[ الجراد هاجم العديد من المناطق في اليمن (فرانس برس) ]
تستمر أزمة الجراد بالتصاعد في اليمن نتيجة وصول العديد من الأسراب وانتقالها من مكان إلى آخر في ظل محدودية وسائل المكافحة مع تعاظم أخطار الغزو المتواصل للجراد الصحرواي تحديدا وتهديده لمصادر الأمن الغذائي في البلاد.
وحذرت الجهات الحكومية المختصة من استمرار انتشار الجراد في مناطق التكاثر الصيفية التي تشهدها عدة محافظات، ما يشكل بؤرا خطيرة لانتشار هذه الآفة واتساع تهديداتها للزراعة في اليمن ودول الجوار.
خبير مختص في مركز مراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي التابع لوزارة الزراعة والري في صنعاء، رفض ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن أسراب الجراد الصحراوي المتدفقة إلى اليمن منذ منتصف يوليو/ تموز قادمة من السعودية، ليرتفع التدفق إلى نحو 7 أسراب جراد وانتشارها في بعض مناطق المحافظات الشمالية والشمالية الشرقية مثل صعدة والجوف ومأرب مع وصولها إلى مناطق في صنعاء.
تشهد السعودية حالة تفش للجراد الصحراوي منذ شهر فبراير/ شباط الماضي نتيجةً للأمطار الغزيرة والفيضانات التي حصلت في أواخر ديسمبر
وتشهد السعودية حالة تفش للجراد الصحراوي منذ شهر فبراير/ شباط الماضي نتيجةً للأمطار الغزيرة والفيضانات التي حصلت في أواخر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، 2022، ويناير/ كانون الثاني وإبريل/ نيسان 2023، ما جعل الظروف البيئة مثالية لتكاثر الجراد.
المزارع من محافظة صعدة المحاذية للسعودية شمال اليمن حاشد عباس يذكر لـ"العربي الجديد"، أن انتشار الجراد الصحراوي بدأ مبكراً في مناطقهم منذ نهاية يونيو/ حزيران الماضي بأعداد كبيرة تفوق قدراتهم على مكافحتها والسيطرة عليها.
من جانبه، يقول ياسين الوهبي، وهو أحد المزارعين في محافظة الجوف، شمال شرقي اليمن، لـ"العربي الجديد"، إن الجراد الصحراوي مشكلة كبيرة تؤرقهم سنوياً، خصوصاً في فصل الصيف الذي يتخلله تدشين زراعة عدد من المحاصيل كالحبوب على وجه التحديد.
في حين يتطرق المزارع باكر عمران، من محافظة مأرب، إلى ما يسببه الجراد من أضرار فادحة وخسائر في المحاصيل الزراعية، إذ يضاف ذلك إلى عديد المشاكل والتحديات التي تواجههم بفعل الحرب والصراع في اليمن منذ العام 2015 والتغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.
ويؤكد مركز مراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي قيامه بتنفيذ العديد من الأنشطة الخاصة بالمكافحة والمسح والرصد تركزت في المحافظات التي تعاني من ظهور وتدفق بؤر التكاثر بمستويات خطيرة تصل إلى التسبب بأضرار وخسائر فادحة في المحاصيل الزراعية.
وزارة الزراعة والري في العاصمة صنعاء: دخول الجراد إلى اليمن من عدة اتجاهات ضاعف صعوبة تتبعه والسيطرة عليه
الباحث الزراعي عبد العزيز القطيبي يوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تجدد انتشار الجراد من وقت لآخر يفاقم أزمة القطاع الزراعي في اليمن بالنظر إلى ما يشكله من مخاطر في تقليص مصادر الغذاء والإضرار بالإنتاجية الزراعية وإضعافها بنسبة تتخطى 30%.
ويلفت القطيبي إلى أن تقييم جهات ومراكز الرصد المعنية تثبت أن الظروف البيئية في الوقت الراهن ملائمة لتكاثر الجراد.
ويشكل اليمن أرضا خصبة لتكاثر الجراد الصحراوي، إذ شهدت البلاد فورانا غير مسبوق للجراد الصحراوي خلال العامين 2019 و2020، ويرجع سبب ذلك إلى التغيرات المناخية وما عاشته البلاد من أعاصير، والتي تركزت بشكل أكبر في سواحل اليمن الشرقية.
وتقول وزارة الزراعة والري في العاصمة صنعاء إن دخول الجراد إلى اليمن من عدة اتجاهات ضاعف صعوبة تتبعه والسيطرة عليه من قبل الفرق الميدانية، إلى جانب شح الإمكانيات بالمركز الخاص بالرصد والمكافحة وعدم وتوفر ميزانية طارئة لمواجهة غزو أسراب الجراد.
في المقابل، ينوه مركز مراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي بالدور الذي تقوم به الفرق الميدانية التي تم تشكيلها في المحافظات المعنية.
وتوقع المركز توافد أسراب الجراد خلال الأيام القادمة والاستمرار في الطيران حتى تصل إلى مرحلة وضع البيض في مناطق التكاثر ذات التربة الرطبة.
الباحث الاقتصادي جمال راوح يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن الجراد يعبث بالمناطق الزراعية اليمنية بصورة واسعة ومدمرة خصوصاً في المناطق الريفية التي تفتقر للخدمات ولا تصل إليها فرق المكافحة التابعة لوزارة الزراعة ومركز الرصد والمكافحة، مشيراً إلى أن خطر الجراد لا يقل تأثيراً عن التحديات الأخرى الناتجة عن التغيرات المناخية، كالجفاف والفيضانات وانتشار الحشرات والآفات النباتية.
وحسب الجهات الحكومية المختصة بالزراعة ووقاية النبات، فقد عانى اليمن من آفات نباتية مهاجرة عابرة للحدود بشكل تصاعدي خلال السنوات الماضية، منها آفات مثلت خطرا دائما على المحاصيل كونها تهاجمها في مختلف المواسم الزراعية.
ويجد خبراء زراعة صعوبة بالغة في التنبؤ بموجات الجراد ومعرفة مدى التكاثر الحالي في اليمن وذلك بسبب حالة انعدام الأمن السائدة في البلاد والتي تجعل من الصعب على فرق المسح الدخول إلى معظم المناطق. ومع جفاف الكساء النباتي يصبح من المرجح تشكل مزيد من أسراب الجراد الصغيرة، الأمر الذي يتطلب تكثيف عملية المراقبة الدقيقة في جميع المناطق المتضررة، خلال الأشهر القليلة المقبلة، لمنع هذه الحشرات من تشكيل أسراب كبيرة مدمرة.