[ باعة في مدينة الحديدة في غربي اليمن في الرابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2018 ]
رغم الآمال التي أحيتها اتفاقات السويد، يدرك اليمنيون في الحديدة ومدن أخرى أن التفاهمات هذه تبقى هشّة بعد أربعة أعوام من الحرب وانعدام الثقة بين أطراف النزاع، ويخشون من انهيارها في أي لحظة.
في الحديدة غرب اليمن، ساد الهدوء المدينة صباح السبت، بحسب ثلاثة من السكان، بعد اشتباكات متقطعة بالأسلحة الرشاشة والمدفعية شهدتها أطرافها الشرقية والجنوبية مساء الجمعة.
وشكّلت هذه المواجهات أول خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الذي كان دخل حيز التنفيذ منتصف ليل الخميس الجمعة.
وقالت نهى أحمد (28 عاما) لوكالة فرانس برس "فرحت كثيرا بالوصول إلى حل في الحديدة لكن فرحتنا لم تستمر. الاشتباكات عادت (...) وكأنّها تطلب منا ألاّ نصدّق".
من جهته أكد عمر حسن (40 عاما) أن سكان المدينة انتظروا "بفارغ الصبر لتعود الحديدة هادئة ومطمئنة، لكننا أصبحنا اليوم نخشى عودة المواجهات واستمرارها".
وبعد أكثر من أربع سنوات من الحرب، توصّلت الحكومة اليمنية والمتمردون في محادثات في السويد استمرت لأسبوع واختتمت الخميس، إلى اتفاق لسحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة ومينائها الحيوي الذي يعتمد عليه ملايين اليمنيين للتمون، ووقف إطلاق النار في المحافظة.
كما اتّفق طرفا النزاع على التفاهم حيال الوضع في مدينة تعز (جنوب غرب) التي تسيطر عليها القوات الحكومية ويحاصرها المتمردون، وعلى تبادل نحو 15 ألف أسير، وعقد جولة محادثات جديدة الشهر المقبل لوضع أطر لسلام ينهي الحرب.
ويرى المحللون أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها هي الأهم منذ بداية الحرب لوضع البلد الفقير على سكة السلام، لكن تنفيذها على الأرض تعترضه صعوبات كبيرة، بينها انعدام الثقة بين الاطراف.
وقد دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث الجمعة أمام مجلس الأمن الدولي إلى العمل سريعا على إنشاء "نظام مراقبة قوي وكفوء" في هذا البلد لمراقبة تطبيق الإتفاق في الحديدة.
في شارع في المدينة المطلة على البحر الأحمر ينتشر فيه المتمردون، وقف المقاتل محمد عبده بين رفاقه يحمل بندقيته وينتظر التوجيهات.
وقال وهو يضرب بيده على البندقية "لا نتوقع من العدو (الالتزام) لأن العدو مخادع ولا يوجد لديه سلام"، مضيفا "السلام في أفواه البنادق".
وبقيت الأوضاع في المدينة على حالها السبت رغم الاتفاقات الأخيرة: محال تجارية ومدارس مغلقة في المناطق القريبة من خطوط التماس في شرق وجنوب المدينة، وشوارع قريبة منها فارغة إلا من السواتر الترابية والمسلحين، حسبما أفاد سكان.
في المقابل، بقيت الأسواق في وسط وشمال المدينة تعجّ بالزبائن والشوارع مليئة بالمارة والسيارات بين الأبنية التي تعلوها صور لقادة في صفوف المتمردين ولافتات تحمل شعاراتهم.
وقال أحد السكان مفضّلا عدم الكشف عن اسمه أن المدنيين لا يثقون باتفاقات وقف إطلاق النار، موضحا "لطالما خرقت الهدنة تلو الأخرى والاتفاق الحالي قد ينهار بأية لحظة. نأمل ان تبقى الخروقات محدودة على كل حال".
وتنسحب الخشية من انهيار الاتفاقات التي تمخضّت عن أول مشاورات منذ 2016، ومن احتمال توقف المسار السياسي، على مدن أخرى، بينها صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين.
وقال إسماعيل الغبري في أحد أسواق المدينة "نتمنى أن يلتزم الفريقان بما تم الاتفاق عليه. وإذا تم ذلك فإن المفاوضات الجديدة مرحب بها"، في إشارة إلى جولة الشهر المقبل.
وتكرّرت الدعوات في مساجد صنعاء خلال صلاة الجمعة إلى التطوع في صفوف المتمردين رغم اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، حسب ما نقلت وسائل الإعلام المؤيدة للحوثيين.
وصدر بيان عن الحوثيين في صنعاء جاء فيه "جاهزون لكافة الخيارات والرد على أي اختراقات للعدو ومرتزقته".
وفي عدن الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها، عاد بعض أعضاء الوفد الحكومي من السويد إلى أعمالهم فيها، بينما توجّه آخرون إلى الرياض حيث يقيم العديد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين، في مقدمهم الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وتدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 دعما للحكومة، وقتل منذ بدء عمليات التحالف نحو عشرة آلاف شخص، بينما يواجه 14 مليون يمني خطر المجاعة.
وقال حسن بن عطاف أحد سكان عدن "نتمنى أن تنظر جميع الأطراف المتصارعة إلى المواطنين وحال المواطن والشعب الذي وصل إلى مرحلة اليأس".
وأضاف "نتمنى من الله أن يهدي الجميع من السياسيين والقادة وقوات التحالف وأن يتم وقف إطلاق النار ووقف الحرب".