[ الكاتب أحمد الشلفي ]
أكد الكاتب الصحفي اليمني أحمد الشلفي، أن التحولات الإقليمية تفرض على الحوثيين ضرورة مراجعة سياساتهم الحالية، خصوصا مع التصعيد الجديد مع إسرائيل وسقوط نظام الأسد والتداعيات التي أعقبت السابع من أكتوبر 2023م.
وقال الشلفي في مقال له نشره على منصة إكس، إن التحولات الإقليمية تفرض على الحوثيين مراجعة سياساتهم، فاستمرار التصلب والتعنت الحوثي قد يؤدي إلى عزلة أكبر واستنزاف مستمر في المقابل، قد تفتح التهدئة والمفاوضات الباب أمام تسوية تحفظ للجماعة دورًا سياسيًا في مستقبل اليمن. ا
وأضاف: شهدت المنطقة منذ السابع من أكتوبر 2023 تحولات سياسية وعسكرية عميقة قلبت المشهد الاستراتيجي في الشرق الأوسط، التصعيد العسكري في غزة، والضربة التي تلقاها حزب الله في لبنان، وانخراط الحوثيين في الهجمات على السفن الإسرائيلية والدولية وهجماتهم على إسرائيل، في الوقت ذاته، سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، فيما تتوالى الضربات الأمريكية والإسرائيلية على مواقع في صنعاء والحديدة. كلها مؤشرات على مرحلة جديدة من التوترات تضع الحوثيين أمام استحقاقات صعبة وخيارات محدودة.
وأكد أن انخراط الحوثيين في الهجمات على السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بحلفائها قد يبدو للوهلة الأولى جزءًا من استراتيجية “نصرة غزة” لكنه يعكس محاولة للخروج من مأزق داخلي وإقليمي متفاقم.
وأشار إلى أن "المحور الإيراني، الذي يُعد العمود الفقري لدعم الحوثيين، يواجه ضغوطًا متزايدة، سواء نتيجة الضربات الموجعة التي تلقاها حزب الله أو حالة التململ الداخلي في إيران، وفي الداخل اليمني، تزداد الأسئلة داخل الجماعة الحوثية نفسها، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وتصاعد الغضب الشعبي من سوء الإدارة".
وعن خيارات الحوثيين، في ظل الأوضاع الجارية قال الشلفي، إن الحوثيين يواجهون 3 خيارات رئيسية، لكل منها تحدياته، أبرزها التهدئة والدخول في عملية سياسية يمنية، مؤكدا أن هذا الخيار هو الأكثر واقعية على المدى الطويل، مشيرا إلى أن الحوثيين يدركون أن استمرار التصعيد سيؤدي إلى استنزاف مواردهم وتآكل قوتهم العسكرية والسياسية.
وقال إن الدخول في مفاوضات برعاية الأمم المتحدة وبدعم إقليمي قد يسمح للحوثيين بالحفاظ على مكاسبهم ضمن تسوية سياسية تضمن لهم دورًا في مستقبل اليمن، مؤكدا أن "هذا الخيار لا يخلو من العقبات، إذ لطالما تعامل الحوثيون مع المفاوضات بوصفها “استراحة محارب”، أكثر منها التزامًا جادًا بحل شامل. علاوة على ذلك، فإن قبولهم بتقديم تنازلات تعكس حجمهم الحقيقي في المعادلة اليمنية يظل محل شك".
وأوضح الشلفي، أن الخيار الثاني يتمثل في التصعيد العسكري للحوثيين في جبهات القتال مثل مأرب أو تعز أو الحديدة، مشيرا إلى أنه "لم يعد خيارًا عمليًا كما كان في السابق فموازين القوى قد تميل لصالح القوات الحكومية المدعومة من التحالف، كما أن أي تقدم عسكري حوثي قد يستدعي تدخلًا دوليًا مباشرًا".
ولفت إلى أن الخيار الثالث يتمثل في الجمود واستمرار الوضع الراهن، والإبقاء على الوضع الحالي دون تصعيد أو تقديم تنازلات، لافتا إلى أن "الجمود ليس حلًا مستدامًا، فالضغوط الاقتصادية والمعيشية في مناطق الحوثيين تتفاقم، واستمرار سياسة الحكم بالقوة قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية واحتجاجات يصعب احتواؤها وكذلك بقاء الوضع كما هو عليه يخدم خصومهم أكثر في ظل التطورات الأخيرة".
وعن السيناريوهات المحتملة للحوثيين في ظل التعقيد القائم، تطرق الشلفي لعدد من السيناريوهات التي من بينها الدخول في مفاوضات اضطرارية تحت وطأة الضغوط العسكرية والسياسية، مشيرا إلى أنه قد يضطر الحوثيون للجلوس إلى طاولة المفاوضات، بهدف الوصول إلى تفاهمات جزئية تشمل ملفات إنسانية واقتصادية، مثل فتح مطار صنعاء أو رفع بعض القيود على الموانئ.
وتحدث عن سيناريو مرتبط باستمرار لتصعيد البحري، حيث قال: "الحوثيون قد يستمرون في استهداف السفن كوسيلة للضغط على المجتمع الدولي. لكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر، إذ قد يؤدي إلى ضربات عسكرية أمريكية وإسرائيلية مباشرة على أهداف استراتيجية وشخصيات داخل اليمن".
وتطرق لسيناريو ثالث مرتبط بحدوث انقسامات داخلية، مؤكدا أن استمرار الجمود قد يؤدي إلى تفكك داخلي داخل الجماعة، مع بروز تيارات أكثر براغماتية تسعى نحو التهدئة، مقابل تيارات متشددة ترفض تقديم أي تنازلات.
وتساءل الشلفي قائلا: السؤال الذي يظل مطروحًا: هل الحوثيون مستعدون للانتقال من “الغلبة العسكرية” إلى “التوافق السياسي”؟، مؤكدا أن "الإجابة على هذا السؤال قد تحدد ليس فقط مستقبل الجماعة، بل شكل اليمن والمنطقة في السنوات المقبلة".