[ المبعوث الأممي إلى اليمن غروندبرغ في مؤتمر صحفي عبر الزوم بشأن مستجدات اليمن ]
قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ الأربعاء، إن الهدنة في اليمن لوقف إطلاق النار ليس هناك رقابة بشأن تنفيذها أو اختراقها، لكن المسؤولية تعود على أطراف الصراع ومدى التزامهم بها.
وأضاف غروندبرغ -في مؤتمر صحفي عقده عبر منصة Zoom ،بشأن المستجدات الأخيرة في البلاد- "لا شك أن هناك بعض الاختلافات والخطوط التفكيرية ويمنكن أن نتداركها في غرفة الاجتماعات، التي بعثت لي الأمل أنه يمكن أن نعيد السياسة الا رسم ملامح تسوية تنهي الحرب في اليمن".
وتابع "الهدنة تحتاج إلى التزام الأطراف والعمل على آلية للتنسيق بين الأطراف للتصدي لأي وقائع تحدث، ونرى أن هناك تخفيف في العنف، مشيرا إلى أن الهدنة جاءت بعد تصعيد عسكري كبير.
وقال "عملت منذ شهرين مع الأطراف من أجل الهدنة وسوف أواصل العمل معهم".
وأردف غروندبرغ "شجعني ضغوط مجلس الأمن الدولي على أطراف الصراع وأيضا حضور الأحزاب السياسية لاجتماع معهم في عمان،
وبشأن فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء ومنافذ تعز قال المبعوث الأممي إنه تم الإفراج عن أربع سفن وقود حتى الآن عبر ميناء الحديدة، لافتا إلى أن هناك بعض الأمور اللوجستية التي ستأخذ بعض الوقت لتدشين الرحلات عبر مطار صنعاء.
وأردف"الاستعدادات جارية لإقلاع أول رحلة تجارية من مطار صنعاء، كما يستعد مكتبي لاجتماع يجمع الأطراف للاتفاق على فتح طرق في تعز وأماكن أخرى"، مضيفا "لقد تم بالفعل إرسال الدعوات إلى الأطراف ونتطلع إلى ردودهم لترشيح فرقهم ووضع اللمسات الأخيرة على الموعد لمناقشة فك الحصار عن تعز".
واستدرك "تعز قضية اهتم بها كثيرا، فأنا لا أستهين أبدا بالصعوبات التي توجه سكان تعز بسبب إغلاق الطرق.
واعتبر المبعوث الأممي خطوة اجتماع الاطراف أمر مرحب به، وقال "نعول على الإعلام اليمني في دعم جهود السلام بما في ذلك مكافحة الأخبار المغلوطة والمضللة".
واستطرد "اتطلع إلى زيارة صنعاء في أقرب فرصة ممكنة.
وقال "ما زلنا في مشاورات بشأن الجانب الاقتصادي، ولا أستطيع أن أقدم مزيد من التفاصيل بشأن الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي.
وأشار إلى أن المشاورات ستستمر حتى نهاية مايو لاستكمال الحوار والوصول لتسوية سياسية تنهي النزاع.
نص كلمة افتتاحية المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ:
صباح الخير لكم جميعًا ورمضان كريم.
أرحب بكم واشكر لكم انضمامكم اليوم.
كما تعلمون، اتفقت الأطراف المتحاربة على إبرام هدنة لمدة شهرين دخلت حيز التنفيذ يوم السبت الماضي. ويتضمن اتفاق الهدنة بعض التدابير الإنسانية المهمة، تحديداً دخول 18 سفينة من سفن الوقود إلى موانئ الحديدة، وتشغيل رحلتين جويتين تجاريتين في الأسبوع إلى مطار صنعاء ومنه، وعقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح طرقٍ في تعز وغيرها من المحافظات لتسهيل حرية الحركة للمدنيين في اليمن. وكلِّي أمل في أن يُمكِّن هذا الاتفاق اليمنيين من الاحتفال بشهر رمضان في جو من الطمأنينة التي يلهمها الشهر الفضيل في كل مكان.
إن هذه هي الهدنة الأولى في اليمن على مستوى البلاد منذ ست سنوات، وهي لحظة ثمينة، إلا أنها عرضة للخطر أيضًا. فعلى مدى ما يزيد عن سبع سنوات، عانى اليمنيون من خسارة لا يمكن تخيلها ومن ظروف حياتية صعبة بشكل يصعب تصديقه. فقد خلَّف النزاع ندوبًا مست كل جانب من جوانب الحياة، يمكن تمييزها في الأسواق والطرق والمدارس والمحاكم والمشافي والبيوت. والآن، تقدم هذه الهدنة نافذة صغيرة، إلا أنها مهمة، يمكن من خلالها البدء بعكس مسار الواقع الصعب. ولا بد من التأكيد على أنَّ البناء على اتفاق الهدنة لدعم اليمنيين في شقِّ مسار نحو السلام إنَّما هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الأطراف ودول المنطقة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وسيعتمد نجاح الكثير من الخطوات القادمة على تلك الجهات، ولم يكن الاتفاق ليكون ممكنًا دون دعم هؤلاء الفاعلين. وأود أن أتقدم بالشكر الخاص إلى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن في الأمم المتحدة وكذلك إلى المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمَان على دعمهم الكبير.
إنَّ هذا التطور الإيجابي تَذكِرةٌ لنا بأنَّ مبادئ الأمم المتحدة في الدبلوماسية والوساطة لا تزال محورية في إدارة النِّزاعات وفضِّها. فجميع الدول وجميع الأطراف المتحاربة يمكنها، بل يجب عليها، العمل معًا من أجل تحقيق السلام، وهو الأمر الذي يتطلب إرادة سياسية.
