حظي الإعلان عن «رؤية 2030 «ومقابلة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باهتمام غربي واسع٬ إذ استبقت الصحف البريطانية والفرنسية الإعلان بعناوين تشويقية تتساءل عن خطوطها العريضة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
واهتّمت صحيفة «الفاينانشل تايمز» بتأكيد ولي ولي العهد السعودي على طرح أقل من خمسة في المائة من أسهم شركة «أرامكو» النفطية الوطنية العملاقة للاكتتاب العام في السوق المحلية٬ ووصفه للعملية بـ«أكبر اكتتاب في تاريخ الكرة الأرضية»٬ مقّدرا قيمة الشركة بين ألفين و2500 مليار دولار. كما توّقفت الصحيفة عند تصريحات الأمير الذي يشغل كذلك منصب وزير الدفاع في المملكة خلال مقابلته الخاصة على قناة «العربية»٬ خاصة منها تلك المتعلّقة بقدرة السعودية على تخفيف اعتمادها على إيرادات النفط في غضون 4 سنوات٬ أي بحلول 2020.
بدورها٬ اعتبرت «التلغراف» البرنامج الإصلاحي الذي كشفت عنه «رؤية 2030 «أكبر «حدث اقتصادي واجتماعي» في تاريخ المملكة. ولم تكتف الصحيفة بتغطية الجانب الاقتصادي للرؤية٬ بل أشارت إلى توجه المملكة نحو تعزيز دور المرأة السعودية في القوة العاملة ورفع مشاركتها في سوق العمل من 22 في المائة إلى 30 .وتحسين وضع المقيمين الأجانب والاستفادة منهم اقتصاديا.
من جهتها٬ اهتّمت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية بحجم الإصلاحات الاقتصادية المعلن عنها في المملكة أمس٬ متوّقعة فترة تغييرات اقتصادية واسعة في العشر سنوات المقبلة. وأشارت الصحيفة إلى جانب اكتتاب جزء من «أرامكو» وإنشاء صندوق سيادي قادر على شراء 4 شركات عالمية٬ هي «آبل» الأم٬ و«غوغل»٬ و«مايكروسوفت»٬ وشركة «بيركاشير هاثاواي»٬ إلى توّجه المملكة نحو تنويع اقتصادها بالاستثمار في المعادن وإطلاق صناعة عسكرية سعودية.
وقال محمد بن سلمان في مقابلته التي تلت موافقة مجلس الوزراء على رؤية 2030 بقليل: «هل يعقل في 2014 أن السعودية٬ رابع أكبر دولة في العالم تنفق عسكريا٬ و2015 السعودية أكبر ثالث دولة تنفق عسكريا٬ وليس لدينا صناعة داخل السعودية؟».
وبهذا الصدد٬ ذّكرت جهات إعلامية متعددة بتقرير اقتصادي أصدره معهد «ماكنزي» العالمي تفيد بأن المملكة قادرة على مضاعفة الناتج المحلي وإضافة ستة ملايين وظيفة للمواطن السعودي بحلول عام ٬2030 وحِّدد التقرير ثمانية قطاعات ذات أولوية هي التعدين والمعادن٬ والبتروكيماويات٬ والصناعات التحويلية٬ وتجارة التجزئة والجملة٬ والسياحة٬ والرعاية الصحية٬ والتمويل٬ والبناء. واعتبر أن هذه القطاعات يمكن أن تساهم بأكثر من 60 في المائة من إجمالي النمِّو المطلوب لمضاعفة الناتج المحلي بحلول عام 2030.
من جهتها٬ اعتبرت أسبوعية «الأكونوميست» التي نشرت حوارا مع الأمير محمد بن سلمان مؤّخرا٬ سلسلة الإصلاحات الاقتصادية المعلن عنها أمس «أكبر حدث تشهده المملكة منذ اكتشاف النفط عام 1938«٬ لافتة إلى أهمية الصندوق السيادي الذي سيجعل من الاستثمارات٬ لا النفط٬ مصدر إيرادات الحكومة.
ولم تغب تغطية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن الصحافة الفرنسية٬ حيث عنون موقع «كابتال» الإخباري: «السعودية تسعى إلى وقف إدمانها على النفط»٬ مقتبسة من تصريحات الأمير محمد بن سلمان خلال مقابلته أمس. أما صحيفة «لو فيغارو» فاختارت تسليط الضوء على الطابع الفريد لحزمة الإصلاحات٬ ورّكزت على ما سيتيحه طرح «أرامكو» من شفافية.
وحول حزمة الإصلاحات الهادفة إلى إعداد السعودية لتحّديات ما بعد النفط٬ قال ستيفن هيرتوغ المتخصص في الاقتصاد السعودي بجامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية٬ لـ«الشرق الأوسط»٬ إن أهم قطاعات التي ينبغي استهدافها لتنويع اقتصاد المملكة بشكل ناجح هي السياحة الدينية
من جهتها٬ اهتمت وسائل الإعلام الأميركية والشبكات التلفزيونية بخبر إعلان السعودية عن رؤيتها وخطتها لعام ٬2030 لتنويع الاقتصاد وتخفيف الاعتماد بشكل كامل على عوائد النفط.
ونشرت شبكة «بلومبيرغ» التلفزيونية تقريرا٬ أشار إلى أن الخطة تشكل تطورات اقتصادية واجتماعية مهمة٬ مشيرا إلى مقابلة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع «بلومبيرغ»٬ التي أوضح خلالها اتجاه خطة المملكة إلى تقليل الدعم وتوسيع مشاركة القطاع الخاص٬ ليتمكن من خلق مزيد من فرص العمل.
