"لواء الطلاب".. هذا هو الإسم الذي أطلق على وحدات من المقاومة الشعبية، تشكل فريقا متكاملا، وموحدا، يضم مئات الشباب، معظمهم من الطلاب الجامعيين، من مختلف التخصصات والكليات.
وهذا اللواء كان له الدور الأبرز في إشعال وتوجيه وقيادة الانتفاضة المسلحة ضد المليشيات الانقلابية، بعدما أجبروا على ترك الأقلام والدفاتر، وحمل البنادق للتصدي لإجرام واعتداء المليشيا الإنقلابية على أبناء تعز المسالمين.
البداية
كانت بداية بسيطة في أحد الأحياء الغربية بتعز، مع بداية المواجهات، حيث قام عشرات الشباب، والطلاب على حماية الأحياء والمنازل والممتلكات العامة والخاصة من أي اعتداء أو سرقة، ولم يكن لديهم أسلحة ثقيلة، فقد سلاحهم الشخصي، ثم تحولوا سريعا إلى سند وظهير قوي للمقاومة ولمنع أي محاولة للتسلل عبر الأحياء الغربية.
تمكن أفراد "لواء الطلاب"، من الحصول على كمية من الأسلحة، المتنوعة، خلال هجمات نفذوها على إمدادات وتعزيزات للمليشيا الحوثية، وبهذا حصلوا على أسلحة كافية لمواصلة النضال، وبما يضمن تسليح مزيد من الطلاب والشباب الراغب في المشاركة في التصدي لصلف المليشيا وإرهابها، ونجح اللواء فعلا منذ وقت مبكر في استنزاف المليشيا، وإنهاكها، كما أنهم ساهموا في تخفيف الضغط الذي كانت تشكله المليشيا على الأحياء السكنية وعلى رجال المقاومة والجيش الوطني في الجبهات الأخرى.
لاحقا، توجهوا صوب الجبهات ليتوزعوا في الثغور، إضافة إلى الانتشار في الأحياء السكنية، ضمن القوات المنتشرة في الحزام الغربي للمدينة، لحماية المدينة من أي تسلل، وكذلك لحماية المنازل والأحياء من أي سرقة أو عبث.
لواء من حملة الأقلام
"لواء الطلاب"، يتكون من أفراد لم ينهوا سنواتهم الجامعية، لواء دون ذخيرة أو سلاح أو عتاد أو معسكرات أو تدريب، أو دورات، وكل ما يمتلكونه هو خلفية قتالية فردية لدى الفريق وعزيمة إيمانية ثابتة ومتربصة في قلوبهم .
استشهد العشرات منهم، وجرحى المئات خلال المعارك الضارية التي شاركوا فيها طيلة الأشهر الماضية، ضد المليشيا الانقلابية، وظل بقية الأفراد صامدين ومتحمسين لتقديم مزيد من التضحية، سائرين في درب النضال لمواجهة المليشيا والتصدي لمشروعها التدميري.
وبحسب مصادر في اللواء، فإنه كثيرا ما يكون هناك طالبين من أسرة واحدة يقاتلون تحت راية اللواء، في حين معظم العوائل بالمدينة، لديها أحد أبنائها يقاتل في صفوف اللواء، منهم من لا يزال يقاتل، ومنهم من استشهد، ومنهم من أصيب وهكذا.
من القلم إلى السلاح
يقول هلال الحميدي في حديثه لـ"الموقع" إن جميع أفراد اللواء لم يحملوا مسبقاً السلاح أو يخوضوا معركة كهذه، ولم يرتدوا جعبة قط، كما أنهم لم يخضعوا لأي تدريبات عسكرية بقدر ما هي ممارسة فردية وصنيعة ذاتية، مستهجنين بمبدأ الكفاح والنضال الوطني، ومتشبثين بروح العزيمة المتصلبة في أعماقهم للدفاع عن مدينتهم التي وقفت في وجه المليشيات الانقلابية.
