حذّر وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني حاتم البكري، من تصاعد "الانتهاكات" الإسرائيلية بحق المقدسات، داعياً العالم الإسلامي إلى دعم فلسطين لمواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال.
وأشاد البكري، في مقابلة مع وكالة الأناضول، في مكتبه بمدينة البيرة وسط الضفة الغربية المحتلة، بالاهتمام التركي بالمقدسات، لافتاً إلى وجود "ترتيبات لعقد لقاءات مع المسؤولين الأتراك (لم يحدد مواعيدها) لمناقشة خدمة الأوقاف والمقدسات في فلسطين".
وقال البكري: إن "السلطات الإسرائيلية منذ احتلال الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشرقية في العام 1967 تسعى لتغيير الطابع العربي الإسلامي للمقدسات، وفرض وقائع جديدة".
وأضاف أن "إسرائيل تشن حرباً على المقدسات".
لكنه أكد أن "الشعب الفلسطيني بصموده وإعماره للمقدسات سيبقى الدرع الواقي لها".
**تقسيم المسجد الأقصى
وقال الوزير الفلسطيني، إن "إسرائيل ومنذ احتلالها للقدس، تفرض حصاراً، اشتد في السنوات الأخيرة في محاولة منها للحيلولة دون وصول المصلين للمسجد، وتعكير صفو العبادات".
ووصف البكري أوضاع المقدسات تحت الاحتلال الإسرائيلي بـ"الخطير".
وأردف أن "إسرائيل استطاعت تقسيم المسجد الأقصى زمانياً، عبر السماح للمستوطنين باقتحام المسجد وأداء طقوس دينية في ساحاته في ساعات معينة، وتسعى لفرض التقسيم المكاني، عبر السيطرة على مواقع من المسجد وتحويلها إلى مصليات لليهود".
وتتم الاقتحامات على فترتين صباحية وبعد صلاة الظهر، عبر باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد بتسهيلات ومرافقة من الشرطة الإسرائيلية.
وتسمح الشرطة الإسرائيلية باقتحام المستوطنين للمسجد منذ عام 2003، رغم التنديد المتكرر من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
وشدد البكري على أن "الشعب الفلسطيني لن يسمح بذلك (الاقتحامات)، وهو يعلم أنه خط الدفاع الأول عن المسجد نيابة على كافة المسلمين".
وبيّن أن "دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس (تابعة المملكة الأردنية)، تتابع مجريات الأحداث على أعلى المستويات".
وأشار البكري، إلى أن "المقدسات المسيحية تعاني هي الأخرى من الانتهاكات الإسرائيلية، عبر التضييق على الحجاج من الوصول إلى أماكنهم المقدسة".
**تغيير معالم المسجد الإبراهيمي
وأوضح وزير الأوقاف، أن السلطات الإسرائيلية تسعى للسيطرة الكاملة على المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
ونوه بأنه "منذ العام 1994وبعد مجزرة المسجد الإبراهيمي، قسمته إسرائيل زمانياً ومكانياً، واستولت على غالبية أروقته، وتسعى عبر سياساتها المتواصلة والتصعيدية لفرض وقائع جديدة والسيطرة الكاملة على المسجد".
وتابع البكري "المسجد إسلامي ولا حق لأحد غير المسلمين فيه، إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل القوانين والقرارات الدولية وتعمل على تغيير معالم المسجد، عبر بناء مصعد كهربائي من شأنه خدمة المستوطنين فقط".
ولفت إلى أن "إسرائيل تجري حفريات بجوار وأسفل المسجد، وسط تعتيم كبير، لا أحد يعلم ما الذي يجري، في انتهاك صارخ للقانون الدولي"، مؤكداً أن "الأمر خطير للغاية".
واستطرد البكري، "السلطات الإسرائيلية تفرض قيوداً على وصول المصلين للمسجد، عبر التفتيش على بوابات الكترونية، والاحتجاز، وسياسة الإغلاق بحجج واهية".
ويقع المسجد الإبراهيمي الذي يُعتقد أنه بُني على ضريح النبي إبراهيم عليه السلام، تحت السيطرة الإسرائيلية في البلدة القديمة من مدينة الخليل.
وارتكب مستوطن إسرائيلي مجزرة بحق المصلين في صلاة الفجر، في 25 فبراير/شباط 1994 وقُتل فيها 29 فلسطينيا.
وعقب المجزرة، اقتطعت إسرائيل أكثر من نصف المسجد لصالح المستوطنين.
وشرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية، في أغسطس/ آب 2021، في أعمال بناء، تشمل إقامة مصعد داخل المسجد.
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية، في تصريح سابق إن العمل "يشمل إنشاء طريق وصول من ساحة انتظار السيارات إلى ساحة الحرم، ومصعد يسمح للمصلين من جميع الأديان، بالوصول إلى الموقع".
ويأتي الشروع بإقامة المصعد، على الرغم من الاعتراضات الفلسطينية خلال الأشهر الماضية.
**مواجهة بالصمود
ولفت المسؤول الفلسطيني، إلى أن "المطلوب تعزيز صمود الشعب الفلسطيني لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وحماية المقدسات".
وقال: إن "الشارع الفلسطيني يعي أنه بقي وحيداً في مواجهة إسرائيل، في ظل انشغال العالم العربي في ملفات وصراعات داخلية، لكنه يعي أن أقوى سلاح يملكه هو البقاء والمحافظة على وجوده الدائم في المقدسات".
وأردف البكري أن "السلطة الفلسطينية وعبر دبلوماسيتها تواجه إسرائيل، وتفضح تلك الممارسات، وعلى العالم أن يقف أمام مسؤولياته لحماية المقدسات".
ومضى قائلاً: "في ظل الحصار المالي الذي تعاني منه الحكومة الفلسطينية مطلوب دعم حقيقي لحمايتها".
**العلاقة مع تركيا
ووصف البكري العلاقة الفلسطينية التركية بالمتينة، "والتي تمتد جذورها إلى مئات السنين حيث الحكم العثماني في فلسطين".
وقال: "العلاقات متينة وعلى أعلى المستويات، وهناك ترتيبات للقاءات مع المسؤولين الأتراك لخدمة الأوقاف والمقدسات في فلسطين"، موجهاً شكره للحكومة التركية وللرئيس والشعب.
وأكد البكري أن "تركيا تبدي اهتماماً كبيراً بالمقدسات وخاصة في المسجدين الأقصى والإبراهيمي، وهي ترى أن الدعم إحياء للدور الذي لعبته الدولة العثمانية سابقاً في خدمة المقدسات".
وفي 16 و17 فبراير/ شباط الماضي، زار وفد تركي رفيع المستوى فلسطين وإسرائيل، اطلع خلالها على الأوضاع في البلدة القديمة بالقدس الشرقية المحتلة، وأدى الصلاة بالمسجد الأقصى قبل أن يقوم بجولة في كنيسة القيامة.
و ضم الوفد كلاً من إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، وسادات أونال نائب وزير الخارجية، ورافقهم فيها القنصل العام التركي في القدس أحمد رضا دمير، في زيارة قوبلت بترحيب كبير من سكان المدينة المقدسة.