[ وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح ]
نعى الوسط الصحفي رحيل الكاتب الصحفي المخضرم، محمد المساح، صاحب أشهر عمود صحفي لعدة سنوات في صحيفة الثورة "لحظة يا زمن".
وتوفي مساء الجمعة، الكاتب والصحفي اليمني الشهير، محمد المساح، عن عمر ناهز الخامسة والسبعين عامًا.
وذكرت مصادر مقربة من الصحفي أن المساح توفي في قريته بمنطقة العزاعز التابعة لمحافظة تعز، إثر تدهور حالته الصحية.
ويُعدّ المساح من أبرز أقلام الصحافة اليمنية، حيث اشتهر بعموده اليومي "لحظة يا زمن" الذي ظل يكتبه لعدة عقود في الصفحة الأخيرة من صحيفة الثورة الصادرة في صنعاء.
وكان المساح قد اضطر للانتقال إلى قريته في السنوات الأخيرة، هربًا من ظروف الحرب في اليمن، وانقطاع المرتبات، وانعدام المساحة الحرة التي كان يتمتع بها في عموده الصحفي.
رحل المساح تاركًا خلفه إرثًا صحفيًا ثريًا، تميز بالجرأة والصراحة وملامسة هموم المواطن اليمني.
ونعى العديد من المثقفين والصحفيين اليمنيين المساح، معتبرين وفاته خسارة كبيرة للصحافة اليمنية.
وفي سياق النعي قال سفير اليمن في لندن ياسين سعيد نعمان، "في رابطة الطلبة اليمنيين في القاهرة ، في السبعينات من القرن الماضي ، كان صوت محمد المساح مميزاً من بين كل الأصوات التي لا تقبل الرتابة في النشاط الطلابي ، وهي الأصوات التي كانت ترى أن هذا النشاط إنما يتجدد بالتفاعل مع ما يشهده اليمن من صراعات ، ومن تغيرات وتبدلات سياسية واجتماعية".
وأضاف "في كل فعالية سياسية تقيمها رابطة الطلبة كان المساح حاضراً وفعالاً بصورة لا تخلو من المشاكسة التي تضمر رأياً لا يحتاج إلى جهد كبير لتمييزه ، فقد كان واضح الكلمة والمعنى".
وتابع "كان المساح وهو طالب يسابق الزمن كي يتخرج ليغادر حالة الشقاء التي عاشها، ثم وقد تبوأ مكانة في الاعلام أخذ يطالب الزمن بالتريث والانتظار حتى يأخذ اليمن الوقت الكافي للخروج إلى العصر".
وأردف نعمان بالقول "لكن الزمن استهلك الاحلام ومعها اليمن ، ورحل المساح ، وسيظل نداءه الذي خاطب به الزمن ،" لحظة يا زمن" - حينما بدا له أن اليمن يسير بخطى أبطأ من حراك الزمن - لسان حال اليمنيين إذا لم ينتبهوا لحقيقة أن الزمن لا ينتظر أحداً".
وكيل وزارة الخارجية السابق، مصطفى النعمان، كتب "تعرفت على الراحل جميل الروح بديع القلم محمد المساح في "المفرج" حين كان يتردد للقاء صديقه اخي الراحل الشهيد محمد احمد نعمان.. كنت اتابع يافعاً السخرية الجادة بينهما والضحكات التي تصحب تعليقاتهما على ما يحدث".
وأضاف "كنت اتهيب الحديث اليه لعلمي انه أكثر فهما وإدراكا للتاريخ والأدب.. ثم اتذكر حضوره حزيناً باكياً للعزاء في اغتيال صديقه محمد في 28 يونيو 1974".
وتابع "انقطعت عنه إلى ان اتصل بي صديقي الأثير ساميّ غالب ليذكرني بمحمد المساح في الايام الأخيرة من شهر رمضان.. تواصلت مع المساح وتحدثت اليه وابنته التي كانت تقوم على رعايته.. كانت آخر مكالمة بيننا قبل اسبوع وكان صوته خافتا لكأنه كان يودعني".
وختم النعمان بالقول "رحم الله صاحب (لحظة يا زمن) ولعنات الله على سلطة لا تكترث إلا لمراعاة اللصوص والفاسدين وحملة السلاح وتتجاهل كل صاحب فكر حر غير مداهن لكنها لن تتأخر عن التعزية فيه والإشادة بمناقبه واعتماد مرتب شهري لاسرته".
الصحفي محمد سعيد الشرعبي هو الآخر نعى المساح بالقول "لن نقول بأن رفاقه الأوغاد خذلوه إلى آخر رمق، هو لا يكترث بهم أساساً ولا ينتظر منهم موقفاً فقد خبرهم كثيراً ولو تظاهر بعضهم بالقرب منه، ومحبته، وذرفوا دموع الزيف الكاذبة على فيسبوك".
