أحمد الشلفي يواصل سرد ذكرياته ويكتب: الإتجاه جنوبا.. الحراك
- متابعة خاصة الإثنين, 20 أبريل, 2020 - 03:21 مساءً
أحمد الشلفي يواصل سرد ذكرياته ويكتب: الإتجاه جنوبا.. الحراك

[ الكاتب الصحفي أحمد الشلفي ]

نجوت بحياتي أكثر من مرة منذانطلق الحراك الجنوبي .. بسبب تغطية تلك الأحداث .

 

كان حماسي كبيرا للعمل تحت الضغط والمخاطر فمنذ اللحظة الأولى لعملي في الجزيرة كان لدي اعتقاد إن العمل الصحفي يجب أن يغوص في أوجاع الناس وآلامهم وثانيا على الصحفي ألايكون ملتزما لأية سلطة مهما كانت المخاطر.

 

في العالم الثالث يبدو هذا التحدي ضربا من الجنون وتبدو كأنك في سباق مع الخطر.

 

هذا الخطر رافقني وزملائي في الجزيرة أثناء تغطياتنا لفعاليات الحراك الجنوبي من حضرموت إلى عدن إلى لحج إلى الضالع وأبين وغيرها .

 

ناصر النوبة من مؤسسي الحراك الجنوبي

 

انطلقت أول فعالية للحراك عام 2007م في عدن في ذكرى يوم الأرض بعد نفاد صبر الجنوبيين من ممارسات السلطة ضدهم وكان المتقاعدون العسكريون هم نواتها والاسم الأبرز الحاضر في ذاكرتي من قيادات تلك الفترة هو ناصر النوبة وحسن باعوم وناصر الخبجي وغيرهم.

 

بدءا كانت مطالب المتظاهرين أو المعتصمين لاحقا مطلبية بينها إعادة المسرحين العسكريين عقب حرب94م ومطالب حقوقية واقتصادية وكذلك إصلاح مسار الوحدة ثم بعد تعنت النظام وامعانه في مواجهة المتظاهرين وإطلاق الرصاص عليهم واعتقالهم تحولت المطالب إلى الإنفصال.

 

في أكتوبر من العام 2007م نظم الحراك فعالية ذهبنا لتغطيتها إلا أننا فوجئنا بأفراد الأمن في غرفنا بالفندق الذي نسكن فيه صادروا أجهزة الموبايل وتحفظوا على الكاميرات وأبقونا هناك حتى نهاية المهرجان الذي جئنا لتغطيته ولا أتذكر تماما الحوارات التي كانت تدور آنذاك مع ضباط الأمن.

 

ناصر الخبجي من مؤسسي الحراك الجنوبي

 

بالرغم من ذلك فقد عدت لحضرموت من جديد وقمت بتغطية مهرجانات ومظاهرات فيها أكثر من مرة.

 

لم نكن نفوت أية فعالية للحراك الجنوبي سواء بالتغطية من مناطق المظاهرات أو أية أحداث أخرى لكننا لم نكن ننال رضا المتظاهرين والمحتجين من الحراكيين فنحن بالنسبة لهم شماليون ومخبرون مع السلطة وغير مؤتمنين على تغطية المظاهرات وغير ذلك من التحريض في وسائل الإعلام والمنتديات الذي حولنا ايضا إلى اهداف متحركة للغاضبين من النظام ومن كل شيء شمالي عندما كنا ننزل لتغطية مظاهرات وأحداث الحراك الجنوبي.

 

تحول الحراك المطلبي إلى حراك انفصالي وصرناهدفا مباشرا للسلطات وصار القمع والقتل والإعتقال هو عنوان تلك الفترة لمواجهة مطالب الحراك الجنوبي باستقلال الجنوب.

 

حسن باعوم من مؤسسي الحراك الجنوبي

 

لم يكن الطرفان راضيان عن تغطية وسائل الإعلام في تلك الفترة وبخاصةالجزيرة التي كانت الأبرز في التغطية وكان ذلك يقودنا إلى محاولة إثبات أننا محايدون ومهنيون ونغطي فعاليات الجميع.

 

كانت الضالع ولحج من أكثر المحافطات التي تخرج فيها مظاهرات وكنا ننشر المظاهرات الأسبوعية للحراك وأخبار القتل والعنف ضد المتظاهرين وكنا نقضي أيامنا انا والزميل مراد هاشم ولاحقا الزميل حمدي البكاري بعد انضمامه للجزيرة في 2007م كمراسل في تلقي الاتصالات والتهديدات من كل الأطراف.

