مخاوف من تجدد القتال والمجاعة مع تعثر الانسحاب من ميناء الحديدة
- رويترز السبت, 26 يناير, 2019 - 02:53 مساءً
مخاوف من تجدد القتال والمجاعة مع تعثر الانسحاب من ميناء الحديدة

[ مخاوف من تجدد القتال مع تعثر الانسحاب من ميناء الحديدة ]

فشل الطرفان المتحاربان في اليمن في سحب قواتهما من الميناء الرئيسي بموجب هدنة لمدة شهر، الأمر الذي يعرض أول تقدم دبلوماسي في الحرب المستمرة منذ أربع سنوات للخطر ويجدد التهديد بشن هجوم شامل يمكن أن يؤدي إلى مجاعة.

 

وكشفت استقالة مسؤول الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار، الذي قرر ترك المنصب هذا الأسبوع بعد أيام من إطلاق النار على قافلته، عن إمكانية انهيار اتفاق السلام. وإذا تجدد القتال حول ميناء الحديدة، فيمكن أن يقطع طريق الإمداد الرئيسي إلى البلاد، مما لا يترك مجالا لإطعام ملايين الأشخاص على شفا المجاعة.

 

وقال آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ”هذه الأسابيع القادمة تجدد أو تنهي الصراع. سنرى إما استعادة المسار السياسي أو سنرى على الأرجح تصعيدا عسكريا كبيرا“.

 

وصمدت الهدنة نفسها إلى حد كبير في ميناء الحديدة منذ دخولها حيز التنفيذ قبل شهر لكن الاشتباكات تصاعدت يوم الأربعاء عند بؤر توتر على مشارف المدينة.

 

وتعثر انسحاب القوات الذي كان من المفترض أن يتم بحلول السابع من يناير كانون الثاني. ويُنظر إلى سحب القوات على أنه إجراء محوري لبناء الثقة اللازمة للمحادثات السياسية.

 

وأقر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الأسبوع الماضي بأن ”انعدام الثقة“ أصبح ”عاملا معقدا“ في محاولة إقناع الطرفين بالحوار.

 

ومنذ سنوات لم تتغير مجريات الحرب إلى حد كبير، إذ لم يتمكن التحالف العربي بقيادة السعودية وحلفاؤه اليمنيون من طرد حركة الحوثي المتحالفة مع إيران والتي تسيطر على العاصمة ومعظم المراكز السكانية الرئيسية.

 

وفي العام الماضي حاولت الدول العربية انتزاع السيطرة على الحديدة، على أمل السيطرة على طريق الإمداد الرئيسي للبلاد وتركيع الحوثيين في نهاية المطاف.

 

لكنها فشلت في محاولتين للسيطرة على الميناء، وأجلت هجوما شاملا كان يمكن أن يتسبب في مجاعة جماعية. ومع استمرار سيطرة الحوثيين على المدينة وتحصن القوات العربية على مشارفها، اتفق الطرفان في النهاية على وقف إطلاق النار خلال محادثات أجريت في قلعة قرب ستوكهولم الشهر الماضي.

 

وينص الاتفاق أيضا على مسار سياسي للمحادثات لإنهاء الحرب. لكن الافتقار إلى التقدم يمكن أن يختبر صبر دولة الإمارات التي تقود العمليات العسكرية على ساحل اليمن المطل على البحر الأحمر للتحالف بقيادة السعودية.

 

وقال عبد الله عبد الباري وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 51 عاما ويقيم في الحديدة ”يشعر الناس بالقلق من أن الحرب ستشتعل مجددا بعد الفشل في تنفيذ الاتفاق“.

 

لحظة هشة

 

جاءت استقالة باتريك كمارت رئيس بعثة الأمم المتحدة المكلفة بالإشراف على اتفاق السلام في الحديدة هذا الأسبوع بعد فشل الوسطاء في عقد اجتماع لمناقشة إعادة نشر القوات خارج الحديدة.

