التقارير الإنسانية .. اليد الخفية لابتزاز السعودية
- الرياض -العرب الأحد, 20 مارس, 2016 - 05:31 مساءً
التقارير الإنسانية .. اليد الخفية لابتزاز السعودية

اعتبر مراقبون أنّ تضخيم الأخطاء التي يقع فيها التحالف العربي في اليمن، لا يهدف بالدّرجة الأولى إلى تطويق هذه الأخطاء والدفاع عن نموذج “الحرب النظيفة”، بل إن الأمر يرتبط بأسلوب دأبت عليه بعض المنظمات الإنسانية التي يتم توظيفها كواجهة لابتزاز السعودية وبقية دول الخليج.
 
وأشار المراقبون إلى أن التقارير ذات الصبغة الإنسانية قفزت إلى الواجهة فجأة بعد شكوك عن استهداف طيران التحالف لسوق في اليمن منذ يومين، لكنّ معدّيها صمتوا عن حصار مدينة تعز والمعاناة الإنسانية الكبرى لسكانها طيلة أشهر.
 
واختفت هذه التقارير منذ 21 سبتمبر 2014 تاريخ سيطرة الحوثيين على صنعاء، ولم تعلّق إلا بشكل عابر أحيانا، على تصفية الخصوم السياسيين ومصادرة ممتلكاتهم، وتفجير دور العبادة، واستهداف المواقع المدنية بدوافع طائفية، والحملة المناهضة للصحافيين والمثقفين الذين عارضوا الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح.
 
وتساءل مراقب يمني عن سرّ سكوت المنظمات التي تدافع عن حقوق المدنيين على القصف الذي تتولاّه دول أخرى في أكثر من نزاع، مثل البراميل المتفجرة التي يلقيها نظام الرئيس السوري بشار الأسد على رؤوس المدنيين، أو الأخطاء المرافقة لقصف الطيران الروسي في سوريا، وقبله الطيران الأميركي في أفغانستان، والسجلّ واسع في خصوص هذه التجاوزات التي ترتقي إلى جرائم حرب في العراق منذ غزو 2003 وإلى الآن.
 
ويتزامن تضخيم خسائر الحرب ونتائجها على المدنيين مع وجود مؤشرات قويّة على اقتراب التوصل إلى حل سياسي للأزمة، وهو ما يثير الشكوك بشأن معارضة بعض الأطراف لوقف الحرب، وسعيها لإطالتها لتحقيق مكاسب بينها إجبار أطراف الأزمة على شراء مزيد من الأسلحة وبشروط مجحفة.
 
وأشار المراقب إلى أن تباكي الحوثيين على أوضاع المدنيين، والذي استندت إليه المنظمات الحقوقية في كتابة تقاريرها، هدفه خلق قضية هامشية تساعد على تأجيل الحسم العسكري في صنعاء، وربح الوقت على أمل الوصول إلى حل يحافظ على مكاسبهم الحالية. وقد انطلت الخطة الحوثية على المنظمات الحقوقية.
 
ودأبت منظمات حقوقية على شنّ هجوم على بعض دول الخليج، وخاصة السعودية، تحت شعارات حقوق الإنسان، ما يمكّن اليد الخفية التي تقف وراء تلك المنظمات من ابتزاز الخليجيين والحصول على صفقات اقتصادية وعسكرية دون أن تلتزم بأيّ مواقف مساندة لهم في ملفّات المنطقة.
 
لكن الأمر اختلف في الأشهر الأخيرة، خاصة مع وصول العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للحكم، حيث غيرت الرياض أسلوبها في التعاطي مع الأصدقاء على قاعدة المصالح، وليس على التحالفات الدولية التقليدية.
 
وبسبب خلافها الأخير مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي مع إيران وعدم التزام إدارة الرئيس باراك أوباما بمراعاة المصالح الخليجية في هذا الاتفاق، بادرت السعودية إلى تنويع حلفائها، اقتصاديا وعسكريا، ووقّعت على تفاهمات لصفقات كبرى مع كل من روسيا وفرنسا، فضلا عن باكستان والصين والهند كوجهة جديدة لاستثماراتها.
 
وتتخوف بريطانيا في الفترة الأخيرة من أن تتراجع السعودية على صفقات مهمة لفائدتها في ظل ضغوط يمارسها البرلمان الأوروبي وبعض المنظمات الحقوقية التي تنادي بوقف تصدير الأسلحة للرياض بسبب “أخطاء التحالف العربي” في اليمن.
 
وكانت السعودية وضعت السلطات البريطانية في وضع المتابع الدقيق لعمليات التحالف العربي في اليمن بانتداب مستشارين عسكريين بريطانيين للمراقبة والمتابعة، ما يجعل أيّ نقد يتوجه للرياض يمس آليا لندن التي ستجد نفسها في وضع يمنعها من مساندة الضغوط التي تمارس على السعودية أو السكوت عليها ما قد يقود إلى خسارة صفقات مهمة.
 
وكشف السفير السعودي في المملكة المتحدة الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز بداية مارس الحالي أن بلاده تستعين بمستشارين عسكريين بريطانيين للحصول على مساعدات في عملية الاستهداف وفي الجوانب القانونية في ضرباتها الجوية لمعسكرات الحوثيين في اليمن.
 
وصوّت البرلمان الأوروبي يوم 25 فبراير الماضي لصالح فرض حظر على بيع السلاح للسعودية وذلك على نطاق دول الاتحاد الأوروبي، لكن البريطانيين يقولون إنه لا يمكن الالتزام بهذا القرار لأنه غير ملزم للدول الأعضاء، فضلا عن أنه يستهدف مصالح الشركات البريطانية بالدرجة الأولى.
 
وتقتني السعودية معظم أسلحتها من الولايات المتحدة الأميركية، بيد أنها مرتبطة بعشرات من العقود الكبرى والتي تقدر قيمتها بالعشرات من المليارات من الدولارات مع الدول الأوروبية الكبرى، وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا.


التعليقات