[ ميناء الحديدة وازمة المشتقات النفطية في اليمن ]
ذكرت مصادر اقتصادية عديدة أن تجارة النفط في اليمن خلال فترة الحرب الراهنة خلقت ثراء فاحشا لكبار قيادات جماعة الحوثي إثر استغلالها لسلطة الأمر الواقع في مناطق سيطرتها في بيع البنزين وبقية المشتقات النفطية في السوق السوداء بأسعار مبالغ فيها، رغم أنها تحصل على هذه الكميات بأسعار رسمية مخفّضة.
وقالت لـ "القدس العربي" إن «الشركات التابعة للقيادات الحوثية تسيطر حاليا على نحو 60 في المئة من سوق النفط في عموم اليمن، بما في ذلك مناطق سيطرة الحكومة الشرعية».
وذكرت أن «القيادات الحوثية خلقت شراكات تجارية في مجال النفط مع شركات إيرانية وخليجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أنشأت شركات نفطية كبيرة في مدينة دبي وأصبحت هذه الشركات بديلة لاستيراد النفط إلى اليمن وتضييقها للشركات التقليدية التي كانت متخصصة في ذلك».
وأوضحت أن القيادات الحوثية، وفي مقدمتها المقيمة في العاصمة صنعاء وفي سلطنة عُمان، اشتغلت منذ الوهلة الأولى في تجارة النفط وهيمنت على هذه التجارة عبر سيطرتها على المقار الحكومية الرئيسية للمؤسسات العامة للنفط في العاصمة صنعاء، وهو ما سهّل لها عملية خلق شركات بديلة للاستيراد وتوزيع المنتجات النفطية عبر شبكاتها الخاصة والتي غالبا ما تكون عبر السوق السوداء التي ازدهرت في عهد الحوثيين في العاصمة صنعاء وبقية المدن الواقعة تحت سيطرتها بالإضافة إلى تصديرها لمناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وكشفت ان «تجارة الحوثيين بالنفط خلقت ثراء فاحشا للعديد من قيادات الجماعة التي كانت معدمة قبل الحرب الراهنة، بينما أصبحت خلال فترة وجيزة في عداد الأثرياء اليمنيين الذين يشار اليهم بالبنان لما يمتلكونه من ممتلكات عقارية ضخمة في العاصمة صنعاء وفي العديد من الدول العربية والأجنبية وفي مقدمتها دولة الامارات ومصر وتركيا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة».
وعلى الرغم من حصار قوات التحالف العربي بقيادة السعودية للموانئ التي تسيطر عليها جماعة الحوثي وفي مقدمتها ميناء الحديدة إلا أن الحوثيين أصبحت لديهم طرقهم الخاصة وشبكات مصالح مشتركة مع تجار آخرين ومسؤولين في الحكومة الشرعية لتسهيل عملية ايصال المشتقات النفطية لمناطق سيطرتهم وبيعها في الغالب في السوق السوداء بأسعار مبالغ فيها مع بيع جزء يسير منها عبر سلسلة المحطات الرسمية بالأسعار الرسمية.
وكان تقرير لمركز بحثي سويسري صدر مؤخرا، كشف أن شبكات التوريد للنفط داخل الأراضي اليمنية عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية في الجنوب عوّضت انخفاض دخول المشتقات عبر ميناء الحديدة (الخاضعة لسيطرة الحوثيين) ولم يؤدّ تعليق ميناء الحديدة من قبل التحالف إلى نقص إمدادات النفط في مناطق شمال اليمن التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقال تقرير أصدرته منظمة «أكابس» السويسرية مؤخرا تحت عنوان (آثار حظر استيراد الوقود عبر ميناء الحديدة على ديناميكيات إمداد الوقود وأسعاره في اليمن) انه «على الرغم من الإمداد الكافي بالوقود قامت السلطات بتقنين توزيع الوقود للمستهلك النهائي في السوق الرسمية، بينما لا يتم تقنين الوقود في السوق الموازية (السوداء) والتي تتلقى معظم الكميات، حيث يُباع الوقود بسعر مبالغ فيه في هذه السوق الموازية».
وذكر التقرير ان أزمة بيع الوقود في مناطق سيطرة الحوثيين في الشمال (أزمة مفتعلة) على الرغم من عدم وجود نقص في الإمدادات، «فقد تم تقنين الوقود في مناطق سلطة الأمر الواقع (الحوثيون) بشكل مصطنع في محطات البنزين التابعة لشركة النفط التي يديرها الحوثيون».
وأوضح تقرير «أكابس» أن «معظم الوقود يذهب الآن إلى السوق الموازية (السوداء) حيث الوقود متاحًا بسهولة ولكن بأسعار أعلى بكثير». مؤكدا ان سلطات الحوثيين «عوّضت العائدات المفقودة، بسبب الاستيراد من الموانئ الأخرى على حساب ميناء الحديدة، من خلال تحصيل الرسوم عند نقاط التفتيش الجمركي في مناطق سيطرتها.
وأشار إلى أن جماعة الحوثي واصلت تحقيق إيرادات من واردات الوقود المنقولة بالشاحنات برا، التي من المفترض ان تدفع هذه الإيرادات كرواتب لموظفي القطاع العام غير المسددة.
ونتيجة الخلاف على إدارة العملية التجارية في البلاد بين الحكومة الشرعية والحوثيين لجأت الشرعية إلى عدم السماح بدخول الوقود إلى البلاد عبر ميناء الحديدة، كوسيلة للضغط على الحوثيين نتيجة الإجراءات الأحادية التي قام بها الحوثيون في آذار (مارس) 2020 بنقضهم لاتفاق تنظيم استيراد الوقود، من خلال سحبهم لنحو 45 مليار ريال لصالحهم من حساب البنك المركزي في مدينة الحديدة، هي عائدات بيع الوقود الواصل إلى البلد عبر ميناء الحديدة، والتي كانت مخصصة كرواتب لموظفي القطاع العام تحت إشراف مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، وفقا للاتفاق المبرم مع الحوثيين.