[ ارشيف ]
رفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود في البلاد يوم الجمعة بنسب تتراوح بين 16 و30 بالمئة لجعلها متماشية مع التكلفة الفعلية، في الوقت الذي تقترب فيه من نهاية برنامج للإصلاح الاقتصادي مدعوم من صندوق النقد الدولي.
وتقليص دعم الوقود بند رئيسي في حزمة إصلاحات ضمن برنامج قرض بقيمة 12 مليار دولار مدته ثلاث سنوات وقعته مصر مع صندوق النقد الدولي في 2016، بينما كان الاقتصاد يواجه صعوبات للتعافي من الاضطرابات التي أعقبت انتفاضة 2011.
لكن التغييرات سترفع أسعار النقل والمنتجات الغذائية وسلع أخرى، وهو ما يزيد الضغوط الاقتصادية على المصريين الذين عاشوا بالفعل بضع سنوات في تقشف.
وكانت الحكومة قد أبلغت صندوق النقد أنها ستلغي الدعم بالكامل لمعظم منتجات الوقود بحلول 15 يونيو حزيران بعد أن رفعت الأسعار بشكل مطرد على مدار السنوات الأربع الفائتة.
ولم تشرح الحكومة سبب إرجاء زيادة الأسعار، لكن الإجراءات التقشفية مسألة حساسة سياسيا وأثرت سلبا على شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وبثت الحكومة هذا الأسبوع رسائل تشرح سبب الحاجة لزيادة أسعار الوقود. وقال السيسي للمصريين مرارا إن التقشف هو ثمن تعزيز الاستقرار الاقتصادي.
وشكل دعم الطاقة ما يصل إلى 20 بالمئة من الميزانية الحكومية في السنوات القليلة الماضية.
وقالت وزارة البترول المصرية في بيان إنه تقرر رفع سعر البنزين 92 أوكتين إلى ثمانية جنيهات (0.4825 دولار) للتر من 6.75 جنيه، بزيادة نحو 18.5 بالمئة، والبنزين 80 أوكتين الأقل جودة إلى 6.75 جنيه (0.4071 دولار) من 5.50 جنيه، بزيادة 22.7 بالمئة.
وذكرت الوزارة أن سعر البنزين 95 زاد إلى تسعة جنيهات (0.5428 دولار) للتر من 7.75 جنيه، بزيادة قدرها 16.1 بالمئة. وارتفع السولار إلى 6.75 جنيه للتر من 5.50 جنيه، بزيادة حوالي 22.7 بالمئة.
وبدأ تنفيذ القرار في الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي يوم الجمعة (0700 بتوقيت جرينتش).
وقال مسؤول بوزارة البترول المصرية لرويترز يوم الجمعة إن مصر تعتزم تطبيق آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بهدف ربطها بالأسعار العالمية بداية من الربع الأخير من العام الجاري.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن الأسعار الجديدة للبنزين في مصر تعادل التكلفة الفعلية حاليا.
وهذه المرة الخامسة التي ترفع فيها مصر أسعار الوقود منذ يوليو تموز 2014.
وبدأ بعض سائقي سيارات الأجرة والمركبات الخفيفة (التكتك) في محافظة كفر الشيخ، شمالي القاهرة، رفع أسعار النقل يوم الجمعة. وقال مكتب رئيس الوزراء إنه أصدر تعليمات إلى حافلات الركاب الصغيرة وسيارات الأجرة برفع الأسعار بنسبة 10-15 بالمئة في أرجاء مصر.
وكان محللون قد توقعوا أن المسؤولين سينتظرون إلى ما بعد نهاية مسابقة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، التي تستضيفها مصر حتى التاسع عشر من يوليو تموز، قبل الإعلان عن زيادات أسعار الوقود.
وفي مدينة كفر الشيخ، قال إبراهيم أمين الذي يعمل معلما ويملك سيارة تعمل ببنزين 80 أوكتين ”كنا متوقعين الزيادة بعد نهاية الأمم الأفريقية ولكن يبدو أن الحكومة لم يعد في بالها وجود رد فعل من المواطنين“.
وقال صالح العوضي (32 عاما) وهو مقاول في مدينة الأسكندرية على ساحل البحر المتوسط ”زيادة الأسعار حتبهدلنا. كل حاجة سيزيد سعرها لأن أسعار السولار والبنزين زادت وهذا سيؤثر علينا نحن المواطنين العاديين“.
وقال بيان وزارة البترول إن سعر اسطوانات غاز الطهي (البوتاجاز) ارتفع بنسبة 30 بالمئة، من 50 جنيها إلى 65 جنيها للاستخدام المنزلي ومن 100 جنيه إلى 130 جنيها للاستخدام التجاري.
وبحسب مسؤول بالوزارة، فإن الحكومة ما زالت تدعم اسطوانات البوتاجاز، بالإضافة إلى المنتجات البترولية المقدمة للمخابز ومحطات الكهرباء.
وزاد سعر المازوت لصناعة الطوب والأسمنت بنسبة 28.5 بالمئة، ليصل سعر الطن إلي 4500 جنيه بدلا من 3500 جنيه للطن في السابق. وأبقت الحكومة علي سعر المازوت للصناعات الغذائية والكهرباء دون تغيير.
كانت وزارة المالية قد قدرت فاتورة دعم المواد البترولية للسنة المالية 2019-2020 بنحو 52.9 مليار جنيه، مقارنة مع 89 مليار جنيه في السنة المالية 2018-2019 التي انتهت في 30 يونيو حزيران الماضي.
وشملت الإصلاحات الاقتصادية المصرية أيضا خفضا كبيرا لقيمة الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة. وأدت الإصلاحات إلى ارتفاع سريع للتضخم الذي تراجع لاحقا.
وتمخضت التدابير عن تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي للبلاد لكنها زادت الضغوط المالية على عشرات الملايين من المصريين، الذين يعيش الكثيرون منهم تحت خط الفقر.
وتلقى الاقتصاد دفعة من الاستثمار في قطاع النفط والغاز وتعافي إيرادات السياحة، لكن الاستثمار الأجنبي المباشر غير النفطي ينخفض ويقول خبراء اقتصاديون إن غياب إصلاحات هيكلية يعرقل النمو على نطاق أوسع.
المصدر: رويترز