هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنشر الجيش لوقف الاضطرابات التي أشعلها مقتل جورج فلويد على يد الشرطة، وأعلن عن نشر قوات إضافية في واشنطن، فيما تواصلت الاحتجاجات والصدامات بعدة مناطق، وفرضت سلطات واشنطن ونيويورك حظر التجول فيهما.
ففي خطاب ألقاه من البيت الأبيض مساء الاثنين بالتوقيت المحلي، قال ترامب إنه سيتخذ خطوات فورية لوقف العنف، وإنه بصدد حشد الموارد العسكرية والمدنية المتاحة لذلك.
وأضاف أنه سينشر الجيش الأميركي في المناطق التي تشهد الاضطرابات في حال رفضت أي ولاية تطبيق الإجراءات المطلوبة لوقف العنف، مشيرا إلى أنه سيواصل نشر آلاف الجنود المدججين بالسلاح وعناصر من الشرطة في واشنطن لوقف أعمال العنف والنهب وتدمير الممتلكات، والتي قال إنها ليست احتجاجات سلمية وإنما "إرهاب محلي".
وبينما كان الرئيس الأميركي يلقي خطابه، كانت مواجهات تدور قرب البيت الأبيض بين محتجين على مقتل المواطن الأميركي من أصل أفريقي جوروج فلويد والشرطة التي تدخلت واعتقلت عددا من المتظاهرين.
وكانت الاضطرابات بدأت عقب انتشار مقاطع فيديو لمقتل المواطن من أصل أفريقي جورج فلويد عندما جثم شرطي بركبته على عنقه أثناء اعتقاله في 25 مايو/أيار الماضي، وقد خلص تشريح طبي تم بناء على طلب عائلة الضحية فلويد إلى أن ما تعرض له جريمة قتل، مشيرا إلى أن قلبه توقف جراء الضغط على عنقه وظهره.
عقوبات مشددة
وفي خطابه بالبيت الأبيض، توعد ترامب من وصفهم بمنظمي الفوضى بأنهم سيعاقبون بسنوات طويلة في السجن، مشيرا بالاسم إلى منظمة "أنتيفا" التي تسعى إدارته لتصنيفها منظمة إرهابية.
وقال إن الاضطرابات التي قتل فيها حتى الآن خمسة أشخاص هي موجة عنف وفوضى وتدمير للمتلكات تقف وراءها مجموعات تريد إشاعة الفوضى، حسب تعبيره.
كما قال إنه أقسم على أن يلتزم بالعدل والحق، وإن موت فلويد لن يذهب هباء،لكنه شدد على أن الاحتجاجات السلمية ينبغي ألا يفسدها العنف.
وبعد الخطاب مباشرة، ترجل الرئيس الأميركي خارج البيت الأبيض مرفوقا بوزيري العدل والدفاع وعدد من مساعديه وحراسه، حيث توجه إلى كنيسة في الجوار تعرضت للحرق من قبل محتجين، ورفع نسخة من الإنجيل أمامها.
وكانت وسائل إعلام أميركية نقلت عن تسريب صوتي لاجتماع بين الرئيس الأميركي وحكام الولايات أن ترامب سخر من حكام بعض الولايات التي شهدت احتجاجات تخللتها فوضى.
ونقلت وسائل الإعلام عن مسؤولين مطلعين أن ترامب حث حكام الولايات -خلال مكالمة جماعية أجراها معهم- على استعادة سيطرة قوى الأمن على الشوارع باستخدام القوة، "وإلا سيسحقونكم وستظهرون كمجموعة من الحمقى".
وكان ترامب اتهم -في تغريدة على تويتر- وسائل إعلام أميركية مختلفة بنشر "معلوماتٍ مضللة"، وطالب في تغريدة أخرى باستعادة القانون والنظام في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا.
وقال إن المتاجر في المدينة تتعرض للنهب، وإنه يجب الاستعانة بالحرس الوطني للانتشار في المدينة كما حدث في ولاية مينيسوتا.
وذكرت عدة وسائل إعلام أن حاكم ولاية إلينوي الديمقراطي جيه.بي بريتسكر قال لترامب إن كلامه يزيد الوضع المتفجر سوءا، لكن رد ترامب الجمهوري عليه كان غاضبا.
وفي العاصمة واشنطن، أعلنت السلطات فرض حظر تجول لمدة يومين، على خلفية ازدياد الاحتجاجات التي اندلعت عقب مصرع المواطن جورج فلويد.
وقالت رئيسة بلدية واشنطن موريل باوزر إن العديد من المحلات التجارية تضررت ونُهبت خلال الاحتجاجات، لا سيما خلال وقت متأخر من مساء الأحد. وأعلنت حظرا للتجول في واشنطن دي سي ليومين، اعتبارا من الساعة السابعة مساء الاثنين.
