[ انفجار يستهدف معسكرا بالمكلا - إرشيف ]
ظلت مدينة المكلا بحضرموت شرقي اليمن على فوهة بركان، منذ أن سيطر عليها تنظيم القاعدة في الثاني من أبريل/ نيسان العام الماضي، بعد انسحاب قوات الجيش الموالية للمخلوع صالح هناك.
وأعاد إلى الأذهان ما حدث في المكلا، السيناريو الذي اتخذته القاعدة، منذ إعلان عاصفة الحزم في مارس/ آذار 2015، إذ كان التنظيم يسيطر على المناطق التي ينسحب منها الحوثيون وقوات المخلوع صالح في الجنوب، بعد سيطرة التحالف العربي وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية عليها، وذلك حسب مراقبين يؤكد العلاقة الوطيدة التي تربط بين التنظيم والمخلوع صالح والحوثيين.
استفاد الثلاثة الأعداء علنا، (القاعدة، الحوثي، صالح)، طوال الفترة الماضية من ميناء المكلا، حيث تؤكد المعلومات، أنهم استفادوا منه في تهريب المشتقات النفطية، وكذا تهريب الأسلحة للمليشيات، لمساعدتهم على الصمود في المعركة، بحسب تصريحات الناطق باسم الحكومة الشرعية راجح بادي.
وحصل التنظيم كذلك على تمويل كبير، بعد نهبه للمصارف الحكومية في مدينة المكلا، وللأسلحة الثقيلة من المعسكرات التي كانت خاضعة لسيطرته.
ووفقا لتصريحات صحفية لقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن فرج البحسني، فقد استولى التنظيم على ترسانة أسلحة ضخمة، من المنطقة العسكرية الثانية، موضحا أنه جرى تسليم الأسلحة الخفيفة والثقيلة والذخائر والمعدات للقاعدة، بتعليمات وأوامر من المخلوع صالح وحلفائه الحوثيين.
طوال الفترة الماضية لم يتمدد تنظيم القاعدة، ولم يسعَ للسيطرة على مناطق أخرى، وبعد مرور أكثر من عام على سيطرته على المكلا، أعلن التحالف العربي والجيش الوطني، بدء حملة عسكرية لتطهير المدينة من عناصر التنظيم، وفي نفس اليوم أعلنوا سيطرتهم على المدينة، بعد انسحاب القاعدة منها في الرابع والعشرين من شهر أبريل/ نيسان، ويعد انسحابهم تكتيكا لجأ له التنظيم كثيرا مؤخرا في مختلف المناطق التي يتواجد فيها.
مرحلة جديدة من الإرهاب
دخلت المكلا في مرحلة جديدة، تمثلت بالتفجيرات، والهجمات الإرهابية التي يشنها التنظيم، كما دخل في خط المواجهة ضد القوات الحكومية ما يسمى بتنظيم الدولة، والذي تبنى قبل أيام الهجومين الذين نفذهما انتحاريان ضد قوات الشرطة، ومعسكر الدفاع الساحلي.
ونظرا لتشابهه الوقائع على الأرض بين ما حدث في عدن، وما يحدث في المكلا الآن، أصبح العديد من المراقبين يرون أن سيناريو الفوضى في عدن، يتكرر في المكلا، بعد إعلان تحريرها من سيطرة التنظيم، لزعزعة الأمن والاستقرار فيها، تماما كما يحدث في بقية المناطق المحررة.
كما أبدى مراقبون تخوفهم من تكرار مسلسل التهجير لأبناء المناطق الشمالية، في حضرموت، تمهيدا للانفصال.
الدور الذي ستلعبه حضرموت
وكان هناك دعوات لعودة الحكومة الشرعية إليها لمزاولة عملها، بعد فشلها في العودة إلى عدن، لكن تجربة المكلا مع الإرهاب حسب المحلل العسكري علي الذهب، تجربة متشحة بالدم والخراب، ولأنصار الشريعة فيها، والقاعدة عموما، صولات وجولات، ليس خلال السنوات الخمس الماضية فحسب، بل من قبل ذلك، ولعل أقدمها استهداف ناقلة النفط الفرنسية ليمبورج قبالة ساحل ضبة عام 2002م.
وأضاف الذهب في حديث خاص لـ( الموقع): "من هنا، يصعب اتخاذها مركزا مؤقتا لإدارة الدولة من قبل الشرعية، فضلا عن انعدام مقومات التأمين المعقولة لحكومة تعد هدفا لأكثر من خصم".
ولم يستبعد الخبير في شئون الجماعات المسلحة الذهب، أن يكون الترتيب الحاصل في حضرموت، هو ضمن مفردات خطة ترسيم الأقاليم، مثلما حدث في عدن ولحج والضالع.
