الماضي ما مثّل ضربة موجعة له بعد أن استقرّ بالمدينة طيلة ما يقارب السنة وكان يريد أن يجعل منها نواة لكيان يتمدّد إلى المناطق المجاورة مستغلا حالة الحرب التي يعيشها اليمن.
وكانت استعادة مدينة المكلاّ قد مثّلت أحد أكبر الإنجازات على صعيد مواجهة التنظيم المتشدّد على الأراضي اليمنية.
ومنذ ذلك الحين عرفت المدينة حالة من الاستقرار وعودة الحياة العادية إليها بما في ذلك عودة النشاط التجاري المعهود فيها كمدينة ساحلية.
وترى الولايات المتحدة الأميركية في الفرع اليمني من التنظيم الذي ينشط تحت مسمى “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” خطرا على أمنها، وتنخرط في الحرب عليه من خلال ضربات انتقائية بطائرات دون طيار تستهدف بشكل أساسي عناصر توصف بالقيادية في التنظيم.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية مطلع الشهر الجاري مقتل القيادي بالتنظيم هادي البياني وأربعة من مرافقيه بضربة جوية من طائرة دون طيار تابعة لها نفذتها في وقت سابق في محافظة مأرب بشرق اليمن.
وتعليقا على تجدّد هجمات تنظيم القاعدة المتكررة في محافظة أبين بجنوب اليمن، قال قائد قوات الحزام الأمني في المحافظة، العقيد الركن محمد العميسي لوكالة الأناضول إن “الحرب على الإرهاب في أبين ستتواصل حتى القضاء على شأفته بشكل نهائي”.
وتعرّض موكب يقل قائدا عسكريا الإثنين لتفجير عبوة ناسفة أثناء مروره بالطريق الواصلة بين قرية النجدة ولودر بالمحافظة ذاتها.
وشهدت الأيام الماضية تجدّد هجمات القاعدة خصوصا في مديريتي لودر والمحفد إلى الشرق من مدينة زنجبار مركز محافظة أبين، ومن بينها تفجير استهدف السبت عربة عسكرية تابعة لشرطة مدينة لودر أسفر عن مقتل جنديين وإصابة أربعة آخرين.
وظهر اليوم ذاته جرى استهداف دورية أخرى بعبوة ناسفة في قرية عكد على بعد عشرين كيلومترا من مدينة لودر ما أسفر عن إصابة شرطيين إصابات خطرة.
وقال العميسي إن قوات الأمن انتشرت في مناطق لودر والعين وعكد والمحفد وشرعت في تعقب العناصر الإرهابية، عقب الانفجارين المذكورين.
وشهد شهرا أكتوبر الماضي ونوفمبر الحالي وقوع عدد من الحوادث والتفجيرات التي استهدفت نقاطا أمنية ودوريات عسكرية في مديرتي لودر والمحفد سقط فيها عدد من الجنود بين قتلى وجرحى.
وفي أغسطس الماضي أحكمت وحدات من الجيش اليمني سيطرتها على كل مدن محافظة أبين بعد طرد عناصر القاعدة منها.
إلا أن عودة الهجمات في المحافظة استدعى تكثيف الإجراءات الأمنية، فيما أكّد مصدر عسكري وجود استعدادات لإطلاق حملة ثانية واسعة النطاق لتطهير المحافظة من فلول القاعدة بعد استكمال تجميع المعلومات الاستخباراتية عن مواضع الخلايا النائمة للتنظيم.