قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن مستشاراً لولي العهد الإماراتي على علاقة مع مستشاري الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يتعاون مع المحقق الخاص روبرت موللر. وفي تقرير أعده كل من مارك مازيتي وديفيد كيرباتريك وآدم غولدمان، جاء فيه أن جورج نادر، مستشار ولي عهد الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد، يتعاون في التحقيق وقدم شهادة الأسبوع الماضي.
وأضافت الصحيفة أن موللر يقوم، على ما يبدو، بالتحقيق في دور المال الأجنبي في مواقف ونشاطات المسؤولين في إدارة ترامب، وأنه طلب شهادات حول إمكانية تمرير جورج نادر أموالاً من الإمارات للتأثير على جهود ترامب السياسية. ويحظر القانون الأمريكي استخدام أموال أجنبية في انتخابات الرئاسة الأمريكية، أو أن يقوم الشخص باستخدامها وهو يعرف في السباق الرئاسي.
وحضر نادر اللبناني ـ الأمريكي والمسشار للحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد، اجتماع كانون الثاني/ يناير 2017 في سيشل، والذي كان محل اهتمام فريق التحقيق. وجمع اللقاء الذي رتبه بن زايد، مستشاراً مقرباً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإريك برينس، مدير شركة «بلاكووتر» للتعهدات الأمنية (غيرت اسمها إلى «أكاديمي») وأحد المستشارين غير الرسميين لفريق ترامب، خلال عملية نقل السلطة، حسب ثلاثة أشخاص مطلعين. وتقول الصحيفة إن تعاون نادر مع تحقيقات المحقق الخاص قد يفتح باباً جديداً للمخاطر أمام إدارة ترامب. كما أن حضور نادر لقاء جزيرة سيشل يتعلق على ما يبدو بموضوع اهتمام موللر الرئيسي، وهو التحقيق في التدخل الروسي في الحملة الانتخابية. وتضيف الصحيفة أن نادر كان ممثل ولي عهد أبو ظبي في لقاء ثلاثي عقد في فندق يطل على المحيط الهندي في الجزيرة المعروفة، وذلك قبل أيام من تولي ترامب منصب الرئاسة.
وقال أشخاص على اطلاع إن الإماراتيين اعتقدوا أن برينس كان يتحدث نيابة عن الفريق الانتقالي للرئيس ترامب، وكيريل ديمتريف كان يمثل الرئيس بوتين. وقد أقام نادر علاقة مع عدد من مستشاري ترامب في البيت الأبيض، وعمل مرة مستشاراً لشركة «بلاكووتر»، وكان هو الذي قدم مدير شركته السابقة إلى الروس. وتضيف الصحيفة أن لقاء سيشل وما يمثله من أهمية ظل بمثابة اللغز للمسؤولين الأمريكيين عندما وصل إلى علم المسؤولين الاستخباراتيين في الأيام الأخيرة من فترة باراك أوباما. وظلت حقيقة الاجتماع محلاً للجدل. ففي جلسة اجتماع في الكونغرس نفى برينس في تشرين الثاني/ نوفمبر أن تكون مشاركته في اللقاء نيابة عن فريق ترامب الانتقالي. واستبعد لقاءه مع ديمتري، مؤكداً أن اللقاء كان لمجرد الحديث وتناول الشراب.
ورفض محامي نادر الرد على أسئلة الصحيفة، كما رفض متحدث باسم ديمتريف الرد على أسئلتها عن لقاء سيشل، وكذلك فعل يوسف العتيبة ممثل الإمارات في واشنطن. ويعتبر ديمتريف، الذي عمل سابقاً في مصرف غولدمان ساكس، والحاصل على شهادة أم بي إي من هارفارد، من المقربين من بوتين وكلفه عام 2011 بإدارة صندوق استثماري. وكانت إدارة أوباما قد فرضت عقوبات على الصندوق الاستثماري هذا وذلك كجزء من سلسلة عقوبات فرضتها على روسيا بعد إرسالها قوات إلى أوكرانيا عام 2014. واستثمرت الإمارات العربية المتحدة، التي تعد من حلفاء الولايات المتحدة المهمين، الكثير من الأموال في مؤسسة ديمتريف وذلك كجزء من بناء علاقات قريبة مع روسيا.
