يقع أرخبيل سقطرى في خليج عدن على بعد 150 ميلًا من القرن الأفريقي، ولا يزال ينتمي رسميًا إلى اليمن. ومع ذلك فقد مارست الإمارات العربية المتحدة سيطرتها عليها لسنوات. أصبحت سقطرى على أرض الواقع ملكية إماراتية، حيث تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى فصلها بشكل منهجي عن اليمن وإدارتها كجزء من أراضيها—وذلك كجزء من أجندتها التوسعية في اليمن.
في مايو/أيار 2017، أقر المسؤولون في الإمارات بأن جنودهم شاركوا في تدريبات "مكثفة" في سقطرى بعد سنوات من الشائعات حول مثل هذه الأنشطة الإماراتية في الأرخبيل. كما قامت الإمارات ببناء مدينة زايد السكنية الممولة من الهلال الأحمر الإماراتي في سقطرى، والتي ذكرت وسائل الإعلام الإماراتية أنها أعطت "الأمل لمئات العائلات التي فقدت منازلها" خلال إعصار في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. ومع ذلك، فإن الوجود الإماراتي المتزايد في سقطرى ساهم في تدهور العلاقات بين أبوظبي وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي اليمنية. في فبراير/شباط 2017، أشار هادي إلى الإمارات على أنها "قوة احتلال في اليمن وليست قوة تحرير،" على الرغم من تدخّل الإماراتيين المفترض في اليمن لدعم حكومته بعد أن طردها الحوثيون من صنعاء.
بحلول عام 2018، أنشأ الإماراتيون قاعدة عسكرية في سقطرى. وفي يونيو/حزيران 2020، اتهمت حكومة هادي المعترف بها من قبل الأمم المتحدة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، بشن "انقلاب شامل قوّض مؤسسات الدولة" في سقطرى من خلال "أسلحة مختلفة متوسطة وثقيلة، استهدفت مؤسسات الدولة وممتلكات المواطنين، واقتحام المخيمات والمقار الحكومية أيضًا."
نجت سقطرى إلى حد كبير من هذا النوع من العنف الذي يعاني منه اليمن منذ عام 2015، وتشتهر بالكهوف والبحيرات والحياة النباتية القديمة وأشجار دم التنين والشواطئ البكر ذات الرمال البيضاء والمياه النقية الصافية، وهي وجهة نائية للسائحين المغامرين. حاول الإماراتيون توسيع إمكانات السياحة البيئية، ما سمح للسائحين بالسفر إلى سقطرى مباشرة من أبوظبي على متن شركة طيران إماراتية، العربية للطيران، وحتى على التأشيرات التي تمنحها الإمارات العربية المتحدة نفسها، ما يقوض السيادة اليمنية تمامًا.
لم تؤد مزاعم الإمارات بشأن سقطرى إلى إثارة غضب العديد من اليمنيين فحسب، بل أغضبت أيضًا السعوديين، شركاءهم في التحالف، ما أدى إلى تأجيج بعض التوتر بين أبوظبي والرياض، خاصة بعد إنشاء القاعدة العسكرية الإماراتية في سقطرى. كان تركيز السعودية في اليمن، منذ تدخلها في عام 2015، ينصب بشكل مباشر على حربها ضد المتمردين الحوثيين، بهدف طردهم من صنعاء وأجزاء أخرى من شمال اليمن—بينما كان الإماراتيون يسعون لتحقيق مصالحهم الجيوستراتيجية عبر المناطق الساحلية الجنوبية لليمن.، مثل عدن وسقطرى.
تقول إليزابيث كيندال، وهي خبيرة رائدة وباحثة أولى في الدراسات العربية والإسلامية في كلية بيمبروك بجامعة أكسفورد: "يعطي موقف الإمارات بشأن سقطرى مؤشرًا آخر على أن الإمارات قد حولت سياستها في اليمن بعيدًا عن الأهداف الأصلية للتحالف الذي تقوده السعودية للتركيز بدلًا من ذلك على مصالحها التجارية والاستراتيجية والأمنية." وتضيف: "سقطرى هي جوهرة في تاج اليمن. إنّ ممارسة الإمارات لنفوذها على سقطرى، التي تقع على المحيط على بُعد مئات الكيلومترات من أي خطوط جبهات [على الأراضي الرئيسية اليمنية]، يشير إلى أنها تنتقي انخراطها في اليمن لخدمة أجندتها الخاصة."
