في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر2015 احتفلت القبائل المكونة للمقاومة في مأرب بتحرير السد التاريخي الذي كانت قوات الميليشيات وصالح تسيطر عليه بالنار، حيث كان لابد من إحداث اختراق للجمود العسكري الذي دام عدة أسابيع، فقامت طائرات التحالف بتأمين غطاء جوي فتح الطريق أمام المقاتلين اليمنيين من الجيش والمقاومة لاستعادة السيطرة على السد مجدداً وتم رفع العلم اليمني وأعلام دول التحالف.
في عام 1994 قام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،طيب الله ثراه، بوضع حجر الأساس للسد الذي اعتبر من أقدم السدود في المنطقة والذي كان انهياره تاريخياً يعيد رسم معالم ديموغرافية وسياسية جديدة.
مسرح شاسع وصعب
وفي القصة التي بثتها «سكاي نيوز عربية»، كان الطريق إلى تحرير سد مأرب طويلاً وشاقاً وكان مسرح العمليات الحربية شاسعاً وصعباً، استخدمت فيها قوات التحالف السيارات الخفيفة ومروحيات الأباتشي التي دمرت مدفعية الحوثيين وآلياتهم الثقيلة، فضلاً عن عمليات الزحف حتى تكلل النصر.
كانت المقاومة المكونة من أبرز القبائل في مأرب مثل قبيلتي مراد والعبيدي في طليعة المشاركين في القتال تدعمها آليات التحالف التي شكلت قاعدة خلفية إدارية ومعلوماتية للمعركة، أما الجيش الوطني اليمني الذي أعيد تشكيل ألويته والذي استفاد من حروب سابقة على هذا المسرح القتالي فقد كان يشارك بضباطه وجنوده في التنسيق والتخطيط لمعركة بدأ يتأخر حسمها لأسباب واضحة لدى قيادته العسكرية.
كان كلام قائد الأركان يعكس موقف غالبية المقاتلين المعارضين لعلي عبد الله صالح وأولئك المنضمين في صفوف المقاومة الشعبية، شكل التحضير لعملية استعادة السيطرة على السد مفصلاً أساسياً في المعركة وساهم في إعادة بناء القوة العسكرية لهذا الفريق، وكانت العمليات العسكرية تتم بالتنسيق بين المقاومة التي كانت في الصف الأول والجيش اليمني، أما قوات التحالف فكانت تؤمن الدعم المدفعي والغطاء الجوي للعملية.
وقبل التقدم شرح ضابط من قوات التحالف إجراءات السلامة الخاصة بالإعلاميين، وما إن أنهى الضباط والجنود تجهيز آلياتهم وأجهزة الاتصال حتى انطلقوا لتأمين محيط سد مأرب وضمان قاعدة خلفية آمنة للمقاتلين تتماشى مع الواقع العسكري الذي فرضته طبيعة الأرض وطبيعة المشاركين في الهجوم.
ساعة الصفر
منذ الإعلان عن ساعة الصفر تقدمت قوات المقاومة بسيارات خفيفة تحت غطاء من مروحيات الأباتشي التي دمرت مدفعية الحوثيين وآلياتهم الثقيلة نفذت القوات المهاجمة عملية التفاف حول الجبال الوعرة التي تمتاز بها المنطقة والتي شكلت ملجأ طبيعيا لمسلحي الفريق الآخر.
لم تمنع هذه التضاريس الجبلية الوعرة والطبيعة الصحراوية أو المساحات المفتوحة المقاومة من التقدم في الجبال، كان واضحاً من الواقع الجغرافي والتجارب السابقة أن طبيعة المنطقة تمثل أبرز التحديات أمام المهاجمين، كانت قوة المجابهة مكشوفة أمام أعين القناصة الذين اتخذوا الجبال ملاجئ آمنة حتى من قصف الطيران، وكان التقدم السريع للقوات المهاجمة من القوات والجيش تعترضه الصعوبات التي عجزت عن تخطيها السيارات رباعية الدفع التي وصلت إلى طريق مسدود.