 

وقالت مصادر لرويترز إن لجنة تنسيق إعادة الانتشار اجتمعت مرتين في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، لكن محاولات عقد اجتماع ثالث في المناطق التي تسيطر عليها قوات التحالف فشلت لأن الحوثيين لم يكونوا على استعداد لعبور خطوط المواجهة.

 

واتهم الحوثيون كمارت بالتحيز ضدهم. وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين إن رئيس كمارت، مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث، ما لم يتعامل مع الأمر فسيكون من الصعب التحدث عن أي شيء آخر.

 

كان جريفيث يقوم برحلات مكوكية في الأيام الأخيرة بين العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون والرياض في محاولة لإنقاذ الاتفاق والبناء على التقدم المحرز في تبادل السجناء المتفق عليه في ستوكهولم ولكن لم يتم الانتهاء منه بعد.

 

وقالت إليزابيث ديكنسون المحللة في المجموعة الدولية للأزمات "إنها لحظة هشة للغاية. ما زال الناس ملتزمين سياسيا ولفظيا باتفاق ستوكهولم كأفضل سبيل للمضي قدما. السؤال المطروح هو ما إذا كان بوسعنا تحقيق تقدم ملموس على الأرض".

 

وتبدي الدول العربية مؤشرات متزايدة على نفاد صبرها. وألقى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش يوم الأربعاء باللوم على السلوك المتعنت للحوثيين.

 

وقال دبلوماسي في الخليج إن الثقة تآكلت أكثر بعد الهجوم العسكري الذي شنه الحوثيون في العاشر من يناير على عرض عسكري للحكومة اليمنية، أعقبه غارات جوية للتحالف على أهداف عسكرية للحوثيين في صنعاء.

 

وقال مصدر مطلع على الأمر إن الإمارات شعرت بالحاجة إلى تجديد الضغط على الحوثيين.

 

وقال دبلوماسي كبير "من الواضح أن الامارات تريد إيجاد إستراتيجية خروج. هذه الحرب تكلف الكثير حقا، ليس فقط من حيث الموارد الاقتصادية ولكن أيضا من حيث المصداقية والأرواح البشرية".

 

 ممرات إنسانية

 

ضغطت الدول الغربية، التي يزود الكثير منها التحالف بالسلاح ومعلومات المخابرات، من أجل إنهاء الصراع، لا سيما بعد أن كثفت جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر تشرين الأول التدقيق في سياسات السعودية بالمنطقة.

 

وقال سكان وموظفو إغاثة إن بناء وتعزيز الحواجز والخنادق وحواجز الطرق ما زال مستمرا في الحديدة. وجعلت خطوط المواجهة المتوترة من الصعب إقامة ممرات إنسانية لمساعدة عشرة ملايين يمني يواجهون المجاعة.

 

وقالت سوزي فان ميجن من المجلس النرويجي للاجئين "بعض المواد الغذائية والوقود تأتي من ميناء الحديدة وتتحرك عبر البلاد لكن الطرق الرئيسية مغلقة مما يحولها إلى طرق أطول والقتال مستمر مما يهدد سلامة النقل".

 

ولا يزال برنامج الأغذية العالمي غير قادر على توصيل 51 ألف طن من القمح يكفي لإطعام 3.7 ملايين شخص لمدة شهر منذ سبتمبر أيلول في منطقة معزولة بالحديدة.

 

وقال فرانك ماكمانوس من لجنة الإنقاذ الدولية إن القيود على دخول الحديدة زادت في الحديدة خلال الأسبوعين الماضيين. في إحدى الحالات، لم يتسن إيصال الأدوية إلى عيادات صحية معينة. وفي حالة أخرى، لم يُمنح فريق صحي متنقل الإذن بزيارة بعض المواقع.

 

وأضاف "بعد اتفاق ستوكهولم مباشرة شهدنا تحسنا في الوضع الأمني لكن تلك الأيام قد ولت".


التعليقات