وأوضح مراسل «بلومبيرغ» في الرياض أن «الأجندة الاقتصادية التي وافقت عليها السلطات السعودية تعتمد على تحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد يعتمد كليا على النفط إلى اقتصاد متنوع».
وبعد دقائق من إعلان الخطة٬ نقلت وكالات الأنباء العالمية مثل «رويترز» و«أسوشيتد برس» خبر الخطة الجديدة للمملكة لعام 2030 .وأفردت تصريحات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وخطته الإصلاحية لتحويل المملكة إلى قوة استثمارية عالمية.
وأوضحت وكالة «رويترز» أن خصخصة «أرامكو» هي إحدى المحاور الرئيسية للخطة٬ حيث سيجري تحويلها إلى شركة طاقة. وتوقعت الوكالة أن يبلغ تقييمها ما بين تريليوني وثلاثة تريليونات ریال٬ وأن يجري إدراج أقل من 5 في المائة من أسهمها في سوق الأسهم مع توقعات بطرح شركات أخرى خلال الشهور المقبلة.
وقالت الوكالة إن الخطة أيضا تشمل أهدافا طموحة٬ من بينها زيادة مشاركة القطاع الخاص في القطاع الاقتصادي من 40 في المائة إلى 60 في المائة٬ وخفض معدل البطالة من 11 في المائة إلى 6.7 في المائة٬ وزيادة الدخل غير النفطي من 163 مليار ریال إلى تريليون ریال٬ ومشاركة المرأة في القوى العاملة.
من جهتها٬ قالت صحيفة «وول ستريت» التي تعد من كبريات الجرائد الاقتصادية انتشارا ونفوذا في الولايات المتحدة٬ إن أسعار النفط الخام المنخفضة دفعت السعودية إلى الكشف عن خطة طويلة الأجل تهدف إلى تحرير الاقتصاد من الاعتماد على النفط الذي يشكل أكثر من 70 في المائة من العائدات في غضون السنوات المقبلة.
ونقلت الجريدة بعض تصريحات الأمير محمد بن سلمان التي تتعلق برغبة المملكة في «فتح الأبواب للسياحة من جميع الجنسيات تماشيا مع التقاليد والقيم».
وأوضحت الجريدة أن الخطة تضع مسارا اقتصاديا جديدا للمملكة٬ في عصر ما يسمى «النفط الرخيص».
وأذاعت شبكة «سي إن بس سي» الاقتصادية التي تتابع الأسواق الأميركية والعالمية وسوق الأسهم٬ فقرة تلفزيونية تكررت عدة مرات حول خطة المملكة العربية السعودية٬ لتحويل مسار اقتصادها خلال الخمسة عشر عاما المقبلة٬ وقالت إن البرنامج يهدف إلى بناء مستقبل اقتصادي مزدهر ومستدام للمملكة.
وقالت الشبكة التلفزيونية إن السلطات السعودية ستتبنى ثلاثة موضوعات٬ هي مجتمع نابض بالحياة واقتصاد مزدهر وأمة طموحة.
من جهتها٬ أذاعت شبكة «سي إن إن»٬ على لسان مراسلتها إيافانا كوتاسوفا ومراسلي القناة والمحللين الاقتصاديين في أبوظبي٬ تقريرا أشارت فيه إلى أن المملكة العربية السعودية تكسر «إدمانها» للنفط٬ وأشارت إلى أن أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ومنطقة الشرق الأوسط كشفت النقاب عن خطة طموحة لتنويع اقتصادها٬ لتصبح واحدة من أكبر خمسة عشر اقتصادا في العالم.
أما صحيفة «فاينانشيال بوست»٬ وبالتعاون مع وكالة أنباء «بلومبيرغ»٬ فرأت أن المملكة العربية السعودية بعد ثمانية عقود من الاعتماد على النفط تتجه إلى دفع النمو الاقتصادي وتنويع الاقتصاد وتنمية البنية التحتية وخلق مزيد من فرص العمل. وأشارت الصحيفة إلى تصريحات الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد٬
وتفاصيل خطة الإصلاح الشاملة التي أعلنها أمس الاثنين٬ لتحويل الاقتصاد السعودي إلى قوة جاذبة للاستثمارات العالمية٬ وإعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العالمية.
ووصفت جريدة «يو إس إيه توداي» جهود الأمير محمد بن سلمان بأنها «الأجرأ» منذ تأسيس المملكة العربية السعودية. وأشارت إلى أن جهود الإصلاح لإعادة تشكيل الاقتصاد السعودي ليست الأولى من نوعها٬ وظلت الإصلاحات في العقود الأخيرة تؤدي إلى نتائج متواضعة٬
ولذا تأتي مقترحات الأمير محمد بن سلمان باعتبارها الأجرأ خلال عقود. والصناعات التحويلية٬ التي شملتهما الخّطة. ولفت هيرتوغ في هذا السياق إلى ضرورة توظيف مواطنين سعوديين في المشاريع الاستثمارية الجديدة في هذه القطاعات٬ ذاكرا أن جزءا كبيرا من شركات القطاع الخاص يعتمد على العمالة الأجنبية ذات الكلفة المنخفضة.
إلى ذلك٬ اعتبر هيرتوغ رفع الدعم الحكومي على الطاقة والمياه أكثر إجراء إصلاحي مدر للدخل. وقال هيرتوغ إن أكبر المستفيدين من الدعم الحكومي هم المواطنون الأثرياء الذين يستهلكون كميات كبيرة من الطاقة٬ وهو ما أّكده الأمير محمد بن سلمان الذي تحّدث في مقابلته مع «بلومبيرغ» أخيرا عن تخصيص مبالغ نقدية لمحتاجي الدعم بدلا من دعم الكهرباء. واعتبر هيرتوغ التحدي هنا التعريف بالمواطنين ذوي الدخل المنخفض.