يوجّه اليمنيون أنظارهم صوب مباحثات السلام اليمنية في الكويت التي من المقرر أن تنطلق يوم غد الاثنين، كفرصة قد لا تتكرر لإخراج اليمن من حالة الاحتراب الذي عصف بالدولة وبمقومات البلاد ودفع ثمنه اليمنيون غاليا.
ويتطلع الكثير من اليمنيين إلى أن تكون مباحثات السلام في الكويت بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي صالح بمثابة قارب النجاة لليمن واليمنيين من الانهيار الكامل الذي يدفع بالبلاد نحو الهاوية، بعد أن طحنتها الحرب الدامية لأكثر من عام والتي عاش الناس فيها مرارة وغصة غير مسبوقة.
وذكر العديد من السياسيين لـ«القدس العربي» أنهم يتطلعون إلى أن تكون مباحثات الكويت بمثابة (بارقة الأمل) نحو إنقاذ اليمن من الحرب الراهنة وأن عوامل نجاحها أكثر من عوامل فشلها في ظل قناعة جميع الأطراف المحلية والاقليمية والدولية أنه لا مجال لاستمرار الحرب وأن أطراف الصراع أصبحوا جميعا منهكين ويتطلعون إلى مخرج مقبول لإنهاء الحرب.
وأرجعوا أسباب تفاؤلهم في احتمال أن تكون جولة الكويت إيجابية وتحدث تحولا نوعيا في مسار عملية السلام في اليمن، إلى الجدية من قبل جميع الأطراف في التعاطي الإيجابي مع هذه المباحثات حتى الآن، والتزامهم بالخطوات التمهيدية التي سبقت المباحثات رغم بعض الخروقات الطفيفة التي حدثت خلال الأيام الماضية قبيل انعقاد مباحثات السلام.
ويبدو أن مباحثات السلام اليمنية في الكويت تحظى باهتمام إقليمي ودولي بموازاة الاهتمام المحلي، لما يشكله الانهيار العسكري والأمني في اليمن من تأثير أمني وعسكري على الإقليم وعلى حركة الملاحة الدولية، التي تعبر عبر مضيق باب المندب الذي يطل عليه اليمن.
وقال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد في إحاطته إلى مجلس الأمن قبيل انعقاد المباحثات اليمنية «بعد أشهر من المفاوضات المتواصلة، تلقيت في التاسع من نيسان/أبريل الجاري، رسائل من الحكومة اليمنية، من أنصار الله ومن المؤتمر الشعبي العام وقد عبروا جميعا عن التزامهم بوقف كامل وشامل للأعمال القتالية في مختلف أنحاء البلاد».
وأوضح أنه بدأ تطبيق وقف الأعمال القتالية في اليمن في منتصف ليل 10 نيسان/أبريل كخطوة تمهيدية لمباحثات السلام لإعادة بناء الثقة بين الأطراف المتفاوضة، وقال «نأمل أن يؤمن ـ وقف إطلاق النار ـ بيئة مؤهلة للمناقشات وفرصة للتوسع أكثر في المساعدات الإنسانية حتى يعيد بصيص أمل لليمنيين التواقين إلى السلم والسلام».
وأضاف أن الاتفاق على وقف الأعمال القتالية حظي بدعم وطني داخلي كبير، وعينت كل من الحكومة اليمنية وأنصار الله (الحوثي) لجانا عسكرية محلية في المحافظات التي هي قيد النزاع للعمل مع لجنة التنسيق والتهدئة وضمان الالتزام، ولقد أشرفت المملكة العربية السعودية على هذا التوقيع كوسيط مراقب بطلب من الطرفين.
واشار إلى أنه رغم أن الأيام الأولى من وقف الأعمال القتالية شهدت تحسنا ملحوظا خاصة مع تراجع مستوى العنف في معظم أنحاء اليمن، إلا أنه لم يخل الوضع من أعداد مقلقة من الخروقات خاصة في محافظات الجوف وعمران ومأرب وتعز، وان القتال في تعز ما زال يستهدف المدنيين.
وألمح ولد الشيخ إلى أن انهيار الوضع الأمني في اليمن سيكون له انعكاسات على الوضع الأمني الدولي في محاولة منه لاستنهاض الدعم الدولي لمسار عملية السلام في اليمن، وقال «ان اليمن يواجه حربا عنيفة من جهة ومخاطر إرهابية من جهة أخرى، فالعمليات الإرهابية طبعت يوميات اليمنيين في معظم أنحاء البلاد.
ان مخاطر غياب الدولة يستغله الإرهابيون حتى يتمكنوا من القيام بأعمال تهدد أمن اليمن والعالم، وسوف يساعد وقف الأعمال القتالية في اعداد بيئة مؤهلة تحد من انتشار التطرف والعنف».
وشدد على أن الحل الكامل لمشكلة تنامي الإرهاب يتضمن إجراءات إضافية طويلة الأمد في اليمن. وقال ان المحادثات في الكويت «تهدف إلى التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الصراع واستئناف حوار وطني جامع وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015) وقرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة».
وأوضح أن هذه المحادثات سوف ترتكز على إطار يمهد للعودة إلى انتقال سلمي ومنظم بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وأضاف «سوف أطلب من المشاركين ـ في المباحثات ـ وضع خطة عملية لكل من النقاط التي سوف ننطلق منها وهي الاتفاق على إجراءات أمنية انتقالية، وانسحاب الميليشيات والمجموعات المسلحة وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة، وإعادة مؤسسات الدولة واستئناف حوار سياسي جامع، وإنشاء لجنة خاصة للسجناء والمعتقلين».
مشيرا إلى أن هذه البنود هي المنبثقة عن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 وتبني على ما تم مناقشته والاتفاق عليه مبدئيا في بيال في كانون أول/ديسمبر 2015.