الغرض من الحرب السعودية في اليمن ليس طائفياً
- ترجمة/ عادل هاشم - بواسطة/ ميشيل دافي الجمعة, 09 سبتمبر, 2016 - 09:57 صباحاً
الغرض من الحرب السعودية في اليمن ليس طائفياً

[ عاصفة الحزم ]

نادراً ماتأتي الأخبار اليمنية في يوميات الأخبار الحالية في الغرب، وإن حصل ذلك ،فإنه غالباً مايغلب عليها السرد الطائفي مثل السنة ضد الشيعة أو المملكة العربية السعودية ضد إيران. إن الصراع اليمني معقد ، فهو على أقل تقدير ينطوي على سلسلة من الاعبين والتحالفات المنقسمة ولكلاً منها أجندته وطموحاته الخاصة. غالباً ما يشعل التحليل المختصر حتى يصل إلى الميل الطائفي، وفي حين يلعب هذا التحليل جزءا بالتأكيد ،فقد يضيع بصمتة في الواقع.
 
إذاً ماهي الأسباب الكامنة وراء الإجراءات السعودية في اليمن؟ أولاً يجب علينا معالجة النزاعات الطائفية للصراع لنرى بالضبط ماهو الدور الذي يشمل ذلك.
 
الحوثيين وحزب الله وإيران
 
الحوثيين هو قبيلة زيدية شيعية في محافظة "صعدة " شمال اليمن ،وهم أقرب إلى المذهب السني من المذهب الإثنى عشري الذي تتبعة إيران. وبخلاف أبناء عمومتهم الإثنى عشريين ، الزيديون لايؤمنون إلا بخمسة أئمة وليس إثنى عشر ولايؤمنون بالمهدي وأيضاً لايحتفلون بعاشوراء. وعلى هذا النحو، فالمُسلم به أن الشيعة الزيديون هم الأكثر إعتدالاً. والأكثر من ذلك هو أن الطوائف السنية والشيعية في اليمن لاتظهر عليها الطائفية كما في معظم أنحاء المنطقة. ليس هذا فقط فاليمنيون سنةً وشيعة يصلون في نفس المساجد.
 
ومع ذلك فأحتواء حركة الحوثي على الكثير من العناصر الراديكالية أمر غير قابل للجدال. القائد السابق للجماعة" حسين بدر الدين الحوثي" والذي سميت هذه الحركة نسباً إليه ، قد درس في مركز بدر الديني ،حيث تأثر بجوانب الشيعة الإثنى عشرية ونشر هذه الأفكار في جميع أتباعة. وشمل هذا إعادة تشكيل الإمامة الزيدية التي حكمت اليمن منذ تأسيسها في عام 897 وحتى الإطاحة بها في عام 1962. وليس من الواضح ما مقدار تغلغل هذه الفكرة في الحركة الحوثية الحالية، ومن المحتمل أن شعارهم المعتمد والذي يرددة الإيرانيون يدل على الغلو، بالرغم أن كثير من العلماء يعارضون ذلك.
 
بينما مذهب الزيدية ليس حاضناً طبيعياً لتعصب الثورة الإيرانية، من المحتمل أن الحماس الأيديولوجي لبدر الدين الدين الحوثي هو اليمن وداخلها، حيث أشتقت الهوية من القبيلة وليس لطائفة معينة. وخلال صراع 2009 أعرب رئيس التشريفات لوزارة الخارجية اليمنية " عبدالله الرضي" أعرب عن القلق العميق من أن إيران تريد ورقة سياسية قوية للعب في اليمن على غرار حزب الله في لبنان.
 
ومن المؤكد أن إيران تزود الحوثيين بالسلاح والذخائر، فقد حرصت وسائل الإعلام الإيرانية على نشر إستخدام الحوثيين لصاروخ "زلزال 3" الذي توزعة إيران على حلفائها في المنطقة مثل حزب الله في لبنان، ولتأكيد هذه النقطة ،ففي مقابلة مع معهد واشنطن علق "ماثيو ليفيت" وهو مؤلف وخبير تابع لحزب الله "أن حزب الله هو المساعد في نقل الأسلحة الإيرانية إلى المتمردين الحوثيين في اليمن".
 
وعلاوة على ذلك فإن إجراءات وتصريحات قادة حزب الله تشير إلى أن هناك علاقة وثيقة بين حزب الله والحوثيين. وقد زعم الرئيس عبدربه منصور هادي بأن زعيم حزب الله " حسن نصر الله " أرسل له رسالة تؤكد تورط حزب الله في اليمن. بينما النوايا الإيرانية واضحة جداً،فإن الدليل أعلاه يلمح إلى مستوى معين من الرعاية بين الإيرانيين والحوثيين، يتم إعطاء العناصر الطائفية للصراع السعودي-الإيراني وزناً أكبر من الضروري. بالتأكيد فإن المملكة العربية السعودية لاتريد أن تكون عالقة بين كماشة النفوذ الإيراني على حدودها الشمالية مع العراق ولا على حدودها الجنوبية مع اليمن، ولكن أغراضها من هذه الحرب عقلانية وأكثر بكثير من ماهو متعارف علية.
 
آل سعود
 
إن الدافع الحقيقي وراء الإجراءات السعودية في اليمن هو الحفاظ على نفسها وضمان الإستقرار في بلدها والبلدان المحيطة بها، وبطبيعة الحال فهذا يرتبط أرتباط وثيق بالمكائد الإيرانية في المنطقة.
 