الطموحات التجارية الجديدة
عملت الإمارات على إنشاء شبكات نفوذ مختلفة بالقرب من نقاط الاختناق الحرجة للتجارة العالمية في جميع أنحاء اليمن، من خليج عدن إلى مضيق باب المندب الحيوي الذي يربطها بالبحر الأحمر. يقال أن الإمارات أقامت قاعدة جوية في جزيرة ميون، وهي جزيرة بركانية صغيرة تحتل موقعًا رئيسيًا في مضيق باب المندب. ممارسة النفوذ عبر سقطرى أمر بالغ الأهمية لخدمة هذه الأجندة الكبرى.
يقول أندرياس كريج، الأستاذ المساعد في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن: "بالنسبة لدولة الإمارات، من المهم للغاية أن يتحكموا في نقاط الاختناق." وهذا يعني قيام موانئ دبي العالمية، وهي شركة لوجستية متعددة الجنسيات مقرها دبي، "بالتحكم في محطات الحاويات في عدن، أو في مجموعة متنوعة من الموانئ الأخرى في هذا الجزء من العالم،" ويضيف كريج: "أو أن يكون لها قاعدة عسكرية أو بحرية، مثلما فعلت الإمارات في عصب [في إريتريا]، وفي سقطرى، وفي أماكن أخرى في جنوب اليمن، مثل عدن، [وفي] شمال أرض الصومال وبونتلاند،" على الجانب الآخر من خليج عدن. "توجد هذه السلسلة من اللآلئ التي تدعم مصالح الإمارات."
تدخل الصين في إطار تفكير أبوظبي أيضًا، حيث أن الممرات الملاحية حول جنوب اليمن وسقطرى هي مركز ثقل في التجارة العالمية. على المدى الطويل، الإماراتيون مصممون على وضع أنفسهم كشريك يجب أن تعمل معه الصين لتعزيز مبادرة الحزام والطريق الضخمة في منطقة القرن الأفريقي وحولها. ونظرًا لأن مشاريع البنية التحتية الضخمة في الصين "تعبر هذا الجزء من العالم إلى أوروبا، فإن الإمارات هي أساسًا الشريك الرئيسي،" وفقًا لكريج. "الصينيون مجبرون على العمل مع الإمارات."
ويضيف: "هنا تتمحور فكرة إنشاء القليل من الاعتماد المشترك حيث تحتاج القوة العظمى، الصين، إلى العمل مع القوة الصغيرة أو المتوسطة، الإمارات. أصبحت هذه الشبكات وسيلة لتعزيز مكانة الإمارات."
كما تظهر إسرائيل في الصورة كذلك، مع وجود تقارير لم يتم التحقق منها حول وصول وحدات استخبارات إسرائيلية إلى الأرخبيل ووجود خطط واضحة لإنشاء قاعدة استخبارات إماراتية إسرائيلية مشتركة في سقطرى. قد يكون هذا نتيجة أخرى غير متوقعة لاتفاقات إبراهام، حيث تتوافق المصالح الإسرائيلية والإماراتية في خليج عدن.
الكثير من الحديث حول "انسحاب" إماراتي
على الرغم من كثرة الحديث عن ابتعاد السياسة الخارجية الإماراتية عن بعض مغامراتها العسكرية وفي اتجاه أكثر دبلوماسية، إلا أن الوضع في جنوب اليمن وسقطرى يحكي قصة أكثر دقة. ببساطة، من غير الصحيح الادعاء بحدوث انسحاب إماراتي من اليمن—على الرغم من مزاعم الإمارات نفسها بأنها سحبت قواتها—أو وجود تقليص واسع لوجودها في القرن الأفريقي، حتى لو كان موقف الإمارات في هذا الجزء من العالم قد يبدو أقل عدوانية أو ربما لطيفًا إلى حد ما بالنسبة لبعض المراقبين.
