[ المجاعة في اليمن ]
جددت الأطراف المتحاربة في اليمن الهدنة، تم توقيعها لأول مرة في أبريل/ نيسان الماضي. وكانت واحدة من أولى الخطوات الملموسة التي اتخذت نحو السلام منذ سنوات ولحظة حقيقية للاحتفال. لكن بالنسبة لآلاف العائلات، فإن الوقت ينفد.
بينما يحتفل الكثيرون في المجتمع الدولي، تراقب بعض العائلات في اليمن أطفالها يموتون ببطء.
هناك حوالي 30 ألف شخص يعانون من أمراض تهدد حياتهم وتتطلب العلاج في الخارج، وفقًا للحكومة التي يسيطر عليها الحوثيون في العاصمة صنعاء. حوالي 5000 منهم أطفال. سمحت الهدنة للرحلات الجوية بنقل المرضى إلى خارج البلاد، لكن هذا متاح بشكل رئيسي للعائلات التي يمكنها تحمل تكاليف العلاج في الخارج. وبسبب الآثار المدمرة للحرب والأزمة الإنسانية التي أوجدتها - والتي وصفتها الأمم المتحدة ذات مرة بأنها الأسوأ في العالم - لا يستطيع الغالبية القيام بذلك.
على مدى السنوات السبع الماضية، حاول التحالف الذي تقوده السعودية سحق الحوثيين المدعومين من إيران، بعد أن أطاحت الجماعة - المعروفة أيضًا باسم "أنصار الله" - بالحكومة المعترف بها دوليًا. أدت الحرب إلى حصار على الوقود دام سنوات فرضه التحالف وبدعم من الولايات المتحدة.
أدى الحصار والقيود المفروضة على الاستيراد والتضخم المرتفع إلى شل أنظمة الرعاية الصحية في اليمن واقتصادها.
سمح التحالف لـ24 سفينة وقود فقط من أصل 36 بدخول ميناء الحديدة على البحر الأحمر منذ إعلان الهدنة في 2 أبريل/ نيسان. وكان ذلك محل ترحيب لكل من الاقتصاد وتشغيل مرافق الرعاية الصحية، لكن لا يزال أقل مما تقول الأمم المتحدة إنه كافٍ "لدعم الخدمات الأساسية".
لكن بخلاف الإحصائيات، إليكم بعض الأرواح التي تأثرت بهذا الواقع.
رنيم الخالد ستكمل عامها الثاني في سبتمبر. ولدت بمتلازمة "داون".
يقول والدها عبدالرحمن: "إنها ملاك مرسل إلينا. لدي أربعة أطفال آخرين وهي - أصغرهم - تأسر قلبي".
عندما بدأت رنيم تعاني من ضيق في التنفس، لم تكن أي من المرافق الصحية اليمنية مجهزة لتقديم التشخيص. تمكنت عائلة رنيم، التي كانت أكثر حظًا من معظم الأطفال في البلاد، من إرسالها مع خالتها إلى القاهرة بحثًا عن العلاج. هناك تم تشخيصها بضعف في الأوعية الدموية للقلب وقيل لخالتها إنها بحاجة إلى عملية لإدخال دعامة لإبقائها مفتوحة وضخ الدم.
وصلت الجراحة والنفقات المصاحبة لها إلى 10 آلاف دولار وتم تحديد موعد لها في 6 يونيو الماضي. ولكن نفد حظ الأسرة، فلم يكن لديهم المال للدفع ومر موعد العملية دون إجرائها.
قال الدكتور عبد الرحمن الهادي، رئيس المركز الوطني للأورام في اليمن، لشبكة CNN: "لقد فقدنا الكثير من الأطفال في السنوات السبع الأخيرة من الحرب"، مضيفا: "كانوا ينتظرون رحمة لم تأت أبدًا".
في مركزه وحده، توفي أكثر من 300 طفل وهم ينتظرون السفر إلى الخارج لتلقي العلاج. أرسل الدكتور الهادي لشبكة CNN مقطع فيديو لأحد مرضاه، محمد سلمان البالغ من العمر 5 سنوات. قيل لمحمد وشقيقه البالغ من العمر 6 سنوات إنهما يحتاجان إلى زرع الخلايا الجذعية لعلاج فشل نخاع العظم الناجم عن فقر الدم اللاتنسجي. توفي شقيقه قبل 5 أشهر، قبل رفع الحصار جزئيًا. الآن محمد ينتظر وحده.
وقالت عائشة جمعان لشبكة CNN: "لا يوجد شيء أصعب على الآباء من الشعور بالعجز عندما يتعلق الأمر بإنقاذ حياة أطفالهم".
وتعد مؤسسة "جمعان" اليمنية للإغاثة وإعادة الإعمار ومقرها الولايات المتحدة، واحدة من المنظمات القليلة التي تحاول دعم العائلات التي تسعى للعلاج في الخارج. لكن متوسط تكلفة علاج الطفل يصل إلى 10 آلاف دولار. ويصل المبلغ المطلوب إجمالًا للأطفال الذين يحتاجون إلى علاج منقذ للحياة إلى ما يقرب من 50 مليون دولار. إنها معركة شاقة لإنقاذ الأرواح لا يمكن كسبها إلا من خلال استجابة منسقة ومنهجية لأزمة اليمن.
توقفت القنابل لكن الوفيات التي من الممكن تجنبها في اليمن لن تنتهي حتى يتم رفع الحصار بالكامل وعكس الانهيار الاقتصادي الذي غذته الحرب. في الوقت الحالي، الشيء الوحيد الذي يجلب الفرح لرنيم وعائلتها هي الموسيقى.
يقول والدها: "عندما أبدأ في عزف أغاني الأطفال التي تحبها فإنها لا تلاحظ الألم". وأضاف: "عندما تضحك وتغني، يبدو الأمر كما لو أن كل شيء من حولنا هو أغنية. إنها ملاك ومستعد للتضحية بحياتي كي تعيش".