أسدل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الستار على صراع دام مدة عام كامل، بينه وبين نائبه ورئيس حكومته المقال خالد بحاح بعد فصول من الخلافات الحادة، كادت أن تعصف بوحدة الحكومة الشرعية التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرا لها.
والأرجح أن قرار الرئيس اليمني بإقالة بحاح من منصبيه، وتعيين الفريق علي محسن الأحمر نائبا للرئيس وأحمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء لم يكن بالسهل، خاصة وأن نائبه المقال خالد بحاح ظل طوال الفترة الراهنة يراهن على عدم قدرة الرئيس المنتخب دستوريا على تغييره، بسبب علاقاته الوطيدة مع الأطراف الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«القدس العربي» إن مشادات دارت بين هادي ونائبه بسبب إصرار بحاح على تغيير الفريق السياسي الذي شكله الرئيس هادي، برئاسة عبد الملك المخلافي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، وقراره تغيير أسماء الوفد الحكومي المشارك في مفاوضات جنيف في جلسة عاصفة في الرياض استمرت عشر ساعات، وشهدت مشادات كلامية بين بحاح والمخلافي.
وأضافت المصادر أن بحاح رفض قبل صدور القرار بيومين توجيهات أصدرها الرئيس اليمني بصرف مستحقات مالية للجرحى ولدعم مدينة تعز، كما أعاق صرف مستحقات لوزارة الخارجية اليمنية.
وقال مسؤول حكومي يمني لـ«القدس العربي» إن الرئيس اليمني أبلغ مقربين منه أنه لم يكن أمامه سوى اتخاذ مثل ذلك القرار بعد أن وجد نائبه ورئيس حكومته يتجه في اتجاهات لا تخدم الشرعية ويعطل الكثير من الأعمال، وبرر هادي بحسب المصادر الخاصة قراره بالحفاظ على وحدة جبهة الشرعية قبل مفاوضات الكويت المقرر انعقادها منتصف الشهر الحالي بين الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة، ووفد الحكومة الشرعية من جهة أخرى. وذكر المسؤول ان الرئاسة كشفت عن مفاوضات سرية تديرها الولايات المتحدة، الهدف منها إعادة بحاح إلى صنعاء برعاية دول غربية وباتفاق مسبق مع الحوثيين.
وكان وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش عبر بطريقة غير مباشرة عن اعتراضه على ما وصفها بالقرارات المنفردة التي سبقت مشاورات الكويت.
وقال قرقاش في تغريدات على «تويتر» أن «الفرصة أمامنا تاريخية، فهي لحظة الإجماع الوطني لا القرار المنفرد، وهي لحظة مستقبل اليمن لا مستقبل الفرد أو الحزب، إدراك هذا الواقع ضروري».
مؤكدا أنه «في الطريق إلى النجاح في الكويت، لا يمكن أن نغلب المصلحة الضيقة، فردية أو حزبية، على حساب مصلحة اليمن ومكانه وموقعه في المحيط الخليجي».
ويأتي موقف الوزير الإماراتي في وقت ذكرت فيه مصادر أن البيان الذي أصدره بحاح رافضا فيه القرارات التي أصدرها هادي بعد موقفه السابق الذي أبدى من خلاله القبول والموافقة على القرارات جاء بعد إبلاغ الإمارات السلطات اليمنية رسميا احتجاجها على عدم قيام الرئيس اليمني بمشاورتها في اتخاذ القرار.
وتحدثت مصادر دبلوماسية أن هادي أبلغ جميع سفراء دول الخليج في اجتماع في الرياض قبل يومين أن خلافاته مع بحاح لا يمكن أن تستمر، وأن استمرارها سيسبب تصدعا في جبهة الحكومة، وسيكون له تأثيراته على العمل الميداني والعمل السياسي في وقت تحتاج فيه الحكومة ودول التحالف إلى التماسك والتوحد.
وأبلغ السفير الإماراتي في اليمن مسؤولين يمنيين أن دولته تفاجأت بالقرار الذي أطاح ببحاح، مؤكدا أن ذلك لا يخدم العمل المشترك بين الحكومة والتحالف.
وقالت مصادر إن اتصالات مكثفة أجرتها واشنطن للضغط على الرئيس اليمني لمراجعة قراره، لكن الرئيس قال إن القرار أصبح من الماضي، ولا عودة عنه، لأن ذلك سيمثل إضعافا لمؤسسة الرئاسة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، اتهم الرئيس هادي بتعقيد جهود بلاده لوقف اطلاق النار بشكل دائم في اليمن. وعبر كيري في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة البحرينية المنامة عن أمله في أن «تتخذ قرارات بغية تسهيل جهودنا في المضي إلى الأمام في المفاوضات» المزمع اجراؤها في الكويت، في الثامن عشر من نيسان/ ابريل الجاري.
وتتهم أوساط يمنية نائب الرئيس ورئيس الوزراء السابق خالد بحاح بإذكاء الرغبات الانفصالية داخل محافظة عدن ومدن الجنوب، وهو الأمر الذي يخالف توجه المملكة العربية السعودية التي تعمل على تكريس الوحدة اليمنية، باعتبار ذلك حماية لحدودها الجنوبية مع اليمن وحفاظا على استقرارها.
كما يتهمه سياسيون يمنيون بالوقوف وراء عدم تقدم القوات الإماراتية بعد تحرير عدن العام الماضي إلى تعز بحجة أن مقاومة تعز تتبع الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) بالاتفاق مع دول غربية.
وتشعر الإمارات بخيبة الأمل بسبب عدم قدرتها على السيطرة على الرئيس هادي، بعد سجالات حادة بين الطرفين على إثر رفض هادي طلب أبوظبي عدم زيارة تركيا في وقت سابق، وكذلك تعيينه الفريق علي محسن الذي تقول الإمارات انه ينتمي إلى الإخوان المسلمين نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، بالإضافة إلى عدم تجاوبه مع مطالبها بإقصاء الإخوان المسلمين من كافة المناصب بعد أن نفذ لهم طلب إقصاء نائف البكري محافظ عدن السابق، واستبداله بعيدروس الزبيدي كمحافظ لعدن، وشلال شائع مديرا للأمن.
وتسعى الإمارات إلى إلغاء الإخوان المسلمين الممثلين في حزب الإصلاح من الخريطة السياسية اليمنية بينما تتعامل المملكة السعودية معهم باعتبارهم أحد المكونات السياسية، وهو ما حدا بمراقبين للحديث عن وجود تباينات بين الطرفين. وعلق مراقبون بالقول إن السعودية لا تحبذ التنافس بينها وبين إحدى دول التحالف في مجالها الجغرافي والسياسي، وأنها أرسلت رسائل متعددة لكل دول التحالف بأن الملف اليمني هو ملف خاص بها، وأنها تريد الإستئثار به كليا، ويجب أن يبقى تحت قيادتها.