لم يكن أمام المشاركين في العملية خيار غير مواصلة الزحف سيراً على الأقدام في اتجاه آخر التحصينات الجبلية للمنطقة المطلة على سد مأرب، كانت تحصينات القناصة توضح الكثير عن طبيعة المعركة وصعوبتها، واكتشف الجنود مخبأ لأحد القناصة كان قد تم رصده وقتل قبل ساعات ،هناك نرى القناصة الحوثيين يعيشون في الجبال تصلهم الإمدادات يومياً إضافة إلى النشرات التي تدعوهم إلى الصمود موقعة من قياداتهم وكذلك كتيب إسعافات أولية خاصة بالحروب.
كانت عملية رفع الأعلام على مشارف سد مأرب من المنطقة الجبلية هدفاً معلناً من قبل المقاومة غير أن الوصول إلى مشارف السد عبر الجبال حيث ينتشر القناصة لم يكن بالأمر السهل، واحتفل المشاركون برفع الأعلام على مشارف سد مأرب.
كان دعم المقاومة والجيش من قبل قوات التحالف عاملاً حاسماً ورسمت عملية سد مأرب معالم أوضح للعمل العسكري بين المقاومة والجيش اليمني وحدوداً للتنسيق والدعم من قبل قوات التحالف بعد المعركة وقف اليمنيون جاهزين لجولة جديدة.
هكذا انتهت معركة سد مأرب التي كان لها أثر كبير في تفعيل العمل المشترك بين المقاومة والجيش من جهة والتحالف من جهة ثانية، معركة فرضت تغييراً واضحاً في موازين القوى، قد يفتح حسم المعركة أفقاً يسهم في وضع حد للواقع العسكري في البلاد التي لا تزال تعيش دوامة عنف متناقلة.
معلم تاريخي
قال محمد الصالحي رئيس تحرير صحيفة مأرب بريس، إن سد مأرب يمثل معلماً تاريخياً مهماً لليمنيين على وجه الخصوص والعرب بشكل عام، حيث كان مهماً في معركة تطهير مأرب لموقعه الاستراتيجي والعسكري المهم الذي يطل على الكثير من المناطق الحساسة في مدينة مأرب.
وأضاف: نحن نحتفل بمرور شهر على استعادة سد مأرب ونتطلع إلى المزيد من الانتصارات لتطهير صنعاء وصعدة وعمران وتعز هذه الفرحة التي ينتظرها جميع اليمنيين.
وأشار الصالحي إلى أن لعملية سد مأرب أهمية كبرى كموقع استراتيجي مهم، وذلك لتمركز الحوثيين في هذه المنطقة الجبلية الوعرة، وكانت استعادة هذه المناطق وتحريرها صعباً ولكن بفضل الله استطاع التحالف العربي والجيش الوطني والمقاومة الشعبية تطهير المنطقة الحساسة والانتقال إلى مراحل أبعد.
وأشار إلى أن مأرب هي المنطقة الوحيدة التي تبقت للشرعية اليمنية في المحافظات الشمالية، فهي المحافظة الوحيدة التي قاومت من اليوم الأول بالإضافة إلى مدينة تعز، لافتاً إلى أن مأرب تمثل محافظة اقتصادية مهمة تتمتع بوجود البترول والغاز والمحطة الغازية الكهربائية في مأرب، كذلك هي بوابة إلى الجنوب خصوصاً في محافظة حضرموت ومهرة.
وأوضح أن الطبيعة الجغرافية الصعبة جداً كانت هي العقبة الأكبر، في تمركز الحوثيين فيها بين الصخور والجبال، وهذا كان بعيداً عن متناول الطيران أو المدفعية أو الجيش، حيث استطاع اللواء 143 من دخول كتيبة عسكرية من خلال سرايا المشاة.