استعرض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعيد تسلمه منصبه مواقف إدارة الرئيس جو بايدن من قضايا خارجية في مقدمتها ملف إيران النووي، والوضع الإنساني في اليمن في ضوء قرار الإدارة السابقة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، والتطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، والعلاقة مع الصين.
ففي مؤتمر صحفي عقده أمس الأربعاء بمقر وزارة الخارجية بواشنطن في أول يوم عمل له بالوزارة، أبدى بلينكن استعداد واشنطن للعودة للاتفاق النووي مع إيران شريطة التزام الأخيرة ببنوده بشكل كامل، والعمل على التوصل لاتفاق جديد.
وقال إن الرئيس جو بايدن كان واضحا عندما قال إنْ عادت إيران للامتثال بخطة العمل المشتركة فسنفعل الأمر ذاته، مضيفا أنه "إذا قررت إيران العودة إلى الاتفاق النووي فسنشكل فريقا من الخبراء لدراسة الأمر".
وتابع "لم تعد إيران تحترم التزاماتها على جبهات عدة. اذا اتخذت هذا القرار بالعودة إلى التزاماتها فسيستغرق الأمر بعض الوقت، وثمة حاجة أيضا إلى وقت لنتمكن من تقييم احترامها لالتزاماتها. نحن بعيدون من ذلك، هذا أقل ما يمكن قوله".
وكان الوزير الأميركي يشير إلى تخلي طهران عن بعض التزاماتها بموجب اتفاق 2015، خاصة فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، وذلك ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، وعدم رفع العقوبات عنها.
وفي ما يتعلق باليمن، قال الوزير الأميركي إن الأولوية بالنسبة إليه هي قضية اليمن ومسألة الحوثيين فيه، وأضاف أن الخارجية الأميركية تنظر بشكل مستعجل ومستفيض في قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية.
وأوضح بلينكن أن وزارته تراجع بعض الخطوات التي تم اتخاذها خلال عهد الإدارة السابقة، مشددا على أهمية القيام بكل ما يلزم لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين.
وأشار إلى أنه يريد التأكد من أن وكالات الإغاثة الأميركية والأجنبية باستطاعتها إيصال المساعدات إلى اليمن.
وذكّر بلينكن بأن الحوثيين قاموا بما سماه عملا عدوانيا في صنعاء وانتهكوا حقوق الإنسان، وبأن العملية التي قادتها السعودية في اليمن أدت إلى حصول أسوأ أزمة إنسانية في العالم، على حد تعبيره.
وتحدث الوزير الأميركي أيضا عن التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، مؤكدا دعم بلاده هذا المسار، وقال بهذا الشأن "ندعم اتفاقات أبراهام وتطبيع العلاقات الإسرائيلية مع الجيران مهمة ونتمنى أن نبني عليها".
وفي ما يخص العلاقة مع الصين، قال بلينكن إن من مصلحة الولايات المتحدة التعاون مع بكين في ملفات مثل مكافحة التغير المناخي.
وذكر أن حكمه على أن الصين ارتكبت إبادة جماعية بحق المسلمين الإيغور في منطقة شينغيانغ لم يتغير.
من جهة أخرى، قال بلينكن إنه طلب من المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد أن يستمر في منصبه.
طمأنة العالم
وفي وقت سابق أمس الأربعاء، سعى وزير الخارجية الأميركي الجديد لطمأنة المجتمع الدولي الذي هزه الرئيس السابق دونالد ترامب، وصدم بالأزمة التي سبقت تنصيب الرئيس جو بايدن.
وقال بلينكن لدى وصوله إلى مبنى وزارة الخارجية، وعقب موافقة مجلس الشيوخ على تعيينه بأغلبية كبيرة، إن العالم بحاجة إلى القيادة الأميركية لحل المشكلات ومواجهة التحديات، وإن الإدارة الجديدة ستتولى هذه القيادة.
وأضاف -في مؤتمر صحفي له- أن واشنطن ستعمل ضمن سياستها الخارجية على حشد الآخرين نحو الخير، حسب تعبيره.
وقال أيضا "العالم يريد معرفة ما إذا كان بإمكاننا تضميد جراحنا كأمة" مضيفا أنه يترقب "ما إذا كنا سنقود العالم بفضل قوة نموذجنا".
وتابع بلينكن -الذي أمضى جزءًا من حياته المهنية في الخارجية حيث كان نائبا للوزيرة نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما- أنه شعر بأنه "عاد" إلى منزله، لكنه أقر بأن العالم قد تغير منذ رحيله قبل 4 سنوات، مشيرا بشكل خاص إلى الوباء وإلى "الحواجز" التي نُصبت في واشنطن بعد الهجوم العنيف الذي شنه أنصار ترامب على مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني الجاري.
وقال الوزير "إنه يوم جديد لأميركا، إنه يوم جديد للعالم" مضيفا "لم نشهد قط فترة كهذه. الرئيس مصمم على الخروج منها بأسرع وقت ممكن".
وأوضح أن "العالم بحاجة إلى قيادة أميركية، وسنضمنها، لأن العالم سيمكنه حل مشاكله ومواجهة تحدياته عندما تستجيب الولايات المتحدة" منتقدًا النأي بالنفس والنزعة الأحادية للدبلوماسية خلال ولاية ترامب.
وفي انتقاد آخر مبطّن لسلفيه الجمهوريين ريكس تيلرسون ومايك بومبيو، المتهمين بازدراء الدبلوماسيين أحيانًا والتخلي عنهم عند تعرضهم للتهديد أو للهجوم، وعد بلينكن بـ "الدفاع" عن موظفي وزارة الخارجية و"النهوض بهم".