أعلن ناطق جماعة الحوثي محمد عبدالسلام استعداد جماعته للحوار مع سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي والتحالف العربي للوصول إلى اتفاق سلام ينهي حالة الاحتراب والصراع في اليمن.
ناطق الحوثيين أعرب في حوار أجرته معه قناة الجزيرة عن التزام جماعته بمخرجات الحوار الوطني وتنفيذها والانطلاق منها في التعاطي مع الملف اليمني، الذي يراوح مكانه على المستوى السياسي منذ سنوات.
ويعيد الحديث عن الدخول في مفاوضات سياسية إلى الأذهان المحطات السابقة للمشاورات التي جرت في سويسرا والكويت بين طرفي الأزمة في اليمن، والتي انتهت دون الوصول إلى أي نتائج عملية على الأرض.
كما يثير التساؤل عن إمكانية نجاح المفاوضات في نسختها الجديدة خاصة مع تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ وجود مقترحات جديدة للدفع بعملية السلام إلى الأمام، وفق تعبيره.
ويأتي إعلان ناطق الحوثيين في ظل متغيرات جديدة تشهدها اليمن قياسا بالمحطات السابقة، لعل أبرزها التصدع الداخلي في جبهة الحكومة الشرعية، والنتائج السلبية لدور التحالف العربي على الأرض، خاصة في المناطق المحررة، والتي تشهد احتقانا مستمرا وتذمرا واسعا جراء السياسة التي تتبعها دول التحالف خصوصا في العاصمة المؤقتة عدن.
بالنسبة لجماعة الحوثي، فالحديث عن مشاورات سياسة بالنسبة لها يأتي في ظل حديثها عن وجود تطورات نوعية في سلاح الصواريخ، وكشفها عن استهداف كلٍّ من السعودية والإمارات باعتبارها أهدافا عسكرية مشروعة، وهو ما يمكنها من التحول إلى ندٍ في أي عملية مفاوضات قادمة، بسبب عامل القوة الذي تستند إليه.
على المستوى الإقليمي فقد تباينت وجهات النظر حول الملف اليمني، وموقع جماعة الحوثي، خصوصا من المملكة العربية السعودية، ففي حين قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن بلاده التي تقود التحالف العربي في اليمن تسعى لمنع الحوثيين من تشكيل حزب في اليمن على غرار حزب الله، خرج نائب رئيس الاستخبارات السعودية وناطق التحالف العربي السابق اللواء احمد عسيري بتصريح آخر يدعو إلى إيجاد حل سياسي لما يجري في اليمن.
عسيري طالب المجتمع الدولي المساهمة بإيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن عبر المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد من أجل وضع حد للأزمة الإنسانية في اليمن.
وتأتي تصريحات عسيري منسجمة إلى حد ما مع ما تعلنه حكومة هادي بتمسكها بالمبعوث الأممي والدور الذي يقوم به لحلحة الوضع في اليمن، لكن ناطق الحوثيين نفى تسلم جماعته أي نسخة من المبادرة الجديدة، معربا عن استعداد جماعته للدخول في مفاوضات في أي مدينة يمنية، متهما نظام الرئيس هادي بعدم امتلاكه للقرار ليتخذ خطوة كهذي في الوقت الراهن.
وتشير التصريحات الأخيرة لدول في الإقليم إلى وجود توجه نحو تغليب المسار السياسي، ويتمثل ذلك في إعلان الكويت مجددا إمكانية استضافتها لجولة جديدة من المفاوضات، يتم خلالها التوقيع النهائي على اتفاق سلام ينهي حالة الجمود الحاصلة في الملف اليمني، ويمهد لإعادة إعمار البلاد، وإنهاء القتال بشكل نهائي.
باستثناء تصريحات ناطق الحوثيين لقناة الجزيرة، فلا يوجد عمليا ما يثبت استعداد جماعة الحوثي للتعاطي مع المفاوضات السياسية القادمة في حال تم إعلانها، وخلال الجولات السابقة من المفاوضات السياسية تبادل طرفا الأزمة في اليمن الاتهامات عن الطرف المتسبب بتعثر نجاح نتائج تلك المفاوضات.
ربما ستكون الأيام القادمة حاسمة في ما يتعلق بالدخول بمفاوضات سياسية من قبل كل الأطراف، وهل ستتجه فعلا نحو تحريك الملف السياسي وصولا إلى تسوية ممكنة أم لا، والأمر ذاته ينطبق على جماعة الحوثي، وما إذا كانت فعلا جادة في الأخذ بالحوار كحل، أم إن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد استعراض مواقف بدون أي واقعية من قبل كل الأطراف.