 

مرة اقترح عبده بورجي سكرتير صالح الإعلامي أن نغطي مظاهرة في الضالع لمتظاهرين مؤيدين للوحدة كما نغطي مظاهرات مؤيدة للإنفصال لإثبات حيادنا وأتذكر أني عبرت له عن مخاوفي من الذهاب إلى هناك فقال أنت تحت حمايتي وحين ستصل إلى هناك ستجد وكيل المحافظة عبدالله الحدي في استقبالك وتوفير الحماية لك.

 

الراحل عبدالقادر هلال

 

رغم المخاوف فقد قلت لنفسي لم لا إنها فرصة لتجنب غضب السلطة خاصة وأنه لم يكن هناك مظاهرات تؤيد الوحدة في الجنوب فمن يفعل ذلك سيكون عرضة للتحريض والملاحقة من قبل المتطرفين من أعداء الوحدة آنذاك.

 

صباحا مع سائق ومصور توجهنا إلى الضالع كانت السلطات تعرف تحركاتنا أولا بأول وعندما دخلنا منطقة سناح وأمام نقطة عسكرية تتبع الأمن انهال الرصاص ورأينا الإحجار الكبيرة تنهال على سيارتنا ولولا أن السائق تحرك بسرعة متجاوزا تلك النقطة لكنا أصبنا إصابات بليغة أو أكثر.

 

في أحدى المرات بعدن وبعد أن كلف صالح عبدالقادر هلال بملف الحراك الجنوبي لفترة التقيت هلال في مبنى إدارة إمن عدن ولا أتذكر العام بالضبط لكنني اتذكر أننا كنا ذاهبون لتغطية إحدى فعاليات الحراك فقامت قوات الأمن بمنعنا من الخروج من الفندق ولم تكن المرة الأولى التي تقوم قوات الأمن بذلك .

 

الفنان عبود خواجة

 

اتصل بي هلال وذهبت إلى مكتب إدارة الأمن بعدن وكعادته كان حصيفا وذكيا لكننا كنا نحصل على الصور رغم المنع ونعد الأخبار والتقارير من الفندق دون أي اعتبار لما تقوم به السلطات.

 

من بين الإعتداءات التي لحقت بطواقمنا في يونيو2009 كان الإعتداء على الزميل فضل مبارك الذي أصيب بشج بليغ في رأسه أثناء تغطية مظاهرات برنجبار بمحافظة أبين .

 

لاحقا صار من الصعب تغطية المظاهرات من داخلها بسبب حنق المتظاهرين من الجزيرة ومراسليها فقدكانت الحشود تزداد كل يوم وصار للحراك إعلامه وتلفزيونه وفنانوه وشعراؤه وكان التحريض يزاداد كل يوم وصار شعار الحراكيين أغنية عبود خواجة .

 

والله ورب العرش ما نخضع

للطاغي الفاسـد واعوانـه

لو السماء من فوقنـا تولـع

والكـون يتزلـزل ببركانـه

والله بعد اليوم مانرجع

لويفتحو مليون زنزانه

ياما نصحنا انسان مايسمع

كل ما نصحناه زاد طغيانه

ثورة قرعنا الطبل والمرفع

والشعب يتقدم بفرسانه

الشعب كله قال لك برع

يامن فقد قدره وميزانه.

 

استمرت فعاليات الحراك حتى مابعد ثورة2011م ففي فبراير من العام2013م كنت أيضا في تغطية لإحدى فعاليات الحراك برفقة الزميل أنيس منصور وقررنا الذهاب إلى ساحة المظاهرات التي كانت تشهد مواجهات بين قوات المتطاهرين وقوات الأمن وأثناءدخول السيارة انطلق وابل من الرصاص علينا دون أن نصاب بأذى .

 

ظل الفندق الذي دخلنا إليه محاصرا وكانت الشرطة والمتظاهرون يقتحمون المباني والفنادق المجاورة.

 

الصحفي أنيس منصور

 

هذا غيض من فيض ما كان يحدث في تلك الفترة من ملاحقات واعتداءات وحراك في محافظات الجنوب.

 

بعد سنوات من النضال السلمي للحراك الذي سبق كل حراكات الوطن العربي وكل مظاهرات المنطقة وبعد آلاف القتلى والجرحى أرى أن الحراك الذي انطلق في 2007م لم يعد كماكان ،لا شخوصه ولا آبائه الأوائل ولا توجهاته وأجنداته وتوزعت القضية الجنوبية بين أكثر من طرف وتفرق دمها بين المكونات والدول.


التعليقات