وتعليقا منه على التفجيرين الإرهابيين الذين استهدفا معسكر الدفاع الساحلي، وقوات الشرطة، وتبناهما تنظيم الدولة، قال إن "تنظيم الدولة ليس له وجود ملموس على الأرض، وقادة معروفون اسما وصفة، وأشك أنه توظيف سياسي يحركه أحد أطراف الصراع، لا سيما أن ظهوره جاء مع دخول التحالف اليمن".
واختتم حديثه متسائلا:" هل سيتخذ من هذه العمليات مشجبا لإفراغ حضرموت من أي وجود عسكري، يحوي تنوعا ديموجرافيا في كياناته لأغلب مناطق اليمن؛ كالوحدات المنضوية تحت قيادة اللواء عبدالرحمن الحليلي قائد المنطقة العسكرية الأولى".
أداة للانفصال
من جانبه ذكر الصحافي والمحلل السياسي رياض الأحمدي أن "حضرموت كغيرها من مناطق الجنوب والشرق، جرى فيها استغلال الجماعات الإرهابية، ولا يزال هناك حاجة إليها لمقاتلة ما تبقى من جيش يصنفونه شماليا".
ويرى الأحمدي، الذي تحدث لـ(الموقع)، أن ما هو حاصل بالمحافظات الجنوبية والشرقية، هو انفصال، لافتا إلى أن القاعدة جرى استخدامها حاليا، ويحاولون التخلص منها، مشيرا إلى تحول الحملات الأمنية إلى ملاحقات على الهوية في بعض المناطق الجنوبية.
كما عدَّ "الأحمدي"، العملية العسكرية في المكلا، والتي نفذها الجيش الوطني وقوات التحالف بقيادة الإمارات، بمثابة مؤشر على أن القاعدة انسحبت لكي تحارب على طريقتها.
وأفاد الناشط الإعلامي الأحمدي " أن جميع الأطراف الداخلية والخارجية، تستخدم القاعدة عن طريق نافذين داخل التنظيم، وهذا ينطبق على الجميع، بما في ذلك دولة الإمارات التي كانت أبرز طرف في التحالف يعمل في الجنوب"، مشيرا إلى أن "جماعة الحوثي والمخلوع صالح استفادا من القاعدة ودعموها، لكن ليس لأجل الانفصال، بل لأجل إقلاق خصومهم".
و"حضرموت هدف استراتيجي لبعض الدول الخليجية، وهي أولوية أكثر من عدن، فهي كإقليم تمثل أكثر من نصف مساحة اليمن، إلى جانب المهرة وشبوة". حد قوله.
تكرار التجربة
ويرى الصحافي والناشط في الحراك الجنوبي باسم الشعيبي أن " القوى التي عبثت بأمن عدن في الأشهر التي تلت تحريرها، ستعمل على تكرار التجربة في مدينة المكلا، وسائر مدن ساحل حضرموت، لأن الهدف ثابت، ويتمثل في إفشال تجربة النهوض بالمحافظات المحررة، وتطبيع الحياة فيها".
وقال لـ( الموقع): "عملت القوى المتنفذة بصنعاء على إفشال معالم تطبيع الحياة واستقرار الوضع بعدن، وفشلت إلى حد كبير، فرغم الضربات التي تلقتها السلطات المحلية بعدن، إلا أنها استطاعت أن تحقق إنجازات أمنية كثيرة، وكذا بملف إعادة الخدمات والمؤسسات العامة للعمل".
واستدرك بالقول: "اليوم في حضرموت يكاد السيناريو يتكرر بذات التفاصيل، فمثلما استهدف معسكر التجنيد في رأس عباس، استهدف معسكري الدفاع الساحلي والنجدة في المكلا، والهدف هو إبعاد الشباب عن السعي للتجنيد، وبالتالي إفشال تشكيل قوات نظامية قوية تقوم بتأمين المكلا، لتتخلص من العناصر الإرهابية".
ولتحقيق ذلك تستخدم الجماعات الحاكمة في صنعاء، ذراعها الاستخباراتي "داعش" أو القاعدة، والذين لا يظهران إلا في الجنوب، أو في تلك المناطق التي لا تخضع للحوثيين وصالح، حسب قوله.
أهمية حضرموت
تعد حضرموت أكبر المدن اليمنية مساحة، وتشكل 36% من مساحة اليمن، وتمتلك شريطا ساحليا يمتد على بحر العرب والمحيط الهندي، كما تمتلك ثروة نفطية وغازية وسمكية ضخمة، بالإضافة وجود ثلاثة موانئ، ومطارين دوليين في المحافظة.
ونتيجة لكل تلك المميزات التي تحظى بها حضرموت، كانت هدفا استراتيجيا لمختلف القوى المتصارعة في اليمن، خاصة تنظيم القاعدة في اليمن.