وكما تبين من حديث محلل إماراتي عن حساسية المملكة العربية السعودية تجاة اليمن لم يتغير منذ عام 1930 ، فهذه العقلية تركزت دائماً على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن. وقد إستندت هذه الرغبة والمتمثلة في اليمن المستقر على العوامل العقائدية وعلى الحفاظ على الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية من أي تهديد.
 
في عام 1962 جاء التهديد على شكل القومية العربية تحت رعاية الرئيس المصري جمال عبدالناصر. وفي سبتمبر من ذلك العام ،قام الثوار اليمنيين بخلع الإمام الزيدي " محمد البدر"، وقد كانت هذه الثورة مدعومة من جمال عبدالناصر والذي كان يسعى لتصدير القومية العربية في جميع أنحاء المنطقة. ورداً على هذا التهديد ، قدمت المملكة العربية السعودية جنباً إلى جنب مع الأردن الدعم العسكري للأمة الشيعية الزيود في الإمامة.
 
وفي الواقع فإن الوضع الحالي يعكس الحالة التي حدثت في الستينيات. بتشابة كثير في إدارة أوباما والإنفراد الحالي مع إيران قد زاد من قلق السعودية، كما فعلت إدارات "إزنهاور" و"كنيدي" من تسوية للخلافات مع نظام جمال عبدالناصر، فإن تدهور العلاقات بين عبدالناصر والإتحاد السوفيتي قد دفع إيزنهاور للسعي لمصالحة سياسية مع الحركة الناصرية. وقد أدى هذا إلى دعم التدخل العسكري لجمال عبدالناصر في اليمن، والتي إعتبرتة السعودية كغطاء لإكتساب موطئ قدم في شبة الجزيرة العربية، مما دفع المملكة العربية السعودية لدعم الملكيين في اليمن. وبصورة فعالة أصبح الصراع مابين وكلاء المملكة العربية السعودية والناصريين ، والتي جاءت لمنع إنتشار المبادئ العليا لثورة جمال عبدالناصر.
 
وفي السبعينيات تزايد القلق السعودي من نمو النفوذ السوفيتي في جنوب اليمن، مما أدى إلى أن النظام السعودي أعاد ترتيب مصالحة والكف عن دعم الملكيين وترتيب تسوية عرفت بسلطة الحكومة الجمهورية "خصومهم السابقين". كما وفرت الدعم العسكري والمالي للحكومة في صنعاء لزيادة قوتها ضد خصومهم في الجنوب.
 
التهديد اليوم لهيمنة السعودية وحكامها ينبع من إيران. ومن وحي الثورة الإيرانية عام 1979 خرج عشرات الألاف للإحتجاج على الحكومة السعودية والدعوة إلى وضع حد لسياسات التمييز. وعلى الرغم من قمع الإحتجاجات في نهاية الثمانينات ،فقد ولدت "حزب الله الحجاز" وهي مجموعة شيعية متطرفة على غرار نظيرتها اللبنانية والتي تنهج العنف والإطاحة بالنظام السعودي.
 
بقاء السكان الشيعة السعوديين في وضع هائج ،بالإضافة إلى أن الأحداث الأخيرة داخل وخارج المملكة على حد سواء قد أدت إلى تفاقم المخاوف السعودية من إشتعال الإحتجاجات لأجل التغيير.  
 
الربيع العربي والحرب في اليمن
 
أبدى الربيع العربي إمكانية وجود إضطراب كبير في الحكم وعلى وجه الخصوص في الديمقراطية الإسلامية والمتمثلة في صعود جماعة الإخوان المسلمين للسلطة في مصر. إلى جانب هذا التهديد، فهناك مخاوف من الأثار الناجمة للمملكة العربية السعودية من الدول المجاورة والتي تنعدم للإستقرار. جميع هذه التهديدات تحدت المصالح الجوهرية للرياض والمتمثلة في الإستقرار الإقليمي وشرعية النظام السعودي. 
 
وقد كانت الإحتجاجات في البحرين وإحتمال سقوط النظام الملكي البحريني بمثابة القش الذي قصمت ظهر البعير. فقد إتهم كلاً من الرياض والمنامة إيران بالتحريض على الإحتجاجات التي طالبت بتنازل "عائلة آل خليفة" الحاكمة وإلغاء النظام الملكي. وقد ردت الرياض من خلال تبني سياسة أكثر حزماً وتدخلاً.
 
وفي مارس 2011 دخلت البحرين قوة درع الجزيرة بقيادة السعودية ، وهي منظمة تأسست في عام 1982 رداً على قيام الثورة الإيرانية. وعلى الرغم من أن هذه القوة لم تتدخل بشكل مباشر ضد المتظاهرين ،فقد مكن وجودهم الحكومة البحرينية قمع الإحتجاجات.
 
الحرب الحالية في اليمن هي خليط من السياسة السعودية تجاة الربيع العربي، وقد سعت هذه السياسة للحفاظ على الوحدة والنفوذ مع جارتها الجنوبية. وبدعم الرياض لحكومة عبدربه منصور هادي ، فإنها تعطي الأولوية للنتائج الواقيعة على الإختلافات العقائدية. ومن يمينها تنسق للإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر ، بينما تسعى في نفس الوقت لإعادة عبدربه منصور هادي للحكم ، والذي تربطة علاقات مع حزب الإصلاح الذي يعتبر فرع الإخوان المسلمين في اليمن.
 


التعليقات