[ يمنيات في ضواحي صنعاء أجبرن على المشاركة في فعالية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي) ]
في وقت يأمل فيه اليمنيون أن تسفر المساعي الإقليمية والأممية عن مسار للسلام يطوي المعاناة التي يكابدونها منذ أكثر من ثمانية أعوام، تستمر الجماعة الحوثية في إهدار مزيد من الأموال لصالح تنظيم فعالياتها ذات الصبغة الطائفية، حيث تستغلها لغرض الاستقطاب والتعبئة.
وقدرت مصادر مطلعة في صنعاء قيام الجماعة الحوثية خلال العشرة الأيام الماضية بإنفاق ما يعادل مليون دولار للاحتفال بثلاث مناسبات ذات صبغة طائفية، حيث أقامت نحو 370 فعالية في صنعاء وغيرها من المناطق.
وبالتوازي مع إحياء الجماعة سلسلة ندوات وأمسيات مكثفة في المساجد وقاعات المناسبات، ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن غالبية المدن والقرى تحت سيطرة الجماعة شهدت تنظيم عشرات الفعاليات بمناسبة ما يسمى يوم «القدس العالمي»، وذكرى مقتل الخليفة علي بن أبي طالب، بينما يعاني غالبية السكان في مناطق قبضتها من المجاعة والفقر المدقع جراء الانقلاب، والحرب التي أشعلت فتيلها.
وكان قادة في الجماعة الحوثية عقدوا سلسلة لقاءات واجتماعات منفصلة مع مسؤولين موالين لهم في صنعاء وبقية المحافظات، دعوا خلالها مشرفيهم والقائمين على إدارة الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية المختطفة في صنعاء وبقية المناطق إلى تنظيم الفعاليات المتنوعة مقابل ملايين الريالات، مع إجبار السكان على تقديم الدعم والمشاركة القسرية فيها.
وفي حين ضجت وسائل إعلام حوثية بتكريس برامج على صلة بتلك المناسبات، سارع مسؤولون ومشرفون في الجماعة إلى إحياء الفعاليات على مستوى المحافظات والمديريات والقرى القابعة تحت سيطرة الجماعة.
وتحدثت مصادر مقربة من دائرة حكم الجماعة بصنعاء لـ"الشرق الأوسط"، عن إقامة الحوثي أكثر من 370 فعالية ولقاء وأمسية سياسية ودورات تعبوية في عموم المدن تحت سيطرتها، حيث بددت الجماعة من أجلها أكثر من 630 مليون ريال يمني نحو (مليون دولار).
وأكدت المصادر أن محافظة صنعاء تصدرت قائمة المحافظات تحت سيطرة الجماعة فيما يتعلق بإقامة الفعاليات والأمسيات احتفاء بالمناسبات، تلتها العاصمة صنعاء، ثم جاءت بعدها بالترتيب محافظات كل من صعدة، وذمار، وعمران، وإب، والمحويت، وحجة، وريمة.
وكانت مصادر مطلعة ذكرت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أنه يستفيد من تلك المبالغ المخصصة لإقامة الفعاليات الأتباع والموالون للجماعة دون غيرهم من اليمنيين الذين يواجه الملايين منهم منذ ثماني سنوات أعقبت الانقلاب خطر المجاعة وتفشي الأوبئة القاتلة، مع حرمانهم من رواتبهم وأبسط مقومات الحياة المعيشية.
ونظراً لصعوبة الحياة المعيشية التي لا تزال تعصف بملايين اليمنيين في صنعاء ومناطق أخرى، ندد ناشطون وسكان في صنعاء باستمرار الميليشيات في ابتداع المناسبات التي تهدف لسرقة ما تبقى من أموال اليمنيين وموارد دولتهم ومؤسساتها المختطفة.
وتحدث بعضهم لـ«الشرق الأوسط» عن بعض معاناتهم، ومن بينها ارتفاع الأسعار، ونسب الجوع والفقر والبطالة، وانعدام الخدمات الأساسية في ظل ما قالوا عن استمرار مصادرة الجماعة للمرتبات، وعدم اهتمامها بما يتعرضون له حاليا نتيجة مخاطر سيول الأمطار.
واستهجن موظف حكومي في صنعاء استمرار انشغال الميليشيات بابتكار مزيد من الفعاليات للاحتفال بها في وقت لا يزال فيه ملايين اليمنيين يعانون من أزمات اقتصادية ومعيشية حرجة.
وأفاد بأن اليمنيين في صنعاء وغيرها يشكون كل يوم بحرقة وألم من تصاعد معاناتهم جراء تعدد المناسبات الحوثية التي يصاحب كل مناسبة منها قبيل انطلاقها الإجبار على الحضور، وشن حملات ابتزاز ونهب وجباية بزعم توفير التمويل لإقامتها.
وكانت الجماعة الحوثية أقامت خلال أسبوع من الشهر الفائت أكثر من 180 فعالية ذات صبغة طائفية بذكرى «يوم الصمود»، وخصصت لها أكثر من 250 مليون ريال يمني (نصف مليون دولار)، فضلا عن إنفاقها مزيداً من المليارات على بقية المناسبات طوال أشهر العام.
ويرى حقوقيون في صنعاء أن المناسبات الحوثية من قبيل ما يسمى «يوم الصمود» وذكرى «الصرخة الخمينية»، وذكرى الانقلاب، وما يسمى «أسبوع الشهيد» و«ميلاد الزهراء»، و«يوم الولاية»، و«عاشوراء»، وذكرى مقتل مؤسس الجماعة ومقتل الصماد، وغيرها، باتت كابوساً مرعباً لملايين اليمنيين لارتباطها بحملات الابتزاز والقمع والجباية، والإجبار على المشاركة قسرا فيها.