هوية يمنية بصناعة خارجية
الجمعة, 07 يناير, 2022 - 11:04 مساءً

جلب علي عبدالله صالح جماعة الحوثي وحولها لأداة انتقم عبرها وبواسطتها من الشعب وخصومه بعد إبعاده عن السلطة.
 
لاحقا، التقط تحالف السعودية والإمارات الحوثية، وحولوها أيضا لأداة لتنفيذ أجندتهم في اليمن، مستغلين شعار دعم ومساندة الشرعية اليمنية منذ أكثر من ثمان سنوات.
 
اليوم لا شيء يشبه الحوثي بكل جرمه ومن خلفه إيران، مثل أبوظبي والرياض وأفعالهم بحق اليمن، وما يجري حاليا هو تحويل الحوثية كيافطة لتمرير الدولتين لمشاريعها في البلد، مثلما حول الحوثي التحالف كيافطة لبقائه واستنزاف الشعب والبلد لتمويل حربه بحجة الحرب.
 
وبات الحوثي اليوم سوطا بيد الدولتين، وكأنهما تقولان: افعلوا ما نريد وإلا سلطنا عليكم الحوثي، وهذا ما بدا واضحا في معركة شبوة وقبلها معركة مارب، التي ساوم فيها التحالف عدة أطراف لتقديم تنازلات، ملوحا بالسماح للحوثي باقتحام مارب في حال لم يتم الاستجابة لضغوطاته.
 
بالفعل يجب الخلاص من الحوثية وما اقترفته بحق اليمنيين، وما ارتكبته من جرائم، ولكن ذلك لن يكون ولن يتحقق بالطريقة التي ينتهجها التحالف حاليا، وهي طريقة تجعل من الحرب وسيلة لخلق واقع جديد، وتهيئة أطراف جديدة، تتناسب في طبيعتها مع توجه التحالف وأجندته.
 
ففي الأمس القريب مول ودعم التحالف فصائل معينة لتخوض الحرب مع الحوثيين، وتدريجيا بدأ التحالف بالتخلص منها لصالح أطراف جديدة، والشخصيات التي كانت مقبولة يوم أمس لدى التحالف صارت اليوم محاربة منه، وليس أدل على ذلك ما تعرض له محافظ شبوة السابق، وما يتعرض له حاليا محافظ الجوف أمين العكيمي الذي تشن جهات سعودية بمعية طابور من المنتفعين اليمنيين حملات تشويه ضده.
 
إن الخلاص من الحوثية يعد معركة يمنية خالصة، معركة يشترك فيها الجميع، وتنبع من روح وطنية خالصة متجردة، وليس معركة يرسم مسارها دخيل خارجي لا يختلف في أجندته عن الحوثي ومن خلفه إيران.
 
لقد انتصرت سبتمبر 1962 وتعمد انتصارها بعد تخلص اليمنيين من الاتكاء الكامل على الخارج، ومثلها أكتوبر 1963م التي انتصرت ضد المستعمر جراء خلوها من التأثير الخارجي، على الأقل في المراحل الأولى أو الأخيرة لكلا الثورتين.
 
إن الهوية اليمنية التي نخاف عليها من الحوثي لا يمكن لتحالف خارجي أن يصنعها لنا ويحققها لنا، ولن تنتصر لها إلا ذواتنا كيمنيين بعيدا عن أي مؤثر خارجي، فلم يكن الخارج يوما نصيرا لشعب آخر، ولن تأتي أيدي خارجية لتصنع لليمنيين هويتهم وتحافظ عليها، وهي ذاتها الأيدي التي تآمرت على اليمن لعقود ماضية.
 
أما طريق الخلاص من الحرب فبابه معروف وعناوينه واضحة، ولا يحتاج لاستمرار الحرب في اليمن كل هذه السنوات، ووقوع كل هذه الضحايا والتضحيات والخسائر الفادحة على مستوى الأرض والإنسان، بل إن الحرب اليوم انعطفت في اتجاه آخر تماما، وباتت وسيلة لتصفية عدة أطراف، ورسم مشهد جديد لصالح الخارج، وأصبحت المناطق التي توصف بالمحررة أكثر لهيبا وصراعا وتأزم من تلك التي يسيطر عليها الحوثي.
 
في النهاية يقف اليمنيون اليوم أمام مشروعين خارجيين، الأول تتزعمه السعودية والإمارات، والثاني تتزعمه إيران والحوثي، وكلا له مراميه ومخططاته وأهدافه، وبينهما ذابت الهوية اليمنية الأصيلة، تلك المعروفة بالأنفة والفرادة، والاعتداد بالذات، والغير قابلة للذوبان، ومن يقدم نفسه اليوم كنصير لك غدا سيفرض عليك ما يريد، وما دروس التاريخ عنا ببعيدة.
 

التعليقات