استثمارات بالمليارات.. لماذا تتنافس السعودية والإمارات بالسوق المصري؟
- الجزيرة نت الإثنين, 03 فبراير, 2020 - 01:31 مساءً
استثمارات بالمليارات.. لماذا تتنافس السعودية والإمارات بالسوق المصري؟

أثارت عملية الاستحواذ المحتملة لشركة الاتصالات السعودية (STC)على حصة فودافون العالمية في مصر، بعد أيام من دخول بنك أبو ظبي الإماراتي مفاوضات للاستحواذ على بنك عودة اللبناني بمصر، تساؤلات عن سر الاهتمام السعودي الإماراتي الكبير بالسوق المصري.

 

وتركز التساؤل عما إذا كان مصدر هذا الاهتمام هو الرغبة بالاستثمار في واحد من أكبر الأسواق العربية والأفريقية وجني المال وزيادة الأرباح، أم بهدف توسيع نفوذهما الاقتصادي بمصر، في ظل حالة الضعف التي يمر بها الاقتصاد المصري وبدء تعافيه كما تقول الحكومة المصرية.

 

وتبلغ القيمة المبدئية لصفقة الاستحواذ على حصة فودافون مصر البالغة 55% من أسهم الشركة نحو 2.4 مليار دولار، علما بأن الشركة لديها 40.5 مليون مشترك، وهو الأكبر بين شركات الاتصالات العاملة في مصر.‏

 

سوق الاتصالات

 

الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، وائل النحاس، أعرب عن استغرابه من تقدم شركة الاتصالات السعودية لعرض استحواذ على حصة فودافون في مصر، قائلا "الشركة السعودية كانت تعاني من تعثر مالي خلال العامين الماضيين، ولا نعلم ما الذي طرأ حتى تتوفر لها السيولة اللازمة، هل الموضوع يتعلق بخطة إستراتيجية اقتصادية، أو أن الهدف أن يكون لها ذراع استثمارية داخل دول عربية وشمال أفريقيا؟ لا أحد يعلم".

 

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد النحاس أن مصر غير مستفيدة من هذه الصفقة، والأمر يخص في المقام الأول شركة فودافون، مشددا على أن ما جرى  ليس جذبا للاستثمارات بل هو طرد لها، فعندما تخرج شركة عالمية بحجم فودافون ويحل محلها شركة محلية سعودية فهو تدنٍ لمستوى الاستثمارات داخل مصر.

 

وأعرب عن مخاوفه من استحواذ شركات إماراتية وسعودية على شركات الاتصالات في مصر، وغياب شركة عالمية كشركة فودفون التي كانت تتبع قواعد صارمة في الحفاظ على بيانات وأسرار عملائها، مشيرا إلى أنه كمشترك من الذي يضمن له أن الشركة السعودية دخلت كشركة اتصالات فقط وأن لا تكون لها مصالح أخرى؟

 

وبشأن أسباب تخارج شركة بحجم فودافون العالمية من مصر، قال رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات السابق عمرو بدوي للجزيرة نت، "هو قرار يخص شركة فودافون العالمية، وشرحت في بيانها أسباب خروجها من سوق المحمول في مصر"، والتي قالت فيه إنها "تعمل على التركيز على أسواق بعينها، إلى جانب خفض أعباء الديون عنها".

 

ونفى بدوي أن تكون هناك أية مخاوف من استحواذ السعودية والإمارات على شركتي اتصالات في مصر من بين أربع شركات عاملة في السوق المصري، مشيرا إلى أن المنافسة بين الجانبين شرسة، في مجال الاتصالات بالسعودية على سبيل المثال.

 

استثمارات ضخمة

 

وتملك السعودية والإمارات استثمارات بمليارات الدولارات في الكثير من القطاعات الاقتصادية والتجارية، مثل الصحة والبنوك والموانئ والمراكز التجارية، والاتصالات، وكذلك النفط والزراعة والخدمات ومحلات التجزئة والعقارات والسياحة، وغيرها من خلال آلاف الشركات.

 

وتحتل مصر المرتبة الأولى في استثمارات السعودية عربيا، بإجمالي 54 مليار دولار، منها 44 مليار دولار استثمارات للقطاع الخاص، وعشرة مليارات دولار استثمارات للحكومة السعودية من خلال 5392 شركة، فيما بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين خلال 2018 نحو ثمانية مليارات دولار، وفق مجلس الأعمال السعودي المصري.

 

على الجانب الآخر، يبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية فى مصر نحو7.2 مليارات دولار من خلال 1114 شركة، ويصل حجم التبادل التجاري إلى نحو 5.3 مليارات دولار، وفق بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

 

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، اتفاقا لتأسيس منصة استثمارية مشتركة بقيمة عشرين مليار دولار عبر شركة أبو ظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي.

 

ومن المتوقع، أن ترتفع حصة الإمارات في البنوك المصرية إلى ستة بنوك بعد استحواذ بنك أبو ظبي الأول على وحدة بنك عودة في مصر، والخمسة الأخرى هي بنك الإمارات دبي الوطني، ومصرف أبو ظبي الإسلامي، وبنك الاتحاد الوطني الإماراتي، وبنك أبو ظبي الوطني، وبنك المشرق.

 

وفي القطاع الصحي، تمتلك الإمارات عبر شركة "أبراج كابيتال" سلسلتي معامل "البرج" و"المختبر"، ونحو 15 مستشفى خاصا، فيما تمتلك مجموعة علاج السعودية في مصر، تسعة مستشفيات، ومعامل كايرو لاب للتحاليل الطبية، ومراكز تكنوسكان للأشعة.

 

أهداف عدة

 

الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله أرجع زيادة حجم الاستثمارات السعودية الإمارتية في مصر، إلى رغبة البلدين في زيادة نفوذهما الاقتصادي والسياسي، واصفا ما يجري بجزء من الفواتير التي يدفعها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن طيب خاطر نتيجة مساندتهما له سياسيا وماليا.

 

لكنه أوضح في تصريحات للجزيرة نت، أن هناك فرقا في توجهات الدولتين فيما يتعلق بالاستثمار، فالسعودية تهدف غالبا إلى الربحية أما الإمارات فترغب في السيطرة على بعض القطاعات إلى حد كبير فيما يشبه العملية الاحتكارية، كتوجهها نحو السيطرة على القطاع الصحي من خلال شراء سلاسل معامل تحاليل ومستشفيات وصيدليات.

 

وتابع "أضف إلى ذلك رغبة الإمارات في تأجيل وتعطيل مشروع تطوير محور قناة السويس، والدليل على ذلك أنه عندما استحوذت على ميناء شرق بورسعيد، وميناء العين السخنة تأجل التطوير، ولم تتخذ السلطات المصرية أي رد فعل تجاه هذا التأخير حتى الآن، مما يدل على أن عملية التطوير برمتها قد أفرغت من مضمونها الرئيسي".


التعليقات