كما أعلن حاكم نيويورك أندرو كورو وعمدتها بيل دي بلازي حظرا للتجول يسري من الحادية عشرة مساء الاثنين حتى الخامسة صباح اليوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي، ويأتي القرار عقب أعمال عنف في الليالي الأربع السابقة.
أما مدينة مينيابوليس، بؤرة الاحتجاجات التي عمت الولايات المتحدة، فتشهد حالة من الهدوء، تسبق مسيرات يعتزم المحتجون تنظيمها مساء الاثنين.
وأفادت مصادر محلية بأن السلطات في المدينة تجري مفاوضات مع قادة الاحتجاجات لضمان سلميتها، كما رصدت كاميرا الجزيرة آثار الدمار الهائل في إحدى ساحات المدينة، التي شهدت أعنف الاحتجاجات، وأدت إلى إحراق المحلات المحيطة بها بالكامل.
وقال مراسل الجزيرة إن سلطات مدينة نيويورك أعلنت تمديد العمل بحظر التجوال ليوم آخر إثر استمرار أعمال النهب، وذلك بعدما حطم محتجون واجهات المحلات التجارية في حي مانهاتن التجاري.
بدوره، أعلن عمدة مدينة نيويورك ومفوض الشرطة في المدينة أن عدد الذين اعتقلوا خلال احتجاجات ليل الأحد يزيد على أربعمئة شخص.
وكانت وسائل إعلام محلية أكدت أن عدد الموقوفين منذ بداية الاحتجاجات وحتى ليل السبت بلغ أكثر من 790 شخصا.
وكان محتجون جابوا مساء الأحد شوارع حي سوهو في مدينة نيويورك، وحطموا الواجهات لعشرات المحلات التجارية، قبل أن تتمكن الشرطة من توقيف بعضهم.
وقال عمدة مدينة نيويورك إن أعمال النهب التي رافقت الاحتجاجات السلمية على مقتل فلويد أمر غير مقبول، وأضاف -في مؤتمر صحفي- أنه ستتم ملاحقة الأشخاص الذين ارتكبوا تلك الأعمال.
كما انتقد بشدة عملية الدهس التي قامت بها الشرطة قبل يومين، خلال تفريقها الاحتجاجات في أحد شوارع المدينة، وقال إنه تم تشكيل لجان خاصة للبحث في الحادثة وفي غيرها من الحوادث التي أظهرت تجاوزات قام بها رجال الأمن.
وفرضت السلطات الأميركية حظر التجوال في 40 مدينة وأعلنت حالة الطوارئ في 3 ولايات، واحتجزت نحو 4400 في الاحتجاجات التي تشهدها أغلب المدن الأميركية منذ أكثر من ستة أيام، إثر وفاة فلويد، حسب موقع نيويورك تايمز الإخباري.
تضامن خارجي
وفي كندا، خرج الآلاف من سكان مدينة مونتريال إلى الشوارع، مطالبين بإنفاذ القانون في قضية وفاة فلويد.
وتجمع المحتجون أمام مقر شرطة المدينة ووسطها للتنديد بما وصفوه بالظلم العنصري ووحشية الشرطة بالولايات المتحدة ومونتريال. ووقعت اشتباكات بين رجال الأمن وبعض المحتجين، حيث ألقيت المقذوفات على الأمن، الذي رد برش الفلفل والغاز المسيل للدموع.
وفي نيوزيلندا، خرجت مظاهرات تضامنا مع الاحتجاجات بالولايات المتحدة عقب مقتل فلويد.
وانطلق المتظاهرون من مبنى البرلمان وتجمعوا أمام السفارة الأميركية بالعاصمة ويلنغتون.
ورفع المتظاهرون لافتات تضامنية مع حقوق المواطنين السود بالولايات المتحدة، وأخرى تندد بما اعتبروه تمييزا ضدهم. وفي أوكلاند (شمال البلاد)، تجمع متظاهرون وسط المدينة قبل أن يسيروا باتجاه القنصلية الأميركية العامة.
وفي بلجيكا، نظم عشرات الناشطين المناهضين للعنصرية وقفة احتجاجية صامتة وسط العاصمة بروكسل للتنديد بما وصفوه باعتداءات الشرطة على الأميركيين من أصول أفريقية في الولايات المتحدة.
وتجمع هؤلاء الناشطون وسط إحدى ساحات المدينة، رغم عدم ترخيص الشرطة مسيرة دعت لها حركة محلية. وقال المنظمون إنهم قرروا إلغاء المسيرة لعدم حصولهم على إذن من الشرطة، وبعد تعرضهم لموجة من الانتقادات على مواقع التواصل لدعوتهم لتنظيم المسيرة الاحتجاجية، رغم الحظر الحالي على التجمعات بسبب تفشي وباء كورونا.