[ 60% من المناطق التي يزرع فيها القمح ستتضرر جراء ندرة المياه (رويترز) ]
يوفر القمح مصدرا رئيسيا للغذاء بالنسبة لجميع سكان الأرض، ويمثل خمس السعرات الحرارية المستهلكة على الصعيد العالمي.
ونتيجة للتغير المناخي، يعتقد العلماء أن أغلب الدول التي يزرع فيها محصول القمح ستتأثر بشكل متزامن بنقص المياه بحلول نهاية القرن الحالي.
ووفقا لبحث نشر في مجلة "ساينس أدفانسز" العلمية، فإن الولايات المتحدة ستكون ضمن الدول الأكثر تضررا.
وفي تقرير بمجلة نيوزويك الأميركية، تطرقت الكاتبة والصحفية كاشميرا غاندر إلى تأثير تغير المناخ على إنتاج القمح وارتفاع أسعار الغذاء.
وحذرت الكاتبة من أنه في حال لم يتم التوصل إلى حلول لمجابهة تغير المناخ بحلول عام 2100، فإن 60% من المناطق التي يزرع فيها القمح ستتضرر جراء ندرة المياه، وذلك وفقا لما كشفه فريق من العلماء الدوليين.
هؤلاء العلماء أكدوا أن اتفاق باريس للمناخ -الذي نص على ضرورة الحفاظ على معدل درجات الحرارة العالمية دون 1.5 درجة مئوية- يمكن أن "يقلل إلى حد كبير الآثار السلبية" للمشاكل المناخية مثل الجفاف.
ومع ذلك، من المتوقع أن تتضاعف معاناة المزارعين لسقي محاصيلهم من القمح بين عامي 2041 و2070 مقارنة بالوضع الحالي، وفق التقرير.
أميركا أكبر المتضررين
وأخبر المؤلفان المشاركان في البحث ميروسلاف ترناكا من الأكاديمية التشيكية للعلوم، وسونغ فنغ من جامعة أركنساس مجلة نيوزويك بأن البحث السابق الذي أجرياه أظهر أن تغير المناخ يجعل التربة أقل رطوبة في أغلب مناطق الولايات الأميركية، بما في ذلك المناطق التي ينمو فيها القمح.
وورد في بيانهما المشترك أن الولايات المتحدة ستكون أحد أكثر البلدان المنتجة للقمح تضررا، ولا سيما فيما يتعلق بارتفاع عدد المناطق المتأثرة بالجفاف الشديد، ويمكن أن يتسبب ذلك في العديد من المشاكل للمزارعين، الأمر الذي سيؤثر على صادرات البلاد من القمح.
ونظرا للقوة الشرائية للأميركيين فإن من المحتمل ألا يتأثر المجتمع الأميركي مثل الدول النامية.
ووفقا للمؤلفيْن المشاركين، سيؤثر الجفاف الشديد على البلدان المصدرة الرئيسية التي تعتبر أغلبها من البلدان المتقدمة"، مما يشير إلى التحديات الكبيرة لإنتاج القمح واحتمال ارتفاع أسعار الغذاء في المستقبل".
وبحسب التقرير، فإن هذه الصعوبات ستزيد معاناة الدول المستوردة والبلدان النامية.
ووفق الباحثيْن، فإن هذه التوقعات "مقلقة"، لأن تغير المناخ تسبب في موت وتشريد الآلاف من الأشخاص، إلى جانب "دمار" العديد من البلدان جراء ارتفاع الأسعار خلال العقود الماضية.
ويحتل القمح المرتبة الأولى ضمن الزراعات التي تعتمد على الأمطار بشكل أساسي بكميات تعادل ما تحتاجه زراعة الذرة والأرز معا.
ارتفاع الطلب
تتوقع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) ارتفاع الطلب على الحبوب بنسبة 43%، بما في ذلك الذرة والأرز والسورغم والدخن والقمح بين عامي 2006 و2050، وفق ما تذكر الكاتبة كاشميرا غاندر في تقريرها.
وأشارت الكاتبة إلى أن ما يدعو إلى القلق هو أن البحوث الحالية التي ذكرها المؤلفان توقعت انخفاض الإنتاج العالمي للقمح بنسبة تتراوح بين 4 و6.5% مقابل كل درجة مئوية من ارتفاع درجات الحرارة.
ومن غير المحتمل -تقول الكاتبة- أن يعوض القمح بأنواع أخرى من الزراعات إذا أصبحت المياه نادرة، لأنه قادر على تحمل العطش لفترة طويلة نسبيا مقارنة بمنتجات زراعية أخرى.
وبحسب التقرير، حذر كل من فنغ وترناكا من أنه في حال تضررت مناطق عديدة بالجفاف في آن واحد فقد يكون من الصعب تلبية الطلب حتى لو ظلت الطرق التجارية مفتوحة وغير خاضعة لقيود حكومية.
ومع ذلك، أكدا أن "الدراسات تشير إلى أنه إذا اتخذت الإجراءات اللازمة لتحسين الاستدامة واستخدام التكنولوجيات اللازمة في العقود المقبلة والتمكين للتجارة الدولية فقد نتغلب على الآثار السلبية لتغير المناخ".