ويضيف: "تركوا أقلامهم، واضطروا الى حملوا السلاح متجهين صوب المتارس، وهدفهم الدفاع عن تعز، ودحر المتمردين من مدينة العلم والثقافة التي لم تلد من السكوت والاستسلام بُداً ، فكانت عنوان الشرارة الاولى التي انطلقت منها المقاومة الشعبية متشكلة من افراد وطلاب ودكاترة واعلاميين ومدرسين وجامعيين".
قائد من حملة الأقلام
يقود هذا اللواء مدرس مادة الرياضيات، ومدير إحدى المدارس بالمدينة، قائد استاذ يعمل بصمت، لا يحب الظهور بقدر ما يحب الاخلاص في ميدان القتال، يعمل بعيدا عن الأضواء، إنه القائد عبده حمود الصغير، الذي كان له دور بارز في الثورة الشبابية، واضطر إلى قيادة الجبهة الغربية الذي يتمحور فيها لواء الطلاب للتصدي للمليشيات.
زُرعت بذور النضال عبر هؤلاء الأفراد، "لواء الطلاب" فكانت المعضلة الاساسية لإحداث نقلة نوعية في مسار الكفاح لدى المقاومة منذ عشرة أشهر، فكانت الركيزة الاساسية لتسلق وتحرير معسكر الامن السياسي وحي المرور ووادي الدحي وعدة احياء قبل اشهر، والتمركز فيها والصمود والحفاظ عليها رغم كل المعوقات ورغم شحة الدعم في السلاح والمال.
صمود أسطوري
لم ينسحبوا، أو يتراجعوا، ولم يدخل في قلوبهم الملل أو التعب، ولم ينتابهم الخوف من أن تطول الحرب، كما يقول عدد من أفراد لواء الطلاب لـ "الموقع"، والذين أظهروا رباطة جأش، وصمود وإيمان أسطوري، مستمدين شجاعتهم وبسالتهم من قوة إيمانهم بالله ثم بعدالة قضيتهم.
جسد واحد وقضية وطنية عادلة
يكشف أحد المقاتلين في اللواء عن سر البقاء والثبات والصمود، مع كونهم لا يمتلكون أي خبرة عسكرية او خلفية قتالية، أو مردود مادي أو عسكري، حيث يشير إلى أن كون الطلاب في اللواء ملتحمين كالجسد الواحد ساعد على البقاء والثبات ليل نهار رغم شحة الامكانيات التسليحية والمادية والغذائية، مضيفا أن اللواء ظل يرابط في الحزام الغربي للمدينة، مصحوب بقضية عادلة ووطنية بحتة، مجتهدا في حماية المدينة من أي هجمات، أو اختراقات، حيث نجح اللواء في خنق المليشيات على اعتاب المدينة وأطرافها الغربية، وجرعها الويلات، بحسب أحد أفراد اللواء.
ولقد كان "لواء الطلاب"، الركن الأساس، والعمود الفقري، في تحرير الجبهة الغربية، وكسر الحصار المفروض منذ عدة أشهر على المدينة، خلال عملية عسكرية واسعة شاركت فيها جميع فصائل المقاومة الشعبية والجيش الوطني، حيث كان لواء الطلاب هو رأس الحربة في هذه العملية.
واليوم، وبعد كسر الحصار من الجهة الغربية، يواصل أفراد لواء الطلاب نضالهم الوطني، حيث أصحبوا أكثر انتشاراً وشهرة، إلى جانب لواء الصعاليك، الذي يحتل المرتبة الأولى من حيث المواجهة، وإيلام المليشيا، وبالرغم من انغماسهم في غمار المعركة واختلاط عزائمهم بذرات البارود، إلا أنهم يسكنهم شوق عميق للقلم والكراسة، يتوقون للعودة إلى تخصصاتهم وكلياتهم، لكن بعد أن تتخلص تعز من قذارة الانقلابيين، الذين أجبروا حملة الأقلام على حمل البنادق.