[ أربعة أعوام من الحرب في اليمن ]
يدخل النزاع في اليمن منذ تصاعده مع بداية عمليات التحالف بقيادة السعودية، عامه الخامس الثلاثاء، من دون أفق حقيقي لحل قريب، رغم الاختراقات السياسية والعسكرية المهمّة التي شهدها في الأشهر الـ12 الماضية.
فبعد نحو أربع سنوات من الضربات الجوية والقتال على الأرض، لا تزال قوات الحكومة المدعومة من قبل التحالف عاجزة عن الانتصار على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، بينما تهدّد الأزمة الإنسانية ملايين السكان بالمجاعة.
وتوصّلت السلطة المعترف بها دوليا والمتمردون في السويد في كانون الأول/ديسمبر إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الإستراتيجية المطلة على البحر الأحمر، بعد أسابيع من نجاح قوات الحكومة في دخولها لأول مرة.
وأثار الاتفاق آمالا لدى اليمنيين بالتوصّل إلى اتفاق سلام شامل في وقت قصير، خصوصا في ظل الضغوط الأميركية والدولية التي تعرّضت لها السعودية على خلفية قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول وتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
لكن الطرفين لم يحترما اتفاق الهدنة في الحديدة حيث يقع ميناء حيوي يعتمد عليه ملايين السكان، ولم يتبادلا الأسرى، ورفضا الانسحاب من المدينة الساحليّة بعدما تبادلا الاتهامات بخرق التفاهمات.
وقالت المحلّلة في "مجموعة الأزمات الدولية" إليزابيث ديكنسون لوكالة فرانس برس "تحقّق اختراق في السويد، لكنه كان في الحقيقة معنويا".
ورأت أن الاتفاق يواجه "تأجيلا وعقبات وتراجعا"، وتطبيقه على الأرض "لم يكن سهلا أو سريعا"، إلا أنه لم يمت بعد.
وبموجب الاتفاق، أوقفت القوات الحكومية حملتها العسكرية للسيطرة على مدينة الحديدة بعدما دخلتها من جهتي الشرق والجنوب في تشرين الثاني/نوفمبر لأول مرة منذ سيطرة المتمردين عليها في 2014.
لكن توقّف هذه الحملة التي تقودها الإمارات، الحليف الرئيسي في التحالف العسكري بقيادة السعودية، بدا رهنا بتنفيذ الاتفاق، وبالتالي انسحاب المتمردين من المدينة، ما يضع الحديدة أمام إمكانية عودة الحرب إلى شوارعها في أي وقت.
وفي 31 كانون الأول/يناير الماضي، هدّد التحالف بأنه سيستخدم "قوة أكبر" لدفع المتمردين اليمنيين لتنفيذ اتفاقات السويد.
من سوريا إلى اليمن
انعقدت محادثات السويد مع تزايد الضغوط على الدول الكبرى للتدخل لمنع حدوث مجاعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، وفي خضم أزمة جريمة قتل خاشقجي التي أضرّت بصورة المملكة، ما دفع بخبراء في الشأن اليمني للقول إن هذه المحادثات هي أفصل فرصة لوضع اليمن على طريق السلام.
وأثارت صور أطفال يمنيين يعانون من سوء التغذية بأجسادهم النحيلة للغاية والعاجزة عن الحركة استنكارا وغضبا في العالم، ما تسبب للسعودية خصوصا بإحراج، كونها أحد أبرز أطراف النزاع.
وفي واشنطن، صوّت مجلس الشيوخ الذي يُسيطر عليه الجمهوريّون في منتصف آذار/مارس لصالح نصّ يدعو إلى سحب القوّات التي تُقدّم الدعم للتحالف بقيادة السعوديّة في الحرب باليمن، إلّا في حال الحصول على إذن رسمي من الكونغرس.
وجاء ذلك بعد أشهر قليلة من إعلان القوات الأميركية وقف تزويد طائرات التحالف بالوقود في الجو، وسط ضغوط تصاعدت في خضم قضية خاشقجي.
ورغم هذه الضغوط، رأى الخبير في شؤون الدفاع والباحث في شؤون الأمن في جامعة سيدني ألكسندر ميترسكي أن "أطراف النزاع في اليمن، وبينهم التحالف بقيادة السعودية، لا يظهرون أي ضعف".
إلا أنه اعتبر أن الضغوط على التحالف يمكن أن تدفع نحو محاولة تحسين الوضع الإنساني فقط.
وأوضح "الضغوط الدولية المتصاعدة على التحالف بقيادة السعودية قد تفتح الباب أمام تدفّق مساعدات إنسانية أكبر في اليمن. كما أن هذه الضغوط قد تتزايد في حال انتقال الاهتمام من سوريا إلى اليمن".
تحدّيات وعقبات
والحرب في اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربيّة، مستمرة منذ 2014.
وأوقعت الحرب حوالى 10 آلاف قتيل منذ بدء عمليات التحالف في 26 آذار/مارس 2015، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، في حين تقول منظمات حقوقية مستقلة إن عدد القتلى الفعلي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.
وتسبب النزاع بأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة، التي تقول إن نحو 22 مليون يمني (ثلاثة أرباع عدد السكان) في وضع صعب إذ يحتاجون إلى مساعدة غذائية، وبينهم حوالى 14 مليونا نصفهم من الأطفال يواجهون خطر المجاعة.
والأربعاء، قالت رئيسة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه إن قتل وإصابة الأطفال في اليمن مستمر بوتيرة مقلقة رغم اتفاق الهدنة في الحديدة.
وأوضحت "منذ اتفاق ستوكهولم في 13 كانون الأول/ديسمبر، يُقدر بأن ثمانية أطفال يقتلون أو يصابون في اليمن يوميا".
وقتل 12 طفلا وعشر نساء في آذار/مارس الحالي في عمليات قصف أصابت منازل مواطنين في محافظة حجة الواقعة شمال غرب العاصمة صنعاء. واتّهم المتمردون طائرات التحالف بالوقوف خلف الهجوم.
وبينما يستمر القتال، يبدو اتفاق السويد، رغم هشاشته، الأمل الوحيد بإمكانية التوصل إلى حل ولو على المدى البعيد.
وقالت ديكنسون "اتفاق السويد حي ما دام الطرفان يفضّلانه على المواجهة العسكرية في الحديدة"، مضيفة "العقبات والتحديات ضخمة".