[ التحالف يقول إنه حرر 80 % من الأراضي اليمنية ]
منذ الأشهر الأولى لانطلاق عملية "عاصفة الحزم" العسكرية وحتى اليوم، دأب العديد من المسؤولين في السلطة اليمنية الشرعية والتحالف العربي على ترديد مقولتهم بأنه تم تحرير 85% من الأراضي اليمنية من سيطرة مليشيات الحوثيين، رغم أن المعلومة غير منطقية وتبدو منافية للواقع.
وما زالت هذه المقولة تجد لها صدى في وسائل الإعلام المختلفة، التي تتناقل تصريحات مختلف المسؤولين الذين يرددونها في مختلف تصريحاتهم ومقابلاتهم الصحفية، كما أن هناك من الجمهور من يصدق ذلك.
وهذه مجموعة من الحقائق التي تكشف زيف هذه المعلومة وعدم منطقيتها:
1- معظم الأراضي اليمنية التي لم يسيطر عليها الحوثيون الآن لم تشهد جميعها معارك بين الطرفين، وهو ما يجعلها خارج الحسابات العسكرية بهذا الخصوص، مثل محافظتي المهرة وحضرموت اللتان تحتلان أكثر من ثلث الأراضي اليمنية.
2- ما زال الحوثيون يسيطرون على الأراضي اليمنية التي تتواجد فيها أغلب التجمعات السكانية والمدن الحيوية، بما فيها العاصمة صنعاء، وهو ما يعني أن الحوثيين ما زالوا يبسطون سيطرتهم على معظم الأراضي اليمنية ذات الأهمية الديموجرافية والاقتصادية والحيوية، أي أن الاختلال في ميزان السيطرة على الأرض يميل إيجابا لصالح الحوثيين، كون السيطرة العسكرية على الأرض تقاس بمدى أهميتها وليس بمساحتها.
3- الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون يحكمون قبضتهم عليها بيد من حديد، بينما الأراضي التي لا يسيطرون عليها تتنازع السيطرة عليها عدة فئات ذات نزعات مناطقية وانفصالية وقبلية، كما أن السيطرة الفعلية للسلطة الشرعية ضعيفة للغاية وتنحصر في مدن محدودة بسبب تعمد التحالف العربي، خاصة دولة الإمارات، إضعاف السلطة الشرعية في المحافظات التي لا يسيطر عليها الحوثيون.
4- الأراضي التي تم تحريرها من سيطرة مليشيات الحوثيين تتميز بكونها بيئة غير حاضنة لهم، بينما بعض الأراضي التي يسيطرون عليها تتميز بكونها توفر بيئة حاضنة لهم لأسباب طائفية ومناطقية، ويعني ذلك أيضا بأن الاختلال في ميزان السيطرة على الأرض لا يمكن قياسه بالنسبة المئوية، لاختلاف أهمية كل منطقة عن الأخرى بالنسبة للطرفين، وكذا كلفة تحريرها.
5- بعض الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الشرعية توجد فيها ثغرات إذا ما استغلتها مليشيات الحوثي فإنه بإمكانها استعادة السيطرة عليها، أي أن النقص في نسبة الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الشرعية أمر وارد في أي لحظة.
6- الأراضي التي شهدت معارك بين الطرفين وتم تحريرها من سيطرة مليشيا الحوثي بالفعل يمكن تقديرها بما نسبته 10% من الأراضي اليمنية، وتشمل مدينة عدن وأجزاء من بعض المحافظات الشمالية والجنوبية.
النتيجة من كل ما سبق ذكره، أن السلطة الشرعية والتحالف العربي حررا خلال ثلاث سنوات من الحرب ما نسبته 10% من الأراضي اليمنية تقريبا، وليس 85% كما يدعي مسؤولو ووسائل إعلام الطرفين.
وهذه النسبة تعكس الفشل العسكري للتحالف العربي، الذي أعاق عملية التحرير بسبب حساباته الضيقة، ودخوله الحرب بدون خطة أو رؤية لكيفية إنهائها وتهيئة البلاد لمرحلة ما بعد الحرب.