[ ثروات سمكية هائلة تتمتع بها جزيرة سقطرى (Getty) ]
"موانئ دبي" تتحضر للأسوأ مع ازدياد عواقب كورونا
كشّر التحالف السعودي الإماراتي عن أنيابه، وأظهر بوضوح أطماعه وأهدافه الحقيقية في تفتيت وتقسيم ونهب ثروات اليمن، بزعم دعم الحكومة الشرعية لاستعادة مؤسسات الدولة ودحر الانقلاب الحوثي.
وبرزت أول خطوة علنية ظهر فيها تقسيم الأدوار لنهب الموانئ والحدود البحرية، بالاستيلاء على أرخبيل سقطرى أهم وأكبر جزيرة يمنية عبر المليشيات المدعومة إماراتيا وبموافقة سعودية.
وتعم اليمن خلال الأيام الأخيرة، حالة صدمة واندهاش مما يحصل في سقطرى، بعد انسحاب القوات التابعة للسعودية التي كانت متمركزة في النقاط الفاصلة بين القوات الحكومية والمليشيات المدعومة من الإمارات، سواء التابعة للمجلس الانتقالي الانفصالي الذي كونته وتدعمه أو من المقاتلين "المرتزقة" الذين عملت على إدخالهم إلى الجزيرة اليمنية منذ نحو ثلاثة أشهر.
ويرى مسؤولون وخبراء اقتصاد أن ما يحدث في سقطرى يندرج ضمن مخطط غامض تم وضعه قبل بداية الحرب في اليمن التي أطلق عليها "عاصفة الحزم" يشمل أيضاً المهرة وحضرموت بصفتهما منطقتين متجاورتين ومتداخلتين جغرافياً وبحرياً، إذ يهدف هذا المخطط إلى تغيير المعالم الحدودية المعتمدة دوليا بموجب اتفاقية ترسيم الحدود بين اليمن والمملكة في العام 2000 ونزع علاماتها.
ويأتي ذلك، إضافة إلى السعي للسيطرة السعودية والإماراتية مستقبلا على مضيق باب المندب بالكامل، والذي يقع تحت السيادة اليمنية ويمر عبره حوالي 6.2 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمشتقات النفطية.
وفي هذا السياق، قال وزير النقل اليمني، صالح الجبواني، لـ"العربي الجديد"، إن ما قامت به الإمارات والمليشيات التابعة لها خطوة متوقعة وغير مستغربة.
وأضاف: "هذا ما توقعناه سابقا، حيث حذرنا من الوعود السعودية التي نخبرها جيداً منذ خمسة أعوام، لأنه كلما تم التعويل على الرياض واللجوء إليها في حل أزمة معينة نفاجأ بتسليم المنطقة والمواقع للإمارات والمليشيات التابعة لها، وهذا ما حصل في سقطرى، وقد يحصل في مواقع أخرى كما حدث سابقاً في عدن إذا استمر الركون إلى الرياض".
وحسب مراقبين، يأتي الاستيلاء على سقطرى في إطار مساعي دولتي التحالف السعودية والإمارات لإنشاء مستعمرة اقتصادية نفطية وغازية وسياحية واستثمارية ضخمة تبدأ من مسافة 630 كيلومتراً من الربع الخالي، حدود المملكة، وتخترق 320 كيلومتراً مروراً بسواحل وشواطئ سقطرى إلى بحر العرب، حيث تشق منه قناة مياه بحرية خرافية إلى الربع الخالي.
في السياق، أكد مدير مكتب وزارة الثروة السمكية السابق في سقطرى، عجيل بن نواحي، أن الإمارات منذ أول يوم في الحرب الدائرة في اليمن قامت بإرسال مجموعة خبراء عبر سفينة سياحية وصلت إلى الجزيرة في الثالث من إبريل/نيسان 2015.
وكان خبراء، حسب حديث بن نواحي لـ"العربي الجديد"، قاموا بدراسة شاملة للجزيرة من حيث مقوماتها الاقتصادية وثرواتها الطبيعية والمواقع والأماكن السياحية، وكان هناك من ضمن الفريق خبراء عسكريون قاموا بتحديد المواقع التي خصصوها فيما بعد معسكرات ومراكز تدريب لاستقطاب المسلحين، معظمهم من خارج الجزيرة.
وتقدر خريطة القطاعات النفطية الصادرة عن هيئة الإنتاج والاستكشافات النفطية الحكومية مساحة القطاعات النفطية البحرية لجزيرة سقطرى بنحو (200.000) كيلومتر مربع، بحوالي 52 ضعفا من مساحة الجزيرة البالغة (3.796) كيلومترا مربعا.
من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي، صادق علي، إن سقطرى ثروة لا تقدر بثمن على كل المستويات الاقتصادية والنفطية والسياحية والزراعية، إذ تمتلك سهولا خصبة وواسعة لزراعة القمح ومختلف أنواع الحبوب والخضروات والفواكه، إلى جانب التنوع البيئي واحتواء شواطئها على أفخر وأهم أنواع الأسماك وغيرها من المميزات والمقومات الاقتصادية، لذا تجدها محل اهتمام الإمارات ليس منذ بداية الحرب بل من قبل سنوات من الحرب.
ويحيط غموض بمصير ما يزيد على 100 جزيرة يمنية أخرى منذ بداية الحرب، يتحدث مراقبون عن بسط وسيطرة واستغلال الإمارات للعديد منها، إضافة إلى عدة مواقع اقتصادية ونفطية.
وحرصت الإمارات والسعودية طوال السنوات الماضية على تعطيل استئناف تصدير النفط والغاز اليمنيين، إذ لا يستطيع اليمن تصدير أكثر من 50% من إنتاجه النفطي، وإيراداته البسيطة تذهب إلى حساب جارٍ في البنك الأهلي السعودي بدلاً من توريدها إلى البنك المركزي اليمني في عدن، بخلاف القيود المفروضة على حركة الطيران والموانئ والمنافذ البرية.
ويوضح الباحث الاقتصادي، عبد الواحد العوبلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التحالف استمر بتقويض مقدرات الدولة اليمنية بوتيرة أعلى بعد ما سمي باتفاق الرياض، وتأصيل الفساد فيها كما هو الحال منذ بداية الحرب، وحصل المجلس الانتقالي الجنوبي على الدعم والتسليح الكامل من الإمارات، للعمل على ضرب استقرار الحكومة الشرعية، وعدم تمكينها حتى من إدارة مدينة عدن بسلام.
ويتابع: "منذ سنوات والسعودية تعمل على تدجين القيادات والنخب اليمنية في مناخ فاسد واستغلال النفوذ، وممارسات نهب منظم للمال العام وتطويعها للعمل ضد مصلحة الوطن، والذهاب نحو تنفيذ المخطط الاستعماري للسيطرة على مقدراته وثرواته، والتحكم في هذا الموقع الجغرافي الأهم بالمنطقة".