وبعد لقاء ولي العهد الإماراتي مع بوتين في زيارة رسمية لموسكو عام 2013 تعهدت إدارتا الاستثمار في أبو ظبي باستثمار 6 مليارات دولار في صندوق الاستثمار الروسي المباشر، في بناء المشاريع، مثل الطرق والمطارات ومراكز العناية بالسرطان في روسيا. وأصبح ديمتريف زائراً منتظماً لأبو ظبي، واعتبره الإماراتيون بمثابة صلة الوصل مع الحكومة الروسية. وفي رسالة إلكترونية أرسلها سفير الإمارات في موسكو عام 2015 وصف فيها ديمتريف بـ«الرسول» الذي يستطيع الحصول على معلومات مباشرة من الرئيس بوتين. وكانت الرسالة من ضمن مجموعة رسائل إلكترونية تعرضت للقرصنة من حساب العتيبة الإلكتروني. ولم يرد السفير الإماراتي السابق عمر سيف غباش على طلب من الصحيفة للتعليق.
وقال شخصان يعرفان بطبيعة التحقيق، إن المحققين طلبوا تفتيش نادر بعد هبوطه في مطار دالاس الدولي وسلموه بلاغاً للحضور أمام لجنة تحقيق. وكان يريد السفر إلى مار ـ إي ـ لاغو، للمشاركة في احتفال الرئيس بعامه الأول في الحكم ، إلا أن مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) حقق معه مدة وصادر مواده الإلكترونية. ومنذ ذلك الوقت تم التحقيق مع نادر أكثر من مرة حول لقائه في نيويورك أثناء الفترة الانتقالية وحول لقاءين في سيشل والبيت الأبيض مع مستشارين للرئيس ترامب، وهما جاريد كوشنر وستيفن بانون.
وجاء لقاء سيشل على خلفية سلسلة الاتصالات السرية بين فريق ترامب من جهة، والروس والإماراتيين من جهة أخرى. وأثار ولي العهد الإماراتي شكوك المخابرات الأمريكية عندما دخل الولايات المتحدة وعقد لقاء في برج ترامب بدون أن يخبر مسؤولي إدارة أوباما، خارقاً البروتوكول المعهود عن زيارات رؤساء الدول، وقابل كوشنر، صهر ومستشار ترامب، السفير الروسي في واشنطن، سيرغي كيساليك لمناقشة قنوات سرية للتواصل مع موسكو. والتقى كوشنر بعد أيام مع مصرفي روسي مقرب من بوتين، وهو سيرغي غوركوف والذي فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات عليه فيما اعتقد أن كوشنر كان يحاول بناء خط اتصال مع بوتين أثناء الفترة الانتقالية. وتم فصل مايكل فلين، أول مستشار للأمن القومي بسبب حديثه مع السفير الروسي.
وتقول الصحيفة إن ما جرى في لقاء سيشل تتراوح تفاصيله من شخص لآخر. فقد رفض برينس في شهادة أمام لجنة الأمن في الكونغرس الاعتراف بأنه التقى مع ديمتريف. وقال إنه كان في سيشل للقاء ولي عهد أبو ظبي بن زايد ومسؤولين إماراتيين آخرين، واقترح عليه هؤلاء مقابلة ديمتريف. وقال برينس في شهادته «لقد تحدثنا في موضوعات تراوحت بين النفط وأسعار السلع وكيف تمنى ديمتريف أن تعيد بلاده العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة»، مضيفاً أن اللقاء لم يستغرق سوى 30 دقيقة. وأضاف: «أتذكر أنني قلت له لو استطاع فرانكلين روزفلت العمل مع جوزيف ستالين لهزيمة النازية فبالتأكيد يمكن أن يعمل دونالد ترامب مع فلاديمير بوتين لهزيمة الفاشية الإسلامية». وبعد فترة من لقاء سيشل التقى ديمتريف مع انطوني سكروموتشي، الذي كان مستشاراً غير رسمي لترامب، في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا 2017.