وأضاف القصة المؤلمة هو أن ما عرفته وتألمت له، عاش صاحب العمود الصحفي الشهير (لحظة يا زمن) سنوات الحرب حزيناً وحيداً منتظراً عودة ولده سامح الذي غادره مجبراً بحثاً عن لقمة عيش، وانقطعت اخباره في الحدود اليمنية السعودية.
وزاد "عاش وجعه لوحده ولم يشرك أو يشترك معه أحد ألم الفقد ومرارة البحث ولهفة ترقب العودة أو معرفة المصير، وهذه برأيي آخر طعنة يتلقاها صاحب القلب الأبيض من اللحظة التعيسة".
الأكاديمي وديع العزعزي، كتب "وداعا لحظة يا زمن.. الأستاذ والصحفي القدير محمد المساح واحد من أشهر الصحفيين اليمنيين وصاحب العمود الصحفي الشهير لحظة يا زمن في صحيفة الثورة ، توقف قلبه الليلة وغادر دنيانا إلى رحمة الله".
وقال "خالص تعازينا الحارة لاسرته سميح المساح و سهيل المساح وكافة محبيه، ونسأل الله أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته".
في حين قال الكاتب الصحفي عبد الرحمن بجاش، "المساح وحيداً مثل لحن مكسور، الآن يا ابن قاسم بجاش، عليك ان ترفع الراية البيضاء، مات المساح، مات رفيق العمر وصديق الحرف وتوأم الساعة الأخيرة من الزمن الحزين".
وأضاف بجاش وكان رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الثورة "الان يا أبا حسام بات ظهرك مكشوفاً للنسور الجائعة وللصقور البعيدة في هذا الفضاء التعيس، أعرف حجم حزنك الذي لا يسعه بحر ولا يحده مد ولا جزر".
وزاد "ذات يوم عام 1997 أخبرتني انه علامة فارقة وأنه رقم كبير وأنه الأستاذ بلا منازع، قلت لي عن المساح كيف كان يطوي أشرعة الحنين ليعود بك إلى مقاهي التحرير وأزقة علي عبدالمغني".
واستدرك "آخر الانقياء والأوفياء والزملاء، قد ترجل عن جواد غربته، ليقول لك، أن الف ريال لعمود (لحظة يا زمن ) لم يعد يكفي يا عبدالرحمن، ليقول لك ، ان زرع قلبه ، حين غاب و لم يعد الى قريته المنسية ، قد أتلف روحه و ادمع عينيه و انه صار منذ تلك اللحظة قد كبر الف عام ، و مات الف مرة".
مندوب اليمن لدى اليونسكو محمد جميح علق بالقول "محمد المساح صاحب عمود "لحظة يا زمن" لم ينتظر لحظة.. يتوارى مثقفو هذه البلدة، يتدثرون بسُجُف الموت، ولا يمهلهم الزمن لحظة".
وأضاف "مر المساح على الحياة خفيفاً كلحظة، ولكن مليئاً كزمن، ترك وراءه اللصوص والمليشيات والوطنيين الجدد و"أولياء الله" الطالحين، وذهب إلى الله".
الكاتبة أمنة النصيري اكتفت بالقول "في وداعة الله ، سوف نفتقدك في رحلتك الأخيرة ، لم يعد في الزمن لحظة تتمسك بها ، أو تستدعيها في الوطن الذي بات خرابة كبيرة ، مع الله يامحمد المساح".
النائب البرلماني علي المعمري، قال "ترجل عن دنيانا الفانية الكاتب الكبير محمد المساح، بعد عقود من الحضور المتوهج في عالم الصحافة والأدب".
وأضاف "جاءت لحظته وقد عرفناه لأعوام طويلة في عموده الشهير "لحظة يا زمن" في أخيرة صحيفة الثورة، رحم الله المساح، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان".
الكاتب الصحفي عبدالعزيز المجيدي نعى المساح بالقول "وداعاً أستاذنا الكبير محمد المساح، كنتَ بحاجة لأن يمنحك الزمن مهلة أو"لحظة" أخيرة، لتعرف على الأقل ما الذي جرى لـ "سامح"، قصة اليمني التي لم يكتبها أحد".
وأضاف "كنتَ بحاجة لتلك اللحظة المكثفة بالحكي عن الإنسان العادي، العابر، وهو يذوي أو"يضيع" في زحمة الدم دون أن ينتبه له سواك، رحمة الله تغشاك، خالص العزاء لأسرتك.