إن تلك اللحظة تمثل فرصة نادرة في حرب طويلة ووحشية لإحراز تقدم في التوصل إلى حل سياسي. ويعني ذلك أنَّه على الأطراف أن تشارك بحسن نية، بشكل بنًّاء، ودون وضع شروط مسبَّقة في في حوار حقيقي حول إنهاء النِّزاع. فنادراً ما ينجح وقف إطلاق النار ما لم يرافقه تقدم على المسار السياسي. وأعتقد إن اليمنيين يتحدون في رغبتهم في ثبات الهدنة وتجديدها وتعزيزها كخطوة نحو السلام.
اسمحوا لي أن أقدِّم لكم بشكل سريع آخر المستجدات حول وضع الهدنة حتى الآن، ومن ثمَّ سوف أتحدث بإيجاز حول الخطوات القادمة.
منذ بدء الهدنة، شهدنا انخفاضًا كبيرًا في مستوى العنف، إلا أن هناك بعض التقارير المتواترة تشير إلى وجود بعض النشاطات العسكرية العدائية حول مأرب، وتلك الأعمال تمثل مصدرًا للقلق. ونحن الآن نعمل على إنشاء آلية للتنسيق بين الأطراف من أجل المحافظة على قنوات اتصال مفتوحة بين الأطراف ومساعدتهم في الحيلولة دون وقوع الحوادث أو تهدئتها وإدارتها في حالة وقوعها، وذلك دعمًا لالتزامهم بوقف جميع العمليات العسكرية العدائية وتجميد مواقعهم. ونأمل أن يعزز ذلك من الهدنة. لكنَّ الأمم المتحدة لا تقوم بالمراقبة، فمسؤولية الالتزام بالهدنة تقع على عاتق الأطراف أنفسها.
وقد سمحت الحكومة اليمنية بدخول سفينتين من سفن المشتقات النفطية عشية الهدنة، يوم الجمعة، في إشارة يُرحَّب بأنها تدل على حسن النوايا. وهناك سفينتان أخريتان تم السماح لهما بالدخول اليوم. وآمل أن أرى دخولاً منتظمًا للوقود إلى الموانئ وفق الاتفاق والالتزامات العلنية بما يعود بالمنفعة على الملايين من اليمنيين. والاستعدادات جارية الآن لإقلاع الرحلة الجوية الأولى من مطار صنعاء. ويعمل مكتبي أيضًا على التحضير لاجتماع يجمع بين الأطراف للاتفاق على فتح طرقٍ في تعز وغيرها من المحافظات. وقد أرسل مكتبي الدعوات إلى الأطراف ونتطلع إلى ردودهم بترشيح فرق من جانبهم والاتفاق على تاريخ لعقد الاجتماع.
ووسائل الإعلام تتحمل المسؤولية أيضًا. ولقد أصبحت دقة التقارير الإعلامية التي تساهم في صد انتشار المعلومات المغلوطة أكثر أهمية من أي وقت في إنجاح الهدنة. وسوف نعوِّلُ عليكم وعلى مجتمع الإعلام اليمني خصوصًا في إبداء ضبط النفس والإحجام عن الخطاب التحريضي لكي تساهموا في تمتين البيئة المواتية لبناء الثقة بين الأطراف.
وأود أن أذكِّر بأنَّ هذه الهدنة هي خطوة، خطوة مهمة لكن هشَّة أيضًا. وعلينا أن نحرص على استغلال هذه الفرصة التي تقدمها لنا الهدنة بأفضل ما يمكن للعمل نحو إنهاء النِّزاع. إنَّ هذين الشهرين سيكونان اختبارًا لالتزام الأطراف بالوصول إلى حل سلمي للنِّزاع يعلي أولويات الشعب اليمني واحتياجاته.
لن يكون بالمقدور الوصول إلى حل سلمي وعادل ومستدام للنِّزاع من خلال أرض المعركة، بل لا بد من الحوار. وقد كان إنهاء الحرب وما زال من الرسائل الثابتة التي ظهرت في الحوارات والمشاورات التي بدأها مكتبي في شهر آذار/مارس الماضي مع مختلف المعنيين اليمنيين. وسوف تُستَأنَف هذه المشاورات قريبًا وتستمر لنهاية شهر أيار/مايو القادم. والهدف منها إثراء الإطار الذي أعمل عليه بما فيه العملية متعددة المسارات التي سوف تتصدى للحاجات والأولويات العاجلة وبعيدة الأمد للمساعدة في الوصول إلى تسوية سياسية لإنهاء النِّزاع بطريقة تستجيب إلى تطلعات الشعب اليمني.
أختتم بالتأكيد على أنَّنا ما زلنا في الأيام المبكرة من الهدنة. وفي أي هدنة، الأيام المبكرة هي الأكثر حساسية. لذلك آمل أن يبقى الأطراف على ثبات في التزاماتهم لإنجاحها. علينا أن نبني الثقة. ولن يكون ذلك بالأمر الهيِّن بعد أكثر من سبع سنوات من النِّزاع. وستكون إرادة الأطراف المتحاربة ودعم المنطقة والمجتمع الدولي من أهم عوامل ثبات الهدنة والمحافظة على الزخم وتحقيق إمكانية المضي قدمًا نحو عملية سياسية والتوصل إلى نهاية شاملة سلمية مستدامة للنِّزاع.