تتلقى الفصائل اليمنية، مثل لواء العمالقة الموالي للحكومة اليمنية والجماعات المسلحة التي تعمل تحت مظلة المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، تدريبات ومعدات وأموالًا من أبوظبي. القائمون على هذه الميليشيات هم وكلاء يمنيون للإمارات، وهو دليل على أنها لم تتخلَّ عن اليمن أو تنسحب من الحرب على الإطلاق. يستخدم الإماراتيون الحرب بالوكالة وأشكال مختلفة من الدبلوماسية لتعزيز مصالحهم في جنوب اليمن وفي سقطرى، حيث أن وجود قوات المجلس الانتقالي الجنوبي يؤكد على هذه الحقيقة.
تقول الكسندرا ستارك، وهي باحثة أولى في مؤسسة نيو أمريكا: "بينما سحبت الإمارات بعض قواتها من اليمن في عام 2019 ردًا على ضغوط المجتمع الدولي، إلا أنها ظلت نشطة في اليمن، من خلال عدد صغير من القوات الإماراتية المتبقية وكذلك من خلال دعمها للميليشيات الجنوبية."
وبحسب كريج، "لا تزال هناك قوات إماراتية في اليمن على الأرض—قوات خاصة ومستشارون ومدربون، ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، تم تقليص التواجد العسكري الإماراتي في الوقت الحالي إلى حرب بالوكالة."
"سقطرى ملك لليمن"
مع تركيز الولايات المتحدة بشدة على الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن سقطرى تغيب عن تفكير واشنطن. لكن الحرب في أوكرانيا يجب أن تذكّر الولايات المتحدة بالدروس التي تنطبق على سيطرة الإمارات على سقطرى.
تقول كيندال: "إنّ التسامح الدولي بشأن استيلاء بوتين على شبه جزيرة القرم في عام 2014 شجعه على الاعتقاد بأنه لن تكون هناك عواقب للاستيلاء على أجزاء أخرى من أوكرانيا. من الخطر تجاهل استيلاء دولة على مناطق مختارة من دولة أخرى ذات سيادة. سقطرى ملك لليمن."
هناك أيضًا آثار استراتيجية في المنطقة. قد تكون واشنطن أكثر حرصًا على الانتباه إلى سقطرى إذا سهّلت الإمارات لاحقًا وصول الصين إلى الأرخبيل. يقول كريج: "عندما يتعلق الأمر ببناء هذه الشبكات البحرية والتجارية، فإن الإمارات تدعم في معظمها المصالح الصينية. ربما يكون هذا هو مصدر القلق الرئيسي لدى الأمريكيين في هذه المرحلة. لكن الولايات المتحدة، في الوقت الحالي، لا تنظر إلى البعيد. كل ما يفعله الأمريكيين يتعلق بمراحل من سنتين إلى أربع سنوات. الأمريكيون لا ينظرون إلى السنوات العشر أو العشرين القادمة، وهذا ما تفعله الإمارات. إنهم يلعبون لعبة طويلة."
إذا استخدمت الإمارات نفوذها في نهاية المطاف على سقطرى لفتحها أمام الصين وربما روسيا، التي لها علاقاتها الخاصة مع المجلس الانتقالي الجنوبي وشراكة قوية مع أبوظبي، فإن مثل هذه النتيجة ستكون من صنع واشنطن. استعانت الولايات المتحدة إلى حد كبير بمصادر خارجية في سياستها الخارجية في اليمن من خلال السعوديين والإماراتيين، مع الاستمرار في تسليح كليهما. بالعودة إلى فترة رئاسة باراك أوباما، فعلت واشنطن الكثير لتشجيع الإماراتيين، ليس فقط للتدخل في اليمن ولكن أيضًا لضم هذه الجزر اليمنية للإمارات.
* جورجيو كافيرو هو الرئيس التنفيذي لشركة (Gulf States Analytics)، وهي شركة استشارية حول المخاطر الجيوسياسية مقرها العاصمة الأمريكية واشنطن.